رسميًا.. موعد المولد النبوي 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة للقطاع العام والخاص والبنوك    تاليا تامر حسني: التنمّر ليس مزحة.. إنه ألم حقيقي يدمّر الثقة بالنفس (فيديو)    بدوي علام: زيادة مصروفات المدارس الخاصة تتفاوت حسب قيمة كل مدرسة    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 محليًا وعالميًا    وزير الإسكان يتابع موقف عدد من المشروعات بمطروح    رسميًا الآن بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    «المصري اليوم» في جولة داخل أنفاق المرحلة الأولى للخط الرابع ل«المترو»    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات المرحلة الثانية من مدينة المنصورة الجديدة    إعلام فلسطيني: قصف مدفعي للاحتلال يستهدف مخيم البريج وسط قطاع غزة    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    الاحتلال يشن حملة مداهمات واعتقالات في عدة مناطق ب«الضفة»    جانتس يدعو لتشكيل حكومة وحدة في إسرائيل لمدة عام ونصف    الاتحاد الأوروبي يحول 10 مليارات يورو من عوائد الأصول الروسية المجمدة لأوكرانيا    الجيش النيجيري يعلن تصفية 35 مسلحًا قرب الحدود مع الكاميرون    استطلاع: 27 % فقط من الإسرائيليين يثقون في حكومة نتانياهو    «ريمونتادا».. برشلونة يقلب تأخره لفوز مثير على ليفانتي في الدوري الإسباني    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    «شيشة في الأوضة».. شيكابالا يكشف مفاجأة صادمة بشأن ثنائي الزمالك    روما يستهل مشواره في الدوري الإيطالي بفوز صعب على بولونيا    أولمبيك ليون يكتسح ميتز بثلاثية في الدوري الفرنسي    كيرمونيسي يفجر المفاجأة ويفوز على ميلان في الدوري الإيطالي    الدوري الإيطالي.. «ذئاب» روما تفلت من فخ بولونيا في افتتاح مباريات الموسم    كانت نائمة.. استخرج جثمان طفلة من أسفل عقار بسمنود    مأساة شاطئ أبوتلات في الإسكندرية.. 7 نصائح للتعامل سريعًا مع حالات الغرق    خلال 72 ساعة.. «الداخلية» تطيح ب21 من أخطر العناصر الإجرامية وتضبط مخدرات وأسلحة ب1.25 مليار جنيه    محافظ الإسكندرية يزور مصابي حادث غرق شاطئ أبو تلات بمستشفى العامرية العام    ميكروباص يدهس شقيقتين أمام مسجد ببورسعيد.. ونقلهما إلى مستشفى السلام    تأكيدًا للقيم الدينية والإنسانية: النيابة العامة تتصدى لجرائم الاعتداء على الحيوانات    «ترقبوا الطرق».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: 3 ظواهر جوية تضرب البلاد    أحد المقربين يتصرف بطريقة غريبة.. حظ برج القوس اليوم 24 أغسطس    وسط ترقب وهتاف.. الجمهور ينتظر تامر حسني بحماس في مهرجان مراسي (صور)    مروة ناجي تتألق في أولى مشاركاتها بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية.. صور    ميرنا جميل تعيش حالة من النشاط الفني بين السينما والدراما    لا صحة لوقوع خطأ طبي.. محمود سعد يوضح تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام    4 أبراج يترقبون «إشارة قوية» اليوم: