خيم التوتر الشديد على قطاع غزة الذي بات يعيش على وقع تصعيد مزدوج: الأول تمثله الغارات الاسرائيلية المتواصلة التي اعلن رئيس الحكومة ايهود اولمرت انها ستستمر بعد هجوم «كيسوفيم»، في وقت بدأ رئيس أركانه الجنرال غابي اشكنازي بالإعداد لعملية توغل واسعة في ارجاء القطاع. اما التصعيد الثاني فيتمثل بالاقتتال الفلسطيني بين انصار حركتي «فتح» و «حماس» والذي تجدد في رفح جنوب القطاع مساء اول من امس، مسفراً عن مقتل فلسطينيين اثنين، أحدهما «أُعدم» بإلقائه من فوق برج سكني مرتفع وجرح 43 آخرين قبل ان تنجح الوساطات في احتواء الموقف والتوصل الى هدنة جديدة لا يتوقع ان تصمد طويلا. واستهجن «الغزيون» تزامن الاشتباكات بين «حماس» و «فتح» في رفح مع قصف جوي اسرائيلي شنته طائرات مروحية على ثلاثة أهداف مدنية من بينها مركز للدراسات والبحوث تابع لحركة «الجهاد الاسلامي». وفيما دمرت الصواريخ الاسرائيلية مقر المركز وورشة للحدادة ومخزناً للأغذية فإن الاشتباكات بين انصار «فتح» و «حماس» في رفح وعمليات الانتقام والخطف المتبادل اسفرت عن مقتل فلسطينيين وجرح 43 بينهم تسعة في حال الخطر، وخطف 11 آخرين، إضافة الى تدمير منزلين. وكالعادة تبادلت الحركتان الاتهامات فقالت «حماس» إن القتال بدأ عندما قتل مسلحون من «فتح» قائدا محليا في الحركة بالرصاص في حين قالت «فتح» ان القتال بدأ عندما استخدمت «حماس» قذائف صاروخية ومتفجرات لتدمير منزلي ناشطين في «فتح». وتدخل الوفد الأمني المصري المقيم في قطاع غزة وقادة «الجهاد» والجبهتان «الشعبية» و «الديموقراطية» لتطويق الازمة ونجحوا في التوصل الى هدنة جديدة دخلت حيز التنفيذ عند الثالثة من فجر امس. في هذه الاثناء قالت مصادر امنية وطبية فلسطينية ان التوتر عاد الى مدينة غزة بعد عمليات خطف متبادلة بين الحركتين فيما اعيدت الحواجز وسمعت اصوات تبادل لاطلاق النار. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن هذه المصادر قولها ان عناصر من «كتائب القسام (التابعة لحماس) خطفت احد افراد حرس الرئاسة محمد السويركي (30 عاما) واقتادته الى أحد الابراج العالية غرب غزة، ثم القت به من الطبقة ال18 حيث فارق الحياة فورا». وجاءت الاشتباكات في وقت تتواصل فيه لقاءات ثنائية في القاهرة منذ اكثر من اسبوع بين مسؤولين مصريين وقادة الفصائل الفلسطينية وممثليها للبحث في سبل وضع حد للاقتتال. ويخشى المراقبون من ان يؤدي اشتعال الجبهة الداخلية الى تبديد طاقات مقاتلي الحركتين الاكبر في الساحة الفلسطينية في وقت تستعد فيه اسرائيل لتنفيذ اجتياح واسع لقطاع غزة ردا على الهجوم الذي نفذه 4 مقاتلين من «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد» و «كتائب شهداء الاقصى - مجموعات الشهيد أيمن جودة» واقتحموا خلاله موقع «كيسوفيم» العسكري الاسرائيلي بسيارة جيب مموهة. وكانت الصور التي وزعتها اسرائيل لسيارة الجيب التي قالت انها تحمل شعار «تي في» (التلفزيون)، اثارت استهجان الصحافيين الفلسطينيين ونقابتهم التي دعت فصائل المقاومة الى تحييد الصحافيين من الصراع الداخلي وكذلك الصراع مع الاحتلال. في غضون ذلك، قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ان رئيس الاركان أصدر تعليماته إلى قيادة «المنطقة الجنوبية» بالإعداد لعملية توغل واسع في أنحاء قطاع غزة، مضيفة ان «مجلس الأمن القومي» الإسرائيلي يعارض توسيع العمليات وينصح بالإبقاء على نمط العمليات العسكرية الحالية ووتيرتها، وبإبداء استعداد إسرائيلي لاتفاق تهدئة في القطاع. وكان اولمرت اعلن عند بدء الاجتماع الاسبوعي للحكومة ان «عملياتنا في قطاع غزة ستتواصل طالما لم تتوقف عمليات اطلاق الصواريخ ومحاولات شن هجمات ارهابية».