هل من الطبيعي أن يخرج علينا الزعيم الكوبي فيدل كاسترو من وقت الي آخر, ليؤكد أنه مازال حيا يرزق بل وله اليد العليا في كل خطوة تخطوها حكومة بلاده, أم أنها محاولة تهدف لضمان سيطرة أخيه راؤول كاسترو وزير دفاعه السابق والمفوض برئاسة البلاد نيابة عنه في محاولة لنقل السلطة اليه بهدوء وضمان استقرار البلاد وتجنيبها محاولات التغيير التي تنتظر الولاياتالمتحدة بمنتهي الشغف الفرصة لإحداثها, وذلك من منطلق تيقن كاسترو تماما أنه لن يستطيع العودة لمقر الرئاسة مرة ثانية لأسباب صحية؟ ففي بيان له بعد مرور عام من تفويضه شقيقه راؤول لإدارة البلاد بالإنابة قال كاسترو إن كل قرار تتخذه حكومته هو مصدره الأساسي وكأنه أراد أن يؤكد أن تصريحات أخيه خلال الاحتفال بذكري الثورة الكوبية والتي لم يحضرها لظروف مرضه بضرورة تبني اصلاح هيكلي وايديولوجي في مرحلة مقبلة حتي يمكن التعامل بنجاح مع المشكلات الاقتصادية التي اعترف بها, لم تأت بموجب قرار فردي اتخذه راؤول بل انه افصح عنها بعد أن أقرها هو ليزيل أي لبس بشأن ظهور توجه أو تيار خارج إطار الإرث الثوري الكوبي. وببساطة فإن الرسالة التي أراد كاسترو ايصالها تتسم بالصدق والواقعية الي حد كبير برغم أن البعض ربما يري في هذا التوجه بداية لنهاية عصر كاسترو. ولكن من يعلم من هو راؤول سيتأكد كل التأكيد أنه لن يحيد عن مسار أخيه الأكبر الذي يثق فيه كل الثقة. والمحللون منقسمون بشأن نوعية القيادة التي قد يمثلها راؤول الذي قد لا يتمتع بنفس الكاريزما التي يحظي بها أخوه لكنه يتسم بكونه أكثر عملية ونفعية منه البعض يعتقد أنه سيكون أكثر راديكالية من أخيه والبعض الآخر يري أنه سيحدث تحولا سلسا عن الشيوعية في حين أن آخرين يرون أن راؤول الذي يبلغ75 عاما ربما لن يطول به العمر لكي يحدث التغيير المطلوب ولكن مما لاشك فيه أن راؤول سيعمل في كل الأحوال علي تبني نموذج الاصلاح الصيني وهو ما يعني الانفتاح الاقتصادي مع الحفاظ علي الايديولوجية الشيوعية للنظام السياسي وهو ما تؤكده حالة الانبهار المستمرة من قبل راؤول بالنموذج الصيني للاصلاح الاقتصادي والذي كان واضحا جدا خلال زيارته للصين عام1997. ولكن من الواضح أن راؤول يدير الحكم يوما بيوم فحتي هذه اللحظة مازال كاسترو متمسكا بدور رجل الدولة الأول كما أنه مصر علي أن يجعل شعبه يشعر بوجوده من خلال مقالاته الصحفية فالأكيد أن أي تغييرات قد تحدث في كوبا لن تتم دون موافقة ومباركة كاسترو ليحدث بذلك ما يمكن وصفه بالتحول الهادئ والسلس للسلطة فلا يوجد مظاهرات في الشوارع ولم تكن هناك مطالب بالاصلاح غير أن جزيرة السيجار والسكر هي جزء من أمريكا اللاتينية التي يتبني كثير من دولها إجراءات إصلاحية, كما أن معظم دول جوار كوبا محكوم الآن بأنظمة معادية لأمريكا وصلت كلها عبر عمليات اصلاح ديمقراطية لا غبار عليها وهو ما يعني أن راؤول بمباركة كاسترو يسير في الاتجاه الصحيح.