يتلقون فرصًا غير متوقعة وعليهم اتخاذ إجراءات فورية    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    إحالة المتغيبين في مستشفى الشيخ زويد المركزى إلى التحقيق العاجل    "سلامة قلبك".. مستشفى جديد لعلاج أمراض وجراحة القلب للأطفال مجانًا بالمحلة الكبري    "كنت بشوفهم بيموتوا قدامي".. شهادة ناجية من فاجعة غرق طالبات سوهاج بشاطئ أبو تلات بالإسكندرية    تعليق مثير من شيكابالا على تجربة جون إدوارد في الزمالك    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    حلوى المولد فى المجمعات |التموين: 15 سلعة بمبادرة خفض الأسعار    الجالية المصرية في لندن تنظم وقفة أمام سفارة مصر دعما لمؤسسات الدولة    أحمد جمال يغني حلو التان لأول مرة مع جمهوره في مهرجان القلعة    وكيل صحة شمال سيناء في جولة مفاجئة بمستشفى الشيخ زويد ويحيل المتغيبين إلى التحقيق    حسام الخولي: مستقبل وطن يستعد بجدية لانتخابات مجلس النواب 2025    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    «بحوث الصحراء» يقدم الدعم الفني والإرشادي لمزارعي سيناء| صور    "فستان محتشم وغطاء رأس".. أحدث ظهور ل بسمة بوسيل في مصر القديمة    رئيس جامعة طنطا يفتتح الملتقى القمي الأول للابتكار المستدام لطلاب الجامعات المصرية    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    حصاد الأسبوع    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاهرة‏...‏ والبحث العلمي العمراني‏!‏
نشر في أخبار مصر يوم 19 - 08 - 2007


نقلا عن الأهرام 19/8/2007

حين تحدث عدد من كبار القيادات السياسية والتنفيذية عن تخطيط الدولة ل قاهرة متجددة سوف يكتمل ظهورها في عام‏2050,‏ كان ذلك الحديث استجابة صحيحة لما أصاب العاصمة المصرية من أمراض مستفحلة‏,‏ ومع ذلك فلقد تساءل كثيرون عن المنظور العلمي العام لهذا التخطيط‏,‏ بينما توقف اخرون عند التناقض بين ما يجري تنفيذه بالفعل في العشوائيات التي تمددت وتضخمت بشكل سرطاني حول القاهرة‏,‏ وفي قلبها خلال نصف القرن الأخير حتي أصبحت تشكل نسبة كبيرة‏(‏ غالبة‏)‏ من المساحة الكلية للقاهرة الكبري تلاحق حتي أكثر الأحياء تنظيما وجمالا وحداثة إضافة إلي التغافل عن غزو السلوك العشوائي‏(‏ لا اقول‏:‏ الهمجي‏)‏ وسيطرته علي الكثير من جوانب ونشاطات الحياة اليومية في العاصمة الكبري العريقة‏...‏ توقف الكثيرون عند التناقض‏,‏ بين ما يجري في العشوائيات والتغافل عن هذا الغزو‏,‏ وبين الحديث المسئول عن التخطيط لاستعادة النظام والجمال والتناسق إلي القاهرة في خلال مدة نحو اربعين سنة‏(‏ نحو عمر جيل واحد فقط‏)‏ وهي مدة زمنية قصيرة للغاية بالنسبة لمهمة عالية التكلفة الاقتصادية‏,‏ وثقيلة شديدة التعقيد والتشابك بين مكوناتها‏.‏
