قررت أن أحصل على إجازة من مشاهدة برامج التليفزيون.. قلت لنفسي بعد عشرة أشهر من الثورة لماذا لا أرتاح قليلا من البرامج والتحليلات.. كان عندي حنين جارف أن أسمع أحدى أغنيات أم كلثوم التي خاصمها التليفزيون المصري.. أما عبدالوهاب فحدث عنه ولا حرج لأن التليفزيون المصري ظل سنوات طويلة لا يحتفل بذكرى رحيله لأنه مات يوم ميلاد الرئيس السابق وسقط يوم 4 مايو من ذاكرة الفن المصري ليبقى عيد الميلاد الذي كان رؤساء تحرير الصحف القومية يكتبون فيه بأنفسهم أبواب البخت والأبراج ويطلقون البخور.. ونسينا ذكرى رحيل عبدالوهاب وكأنه لا عاش ولا مات بيننا.. قلت إن أم كلثوم وحشتني ولا أجد لها أثرا حتى أغانيها الوطنية تذاع على استحياء.. ولم نعد نسمع ما كان يشدو به عبدالوهاب مصر نادتنا فلبينا نداها وتسابقنا صفوفا في هواها.. أو أخي جاوز الظالمون المدى.. فحق الجهاد وحق الفدا.. وهل هناك جهاد أكبر من مقاومة الفساد والمفسدين.. إن الغريب في الأمر أن ثورة يناير لم تقدم حتى الآن أغنيات شبابها باستثناء ما قدمه محمد منير وهو رائع وجميل ولكن كنت أتصور بعد عشرة أشهر أن نجد أنفسنا أمام حشد من شباب الفنانين يقدم لنا شيئا ممتعا.. يحتاج المصريون إلى إجازة قصيرة من شاشات التليفزيون.. إنها تبث الرعب في قلوب الناس الانتخابات ستكون مذبحة.. انظر حولك وهرب لأن البلطجية أمام كل بيت.. البورصة انهارت.. مجاعة في مصر بعد أيام.. المصانع أغلقت أبوابها.. أما الضيوف فهم يتنقلون بين الفضائيات وفي أيديهم كل أنواع الفيروسات التي تنتشر في سماء مصر كالأوبئة.. نحن في حاجة لأن نحب مصر من جديد ونسمع معها أم كلثوم ولا نشاهد ما بقى من كتائب الفلول على شاشات التلفزيون ويكفي أنهم لم يفوزوا في الانتخابات حتى الآن ولهذا قررت أن أحصل على إجازة من التليفزيون.. أرجوك شاركني هذه المهمة فقد تفوز بليلة نوم هادئة.. نقلا عن جريدة الأهرام