تأجلت احتفالات الموريتانيين بالانتخابات الرئاسية فى بلادهم إلى 25 مارس المقبل 2007 موعد جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية بين أحمد ولد داده المعارض الذى يدعو إلى التغيير وسيدى ولد شيخ عبد الله المدعوم من الأغلبية التى تسيطر على البرلمان ، حيث يخوض المرشحان جولة الإعادة بعدما أظهرت نتائج فرز الأصوات حصول عبد الله 22.76% من الأصوات مقابل 21.46% لمنافسه ولد داده ، وحصول المرشح المستقل زين ولد زيدان ، وهو أصغر المرشحين " 41 عاماً " والحاكم السابق للبنك المركزى على المركز الثالث . ومن ناحيته أشار وزير الداخلية الموريتانى محمد أحمد ولد محمد الأمين إلى أن نسبة المشاركة فاقت 60% على مستوى البلاد معتبراً أن هذه النسبة تؤكد اهتمام المواطنين بأول انتخابات رئاسية تاريخية ديمقراطية ، لكن هذه المشاركة أدنى من المشاركة فى الانتخابات النيابية التى أجريت فى نوفمبر وديسمبر 2006 وبلغت 69% . ويرى المراقبون أن هذه الانتخابات والتى بدأت جولتها الأولى فى 11 مارس 2007 هى الأكثر حرية وانفتاحاً فى تاريخ موريتانيا ، لاسيما وأن أعضاء المجلس العسكرى الحاكم الذين وصلوا للسلطة فى انقلاب عسكرى غير دموى عام 2005 حظروا على أنفسهم خوضها . كما أن هذه الانتخابات ستؤدى إلى تسليم السلطة للمدنيين فى موريتانيا بعد 19 شهراً من الانقلاب العسكرى ، كما أنها أول انتخابات تحسم فيها صناديق الاقتراع الفائز بالسلطة فى موريتانيا والتى عانت منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 من تغيير السلطة بالقوة عبر الانقلابات العسكرية وسنوات الحكم الفردى . وتأتى هذه الانتخابات الرئاسية بعد انتخابات تشريعية تعددية جرت نهاية العام الماضى 2006 إثر تنظيم المجلس العسكرى الحاكم الذى أنهى انقلابه الأبيض أكثر من 20 عاماً من حكم معاوية ولد سيدى أحمد الطايع استفتاء لإصلاح الدستور فى يونيو الماضى بفرض قيود على فترة بقاء الرئيس فى السلطة . وسيتوجه أكثر من مليون ناخب موريتانى إلى صناديق الاقتراع فى جولة الإعادة فى 25 مارس 2007 لاختيار الرئيس القادم لخلافة رئيس المجلس العسكرى العقيد أعلى ولد محمد فال الذى لم يترشح فى هذه الانتخابات بموجب التعهدات التى قطعها سابقاً من أجل ضمان حياد عملية الانتقال الديمقراطى ، وذلك بعد عدم حسم الجولة الأولى لأى من المرشحين فى 11 مارس 2007 . وقد أشار الرئيس الموريتانى المنتهية ولايته أعلى ولد محمد فال أنه يغادر السلطة بإحساس ويشعر بارتياح لأنه قام بواجبه ، مؤكداً أنه لن يكون هناك بعد الآن انقلابات عسكرية فى موريتانيا لأن أسباب الانقلابات المتعاقبة زالت مع نظام التداول الديمقراطى للسلطة ، داعياً إلى الاستمرار على الدرب واحترام قرار الشعب الموريتانى وتوجهاته . ويتولى نحو 300 مراقب دولى الإشراف على هذه الانتخابات الحاسمة من بنيهم بعثة كبيرة من الاتحاد الأوروبى تضم 81 مراقباً وسط توقع مراقبين دوليين بأن تكون هذه الانتخابات أكثر الانتخابات الموريتانية حرية وانفتاحاً فى موريتانيا عكس الماضى عندما كان زعيم واحد وحزب واحد فقط يشددان قبضتهما على السلطة . ورأت " مارى إن ايلر بيجوين " رئيسة بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبى أن تكون هذه الانتخابات نموذجاً للديمقراطية يحتذى به فى أفريقيا والعالم العربى ،ويراقب المراقبون الدوليون هذه الانتخابات كى يروا ما إذا كان المجلس العسكرى سيفى بتعهد تسليم السلطة للمدنيين فى موريتانيا أم لا . والمعروف أن موريتانيا كانت مستعمرة فرنسية قبل أن تحصل على استقلالها عام 1960 فى عهد الرئيس مختار ولد داده الذى أطاح به عام 1978 انقلاب بقيادة محمد ولد السالك ، وأطاح العقيد معاوية ولد الطايع فى عام 1984 بنظام ولد هيدالة الذى تولى الحكم عام 1980وانتخب ولد الطايع رئيساً فى عام 1992 ثم أعيد انتخابه فى 1997 و 2003 . وفى أغسطس 2005 تولت اللجنة العسكرية للعدالة والديمقراطية السلطة وبدأت مسلسلاً انتقالياً ينص على عمليات اقتراع تنتهى بانتخابات رئاسية فى مارس 2007 ، كما تبنى دستور جديد فى يونيو 2006 ينص على نظام رئاسى . إن موريتانيا أكدت بهذه الخطوة انضمامها للدول الديمقراطية بإجراء أول انتخابات ديمقراطية حقيقية برلمانية ورئاسية منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 فى تجربة فريدة ، حيث أنها المرة الأولى التى يحرم فيها قادة انقلاب على أنفسهم وأعضاء حكوماتهم الانتقالية ترشيح أنفسهم للانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو المحلية حتى لا تكون هناك شبهة استغلال للمنصب لتأكيد الفوز أو الظن بأن الهدف من انقلابهم هو البقاء فى السلطة وليس إنهاء الحكم غير الديمقراطى لمعاوية ولد الطايع الذى كان سبباً فى وقوع عدة محاولات عسكرية للاستيلاء على الحكم وبقاء موريتانيا فى حالة قلاقل .