في اشارة إلى علاقات اميركية فرنسية اوثق بعد توتر العلاقات بين البلدين بسبب حرب العراق استضاف الرئيس الاميركي جورج بوش نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي على غداء غير رسمي بمنزل العائلة في مين. وهذه دعوة نادرة اذ ان بوش لم يوجه الدعوة لاي رئيس اخر الى منزل عائلته المطل على البحر في مين الا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو في محاولة لتهدئة التوترات المتزايدة بسبب خطط الولاياتالمتحدة الدفاعية الصاروخية في اوروبا. وتأمل الولاياتالمتحدة ان تتحسن العلاقات مع فرنسا تحت قيادة ساركوزي بعد ان اصيبت العلاقات بالفتور اثناء فترة حكم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي ابدى معارضته لغزو العراق عام 2003. وقالت دانا برينو المتحدثة باسم البيت الابيض ان 'الجغرافيا' لعبت دورا في تحديد كينيبونكبورت كمكان لعقد الاجتماعين مع الزعيمين خلال فصل الصيف الحالي، اذ ان ساركوزي يقضي عطلة في نيوهامبشير القريبة وبوتين كان متوجها الى اميركا اللاتينية. ووجه بوش الدعوة لساركوزي وزوجته سيسيليا خلال اجتماع مجموعة الثماني في المانيا في يونيو. وقالت برينو 'انه غداء غير رسمي.. ولكن مثلما يجتمع زعيم عالمي مع اخر قد تجرى مناقشة قضايا'. وتابعت مشيرة الى الجهود في مجلس الامن بشأن لبنان والسودان وايران 'بالطبع نحن نعمل عن كثب مع فرنسا حاليا بشأن مجموعة من القضايا'. صديق أوروبي جديد وبعيدا عن الحفاوة العائلية: اعرب عدد من الخبراء عن اعتقادهم بأن اللقاء بين بوش وساركوزي سيعمل على تكريس الاخير 'صديقا اوروبيا جديدا' لبوش الذي فقد حلفاءه رؤساء الوزراء البريطاني طوني بلير والايطالي سيلفيوبرلوسكوني والاسباني خوسيه ماريا اثنار. ويقول سيمون سرفاتي من المركز الدولي والاستراتيجي للدراسات في واشنطن ان بوش 'يبحث عن اصدقاء شخصيين في اوروبا بعد فقدان بلير واثنار وبرلوسكوني في حين ان (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ليس على مستوى ما كان يامله'. من جهته، يقول دومينيك مويسي من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية ان ساركوزي 'يعرف ان هناك فسحة اعلامية يجب ان يستغلها. فبلير خرج من السلطة وبوتين موجود منذ مدة طويلة. لقد حان وقت ساركوزي اذن'. الرجل القوي الجديد واذا كانت حرب العراق اضعفت بوش، فان ساركوزي اصبح الرجل القوي الجديد في اوروبا بعد سماحه بمناقشة مصير المؤسسات في الاتحاد الاوروبي واحتلاله مكانة مميزة في الافراج عن الممرضات البلغاريات اللواتي كن محتجزات في ليبيا. وقد اثار انتخابه في مايو الماضي حرصا كبيرا من قبل الجانب الاميركي خصوصا بعد التوتر الحاد ازاء العراق عام 2003. فقد قاد الرئيس السابق جاك شيراك جبهة الرافضين للحرب ولم يتوصل الى التفاهم مع نظيره الاميركي. ساركو الأميركي ويتمتع الرئيس الفرنسي الجديد (52 عاما) وهو نجل مهاجر مجري، بالحيوية ويعرف بانه مقرب من الاميركيين مما ادى الى تسميته ب'ساركو الاميركي'. ويوضح سرفاتي في هذا الصدد ان 'التوترات الشخصية خلال الاعوام الخمسين الاخيرة بين غالبية الرؤساء الفرنسيين والاميركيين لم تعد موجودة'. ويشير الى ان قرار ساركوزي قضاء عطلته في الولاياتالمتحدة 'هو امر لا سابق له' كما ان اختياره منزلا يبعد عشرات الكيلو مترات عن مقر اقامة بوش 'ليس مصادفة دون ادنى شك'. نهاية فرنسا الديجولية بدوره، يقول مويسي ان 'فحوى الرسالة هو التالي: نهاية فرنسا الديجولية. وفرنساالشابةالجديدة من دون تعقيدات التي ترونها امامكم ترغب في مزيد من العمل مع الولاياتالمتحدة'. من جهته، وصف البيت الابيض اللقاء بانه 'عصر جديد من العلاقات'. لكن سرفاتي يعتبر ان 'العلاقات على مستوى الدولتين بدات بالتحسن قبل ثلاث سنوات'. ويقول دبلوماسي فرنسي 'هناك رغبة حقيقية من الجانب الاميركي' لتحسين العلاقات، موضحا ان التقارب مع الولاياتالمتحدة حول لبنان وايران وافغانستان او مكافحة الارهاب يسبق الانتخابات الرئاسية الفرنسية بسنوات. ويضيف 'اما بالنسبة للمفاوضات التجارية او حول المناخ، فان الخلافات لم تنحل بعد'. التغيير ليس في العمق ويوضح مويسي 'هناك تغيير في الاجواء لكن ليس بالضرورة في العمق' مشيرا الى ان التقارب حول دارفور الذي يشكل اولوية جديدة لفرنسا لايزال 'غير واضح نسبيا'. ويقول الخبراء انه يتعين على ساركوزي في علاقاته الشخصية الجديدة مسايرة الاوروبيين وعدم التصرف بشكل 'فردي' مع بوش. ويشير مويسي الى ان ساركوزي 'سبق ان اثار حساسيات في اوروبا' في مسالة الممرضات البلغاريات. ومن جهته، يقول فرنسوا هيسبور من معهد الابحاث الاستراتيجية ان الرئيس الفرنسي يواجه مشاكل اخرى 'لان الصداقة الشخصية مع بوش قد تشكل خطرا اذا لم يتخذ خطوات انفتاح' باتجاه المرشحين لخلافة الرئيس الاميركي عام 2008.