يرى مراقبون عديدون في المغرب ان السنوات الثماني لتولي الملك محمد السادس الحكم استطاعت أن تؤسس لممارسة ومفاهيم جديدة للسلطة وان ترسي دعائم دولة تحتكم إلى القانون وتحترم حقوق الإنسان وكرامة المواطن المغربي وتتبنى مشروعا سياسيا واقتصاديا يرتكز على إصلاحات مثل تجربة الإنصاف والمصالحة ومدونة الأسرة وقانون الجنسية وقانون الأحزاب بهدف عقلنة المشهد السياسي وترشيد تدبيره وإصلاح الحقل الديني ومبادرة الحكم الذاتي في الصحراء إضافة إلى المشاريع الاستراتجية المرتبطة بتأهيل البنيات التحتية الضرورية لضمان الإقلاع الاقتصادي وفرص التشغيل والتنافسية. وتبعا لذلك يجمع هؤلاء على أن المغرب يعيش مرحلة حاسمة من تاريخه المعاص تتواصل فيها مسيرة البناء الوطني في مختلف القطاعات ويحقق فيها انجازات مهمة تشهد له بالتقدم في الإصلاحات السياسية والانفتاح على العالم وبالنمو المتزايد في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتغلب على المشكلات التي تراكمت طوال المراحل السابقة، خصوصا أن بداية حكمه اقترنت بصفته ملك الفقراء. وقال: ان الانتخابات ليست صراعاً حول هوية الدولة أو مقومات نظامها من إسلام وسطي منفتح وملكية دستورية ووحدة وطنية وترابية وديمقراطية اجتماعية فتلكم ثوابت تعد محط إجماع وطني راسخ. ولا وجود لدولة من دون ثوابت ومقدسات وتأسيسا على ذلك شدد العاهل المغربي على وجوب إعطاء الأسبقية في المرحلة الراهنة لمسألتين ملحتين: - أولاهما: دعم ومواكبة الدينامية الإيجابية التي أوجدتها مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء في تعبئة شاملة لخوض المراحل المقبلة. - والثانية: كسب رهان الاستحقاقات الانتخابية القريبة لإفراز مشهد سياسي معقلن وسليم عماده أغلبية منسجمة تنبثق عنها حكومة متراصة فعالة قائمة على أقطاب محددة متكاملة وناجعة وفق أولويات السياسة العامة للمغرب وليس مجرد اعتبارات سياسوية ضيقة أو حسابات عددية”. وأبرز الملك أن هدفه الأسمى يكمن في النهوض بأوضاع الفئات التي تعاني آفات الفقر والأمية، والتهميش والإقصاء، بما يكفل تحصينها من نزوعات التطرف والانغلاق والإرهاب. وجدد التأكيد أن الجميع مسؤول عن تحرير الطاقات الخلاقة والمتنورة للشباب، واستثمارها في الأعمال الخيرة. بدل تركها لقمة سائغة للظلاميين. وفي تقويم ثماني سنوات من حكم الملك محمد السادس، قال المنسق الوطني للحزب المغربي الليبرالي محمد زيان إن أهم ما تحقق فيها هو المصالحة مع مدن شمال المغرب، فقد تعامل الملك محمد السادس مع منطقة الريف التي كانت لها علاقة متوترة مع الحكم بأسلوب مغاير للذي كان يعتمده والده الملك الحسن الثاني، وفضل أن يسلك نهج جده محمد الخامس الذي كان قد جعل من طنجة عاصمته الصيفية. وقال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إسماعيل العلوي إن السنوات الثماني من حكم محمد السادس كانت كافية لإحداث عدة تغييرات، كان لها انعكاس إيجابي على حياة المغاربة في ما يتعلق بالتنمية الاجتماعية أو فيما يخص مدونة المرأة والحريات العامة، غير أن هذا لا يعني، بحسب العلوي، أن كل التطلعات والانتظارات تحققت، بل ما زالت هناك مظاهر نقص كان يمكن تداركها وتتعلق خصوصاً بتنمية العالم القروي الذي ما زال يعيش في التهميش والعزلة، وأيضا مازلنا لم نطور قطاعنا الفلاحي مما لا يجعلنا في مستوى الاتفاقيات التي عقدنا في مجال التبادل الحر مع دولة قوية مثل أمريكا. في المقابل هناك من يذهب إلى اعتبار أن الملك محمد السادس ووفق الصلاحيات الدستورية المخولة له جعلته يباشر الحكم بنفسه في شتى المجالات. ويرى الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد محمد مجاهد أن عهد محمد السادس شهد اختلالات بنيوية في تدبير الشأن العام تتمثل في غياب فصل السلطات واستمرار نهب المال العام في مجموعة من المؤسسات العمومية وعدم تقديم المتورطين إلى القضاء ورأى أن القضاء غير مستقل علما أن مفهوم الاستقلالية واضح ويقضي بألا يكون وزير العدل الرئيس الفعلي للمجلس الأعلى للقضاء كما أنه مازال هناك خلط في معنى استقلالية القضاء التي تقتضي أيضا أن يكون رئيس المجلس الأعلى منتخبا وليس معينا ليقوم بدوره كاملا في مراقبة جميع المغاربة على قدم المساواة. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط عمر بن دورو إنه إذا استثنينا إيجابية واحدة متعلقة بتعميق النقاش حول حقوق الإنسان والحريات العامة فإن عهد محمد السادس عمق السلطة المطلقة للملكية من خلال تهميشه لمبادرات الحكومة والبرلمان ومختلف المؤسسات الدستورية” كما أن محمد السادس من خلال أدائه طوال هذه المدة من الحكم كرس الاقتناع أن الملكية الدستورية والديمقراطية لا يمكن أن تتحقق إلا بإقرار دستور حقيقي يخضع الجميع، أي الحاكمين والمحكومين، من خلاله إلى القانون، مما يؤدي إلى إقرار ملكية برلمانية تكون فيها الكلمة الأخيرة للشعب، لتحديد طبيعة الحكومة التي ينبغي أن تحكم”.