جاء اختيار حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا لوزير الخارجية عبد الله جول كمرشح للحزب الحاكم لمنصب رئيس الجمهورية الحادى عشر بعد طول ترقب وانتظار ومعارضة من اليساريين والعلمانيين والقوميين لوصول سياسى ذى توجه إسلامى لرئاسة البلاد . وقد أعرب رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان عن ثقته بأن البرلمان التركى سيصادق على اسم مرشح الحزب الحاكم ، مُشيراً إلى أنه سيكون جهة محايدة ويسير على خُطى أتاتورك وجمهورية تركيا العلمانية الديمقراطية ، كما أعرب أردوغان عن ثقته بأن جول سيجد قبولاً من جميع أعضاء البرلمان ، ويوحد صفوف الشعب ، كما أنه قادر على تمثيل تركيا فى الداخل والخارج ، واصفاً جول بأنه رفيق الدرب وشارك فى تأسيس حزب العدالة والتنمية . ومن جانبه أكد عبد الله جول البالغ من العمر 57 عاماً على التزامه بمبادئ العلمانية فى حالة انتخابه رئيساً لتركيا وأن الجميع سيرى أن الديمقراطية تطبق فى تركيا تطبيقاً كاملاً . ومن المقرر أن يتم التصويت داخل البرلمان على أربع مراحل لاختيار خليفة الرئيس التركى الحالى نجدت سيزر وستجرى المرحلة الأولى يوم الجمعة 27 أبريل 2007 ، ويتعين أن يحصل المرشح فى المرحلتين الأولى والثانية على ثلثى أصوات نواب البرلمان البالغ عددهم 550 نائباً ، وإذا لم يتمكن أى مرشح من الحصول على هذه النسبة يتعين الفوز فى المرحلة الثالثة بالأغلبية المُطلقة التى تستلزم 276 صوتاً ، أى نصف عدد مقاعد البرلمان زائد واحد ، وإذا لم يتحقق ذلك يفوز من يحصل على أعلى الأصوات فى المرحلة الرابعة والأخيرة ، أما إذا تساوى جميع المرشحين فى الأصوات فإن رئيس الجمهورية يستخدم صلاحياته الدستورية فى هذه الحالة لحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة . وقد أثير جدل كبير حول نية رئيس الوزراء أردوغان ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة التركية ، حيث لقى معارضة شديدة من العلمانيين واليساريين الذين تحركوا فى الشارع فى مظاهرات بلغ عددها 300 ألف شخص ينتمون إلى 300 منظمة مدنية وحزب سياسى ، وأصدروا بيانات رافضة لأردوغان وعملوا على تحريض المؤسسة العسكرية على التدخل ، إلا أن رئيس الأركان الجنرال " يشاربويو كانيت " نأى عن التدخل المباشر فى العملية السياسية ، وأكد التزام الجيش بما يقره البرلمان صاحب الحق فى اختيار رئيس البلاد ، غير أنه طالب بأن يكون الرئيس القادم ملتزما عملياً بمبادئ الجمهورية العلمانية والديمقراطية ، ولهذا وبعد مشاورات كبيرة بين أردوغان وأعضاء حزبه تقرر ترشيح وزير الخارجية عبد الله جول لمنصب الرئاسة التركية . ويتسلم الرئيس الجديد منصبه خلفاً للرئيس الحالى أحمد نجدت سيزار فى 16 مايو المقبل 2007 ولمدة سبع سنوات ، وعلى الرغم من أن منصب رئيس الجمهورية لا يُعد الأهم فى تركيا التى لا تعتمد على النظام الرئاسى ، فإن الرئيس له صلاحيات واسعة من حيث أنه هو القائد الأعلى للقوات السملحة وحلقة الوصل بين الحكومة والمؤسسة العسكرية اللتين تكونان فى فترات كثيرة على طرفى النقيض إلى جانب المصادقة على القوانين التى يقرها البرلمان وبعض القرارات المهمة من قبل الحكومة . ويرى المراقبون أن الجدل الكبير فى تركيا فى الفترة الأخيرة حول اسم المرشح للرئاسة تأتى فى ظل مخاوف الأوساط المدافعة عن النظام العلمانى من وصول مرشح حزب العدالة بتوجهاته أو بخلفيته الإسلامية إلى هذا المنصب الكبير الذى تولاه على مدى 70 عاماً عشرة رؤساء علمانيين ، ومن ثم سيعمل مرشح حزب العدالة حال وصوله إلى المنصب إلى السعى لتقويض مبدأ الفصل بين الدين والدولة ، وبالتالى التأثير على علمانية الدولة وهو الأمر الذى دفع بالأوساط العلمانية وفى مقدمتها أحزاب المعارضة إلى محاولة تحريك الشارع والتنبيه إلى خطورة الأوضاع المستقبلية حال وصول حزب العدالة إلى منصب الرئيس . وكان رئيس الوزراء التركى أردوغان قد أكد على أن فكرة تولى الرئاسة لا تستحوذ على تفكيره ، وذلك فى ظل استمرار حالة التوتر بين العلمانيين وحزب العدالة والتنمية الحاكم بشأن الانتخابات الرئاسية التى ستجرى ، كما أن الصحف التركية كانت قد أوضحت فى إطار تغطيتها للانتخابات الرئاسية التركية أن النخبة العلمانية القوية فى تركيا وعلى رأسها جنرالات الجيش ، كانت تشعر بالقلق تجاه احتمال أن يتولى أردوغان صاحب التوجه الإسلامى منصب الرئيس .. الأمر الذى يمكن أن يقوض الفصل بين الدولة والدين الذى أرساه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية العلمانية . ويرى المحللون أن مرشح حزب العدالة الحاكم عبد الله جول سيحسم معركة الفوز بمقعد رئيس الجمهورية ، وذلك بسبب امتلاك الحزب أغلبية واسعة فى البرلمان التركى ، ولهذا فإنه صاحب الحق فى اختيار رئيس الجمهورية وفقاً لآليات دستور 1982 والمعمول به حتى الآن ، حيث يمتلك الحزب 354 مقعداً من بين مجموع مقاعد البرلمان ال 550 ، وهى نسبة كافية لاختيار ممثل الحزب رئيساً للجمهورية دون منافسة تُذكر . 25/4/2007