غير أن العلاقة وثيقة للغاية بين التساؤل عن المنظور العلمي العام للتخطيط لتجديد القاهرة‏,‏ وبين التوقف عند التناقض بين الحديث عن هذا التخطيط وبين الاستسلام لنتائج العشوائية المسيطرة علي كل من التمدد السرطاني للمدينة وسلوكيات سكانها بكل مستويات المسؤوليات المدنية والرسمية أو مستويات انعدام الاحساس بمثل هذه المسؤولية‏.‏ فالمدة الزمنية القصيرة المطروحة للوصول الي الغاية المحددة تقتضي أن نشرع في وقت واحد في إزالة العشوائيات المادية القديمة والجديدة‏,‏ مع تطوير المناطق التي سينقل اليها السكان أو التي قدموا منها‏;‏ وفي مقاومة العشوائية السلوكية وردعها‏;‏ ولا تقتضي ما نراه من التطوير الهزيل للعشوائيات المادية‏,‏ والاستسلام الكامل لعشوائيات السلوك ولنتائج عشوائية اللاتخطيط القديم‏.‏
ولكن هذا يتطلب القيام بشيء من البحث العلمي اللازم لتوثيق الامكانات‏,‏ وتحديد الأولويات وتعيين المراحل‏,‏ ولانارة الرأي العام وتربيته بحقائق أن استعادة النظام والجمال والانضباط‏(‏ أو غرس كل ذلك حيث لم يكن له وجود‏!)‏ هو في صالح الجميع لأنه يؤدي الي تراكم سريع لثروات عديدة‏,‏ بشرية ومادية‏,‏ يتقاسمها تلقائيا كل من يعيش في المدينة أو يزورها‏,‏ ثروات من الوقت ومن الصحة ومن مصادر الطاقة ومن العمر الافتراضي للمرافق كلها ولكل ساكن ومتحرك علي ارض المدينة في باطن او تحت شوارعها‏!...‏
والبحث العلمي المطلوب يتوزع بين مجالات علمية وبحثية عديدة‏,‏ تتجمع موضوعاتها ونتائجها في علم التخطيط العمراني الذي يجمع تخصصات عديدة في علوم الاقتصاد والهندسة والاجتماع والتربية والسياسة والنفس والاسكان والجغرافيا والتاريخ وكثير غيرها‏,‏ وكثير من فروعها المتداخلة‏...‏ فقد يدلنا البحث العلمي المتعدد المنظورات المنهجية‏,‏ المتفاعلة‏,‏ علي حل آخر لمشكلة العشوائيات الكثيرة الجديدة التي نشأت حول القاهرة خلال نصف القرن الأخير‏;‏ حل يختلف عن الحل المتمثل في إمدادها بالكهرباء والمياه والصرف الصحي‏,‏ بشبكات واهنة‏,‏ سرعان ما تتلف لسوء استخدامها من السكان غير المتطورين أو سرعان ما تستهلك لضعف أو هزال تكلفتها‏(‏ فاقتصادنا القومي له حدوده وعقليتنا السائدة لها جوانب قصورها التي لم نعالجها بعد‏)‏ وقد يدلنا البحث العلمي المتفاعل هذا إلي أن تطوير المواطن الأصلية لسكان هذه العشوائيات واعادتهم إليها بالقانون سيكون أقل تكلفة بكثير وأعلي عائدا ماديا وبشريا بكثير‏,‏ غير أن الاستسلام قد يكون أسهل واعلي عائدا من الناحية الدعائية‏,‏ المؤقتة مع ذلك‏,‏ لأن سرعة تدهور تلك العشوائيات تسبق بكثير سرعة تطويرها وطاقة الامكانيات ال
مرصودة للتطوير‏(‏ فلنتأمل بشكل علمي مالحق بالتطوير الذي نعمت به إحدي أوائل تلك العشوائيات الجديدة‏:‏ عزبة الجمهورية شمال شرق القاهرة أو أرض اللواء بجنوبها الغربي‏;‏ أو لنقرأ ما كتبته الأديبة الشابة الأستاذة سهير المصادفة‏,‏ عن ناس العشوائيات المطورة وسلوكياتهم ومآسيهم في روايتها الواقعية المهمة‏:‏ لهو الأبالسة‏)...‏
أما عن ضرورة اللجوء الي البحث العلمي المتعدد والمتفاعل والمجدي‏,‏ فقد يسعفنا مثال واحد لنوضح أهميته‏;‏ وليكن هذا المثال هو مشروع نقل المدابغ من مكانها الحالي في مصر القديمة إلي الموقع الجديد‏;‏ وهو مشروع بالغ الأهمية لتطوير هذه الصناعة المصرية العريقة وربما لانقاذها‏;‏ ولتطوير جنوب وشرق القاهرة‏/‏ المترامي كله‏.‏
سوف يشمل البحث العلمي‏(‏ وربما قد شمل بالفعل‏)‏ مسائل أو مشاكل تتعلق بالتكلفة الكلية والتفصيلية لعمليات إنشاء المدابغ الجديدة ومساكن العاملين فيها وربما ملاكها أيضا‏;‏ ولعمليات إمداد المنشآت الجديدة بالمرافق بالمستوي المطلوب‏,‏ حتي لا تنهار بعد قليل مع عمليات تدريب العاملين علي تقنيات جديدة وعلي أساليب استخدام المرافق بطرق ملائمة‏...‏ وسوف يصل البحث العلمي إلي حل مشاكل تتعلق بعمليات نقل الخامات بأنواعها إلي المدابغ‏,‏ والمنتجات الي الأسواق وبعمليات ومتطلبات التعليم والعلاج والترفيه واقامة شعائر الدين في المناطق الجديدة‏;‏ وقد يتطلب الأمر بحث رغبات العاملين في السكن في مجاورات تكفل المحافظة علي العلاقات الاجتماعية القديمة وربما المتوارثة عبر أجيال بين جيران أو أقارب أو زملاء عمل أو اصدقاء‏,‏ لما لهذه العلاقات الاجتماعية من أثر مهم‏,‏ اجتماعي ونفسي‏,‏ لرفع الروح المعنوية وبعث الاحساس بالاستقرار والطمأنينة والأمن بين أفراد التجمعات الانسانية‏...‏
بل إن البحث العلمي قد يتوصل إلي أسباب نشوء واستقرار صناعة الدباغة في هذا الجزء من الصحراء الذي كان يفصل بين الفسطاط القديمة وبين القاهرة الفاطمية والأيوبية‏,‏ بالقرب من النيل وفم الخليج‏:‏ أكان ذلك لسهولة الحصول علي المياه اللازمة لهذه الصناعة من النيل مباشرة‏,‏ أم لسهولة وصول الجلود وبقية الخامات علي المراكب النيلية من الصعيد والدلتا‏,‏ أم لأن العاملين كانوا يأتون من الأرياف القريبة في شمال الصعيد وجنوب الجيزة والبحيرة‏;‏ أم أنه كانت هناك اسباب ثقافية واجتماعية خاصة‏;‏ وسوف يكشف البحث الاجتماعي‏/‏ الاقتصادي والهندسي‏/‏ التكنولوجي أن كل هذه الاسباب قد زالت أسسها‏,‏ فالمياه والخامات والمنتجات تنقل وتوزع بأساليب وتقنيات مختلفة جذريا‏;‏ والصناعة أصبحت تطلب عاملين من مستوي تعليمي وتدريبي مختلف أكثر تطورا بكثير عما كانت في الماضي ولم تعد للصناعة علاقة بطرق الانتاج التي سادت حين نشأت أو استقرت في مصر القديمة‏,‏ في العصور الوسطي أو قبلها‏,‏ والموقع نفسه لم يعد هو الصحراء الخالية المترامية بين سور الفسطاط وسور القاهرة الأيوبية‏,‏ وإنما اصبح امتدادا لعدد من أهم أحياء القاهرة الكبري وأصبح قاطعا يعترض عددا من أهم شرايين
الحركة فيها‏..‏ إلخ‏..‏ إلخ‏..‏
غير أن التخطيط الذي يتحدث عن نقل الكثير من أجهزة الحكومة‏(‏ الوزارات وغيرها‏)‏ الي خارج القاهرة‏,‏ قد يعني في الجانب الاجتماعي تغييرا كبيرا في طبيعة التركيبة السكانية‏(‏ الاجتماعية‏)‏ لأهل العاصمة‏;‏ إذ قد يؤدي الي هجرة عشرات الألوف من الأسر المتوسطة الأقرب إلي الحداثة و حسنة التعليم من العاصمة‏,‏ مع بقاء وتزايد سكان العشوائيات التي نطورها ماديا‏,‏ بدون تطويرهم بشريا‏,‏ وهو أمر قد تكون له عواقب اجتماعية‏/‏ ثقافية‏/‏ سياسية مهمة‏..‏ ولهذا‏,‏ بمشيئة الله‏,‏ حديث آخر‏,‏ عن مستقبل القاهرة والبحث العلمي‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.