الوفديون يتوافدون على ضريح سعد زغلول قبل احتفالية ذكرى رحيل زعماءه التاريخيين    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    ارتفع للمرة الثانية خلال اليوم .. سعر الذهب مساء السبت 23 أغسطس 2025    أمين عام حلف شمال الأطلسي: نحن بحاجة إلى التأكد من أن بوتين لن يحاول مهاجمة أوكرانيا مرة أخرى    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية للنادي الإسماعيلي .. فيديو    توجيهات بالتنسيق مع إحدى الشركات لإقامة ملعب قانونى لكرة القدم بمركز شباب النصراب في أسوان    بعد حادث غرق الطالبات.. الصور الأولى من شاطئ أبو تلات بالإسكندرية    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    شيرين عبد الوهاب تحرر محضرا لإلغاء التوكيل من محاميها ياسر قنطوش    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    داعية: سيدنا النبي لم يكن عابسًا وكان مُتبَلِّجَ الوجه    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    15 صورة.. البابا تواضروس يدشن كنيسة الشهيد مارمينا بفلمنج شرق الإسكندرية    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    مؤتمر ألونسو: هذا سبب تخطيط ملعب التدريبات.. وموقفنا من الانتقالات    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء "سايس" على قائد دراجة نارية بالقاهرة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    منال عوض تناقش استعدادات استضافة مؤتمر الأطراف ال24 لحماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    «عامل وفني ومدرس».. إتاحة 267 فرصة عمل بالقليوبية (تفاصيل)    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    «تعليم أسوان» تعلن عن فرص عمل للمعلمين بنظام الحصة.. الشروط والأوراق المطلوبة    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية المجانية لأكثر من 1050 مواطنا بقرية عزاقة في المنيا    إعلام إسرائيلي: محتجون يعترضون طريق بن جفير ويرفعون صور المحتجزين في غزة    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد السماك: إخلاء أفغانستان... واحتواء "طالبان"!
نشر في أخبار مصر يوم 24 - 06 - 2011

تبلغ نفقات الحرب الأمريكية في أفغانستان ملياري دولار في الأسبوع. ولقد تجاوزت الحرب حتى الآن العشر سنوات. ومن المقرر أن تسحب الولايات المتحدة قواتها وأن ينهي حلف شمال الأطلسي عملياته العسكرية في أفغانستان في عام 2014. إلا أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستجري في عام 2012، أي قبل ذلك بعامين، وهو أمر ينعكس سلباً على حملة أوباما لتجديد ولايته مدة أربع سنوات ثانية.
وكان في اعتقاد أوباما أن زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان من شأنه أن يعجل بإنهاء هذه الحرب. ولذلك، وخلافاً لنصائح كبار مستشاريه السياسيين والعسكريين، أضاف إلى هذه القوات في عام 2009 ثلاثين ألف جندي. ولم يتردد عندما مُنح جائزة نوبل للسلام في ذلك العام في أن يعلن أن ثمة حرباً مبررة، وأن الحرب في أفغانستان تقع في هذا الإطار التبريري سياسيّاً وأخلاقيّاً.
غير أن حسابات أوباما جاءت مخيبة للآمال، فالزيادة لم تنهِ الحرب، والأخطاء التي ارتكبتها القوات الأمريكية بقصف القرى الأفغانية وتقتيل المدنيين أثبتت مرة أخرى لا أخلاقيتها. ومن أجل ذلك حاول تمرير قرار في مجلس النواب الأمريكي لتسريع الانسحاب وإجراء مباحثات للتسوية مع حركة "طالبان". وعندما جرى التصويت على مشروع القرار في 26 مايو الماضي، مني أوباما بهزيمة كبيرة. فقد صوّت إلى جانب المشروع 204 أعضاء، وهو عدد كبير بلاشك. أما الذين صوّتوا ضده فقد بلغ عددهم 215 عضواً. ولا تعني هذه النتيجة أن الأمريكيين يريدون استمرار الحرب، ولكنها تعني أمرين، الأول: أن الحزب "الجمهوري" لا يريد أن يقدم هدية مجانية للرئيس "الديمقراطي" أوباما عشية الانتخابات الرئاسية، ولذلك صوّت ضد المشروع. أما الأمر الثاني فهو: أن ثمة قلقاً لدى الحزبيْن "الجمهوري" و"الديمقراطي" معاً من أن اتخاذ قرار من هذا النوع، وفي هذا الوقت وبهذه السرعة، ربما يوحي لحركة "طالبان" بأن الولايات المتحدة قد تعبت من الحرب، وأنها تريد الانسحاب بأي ثمن.
لقد خسرت الولايات المتحدة في أفغانستان حتى اليوم 1500 قتيل و11500 جريح، وذلك على رغم أن عدد القوات الأمريكية لا يزيد على 100 ألف. وهذا يعني أن أفغانستان بدأت تتحول إلى فيتنام ثانية ولو على نطاق أصغر. ثم إن ما أنفق على هذه الحرب الأفغانية بلغ حتى الآن 420 مليار دولار. وتقدر نفقات هذه الحرب المتبقية حتى نهايتها المقررة في عام 2014 ب 220 مليار دولار أخرى. وإضافة إلى ذلك، من المفترض أن تنفق الولايات المتحدة 40.8 مليار دولار لدعم الجيش الأفغاني الذي سيحلّ محلّ القوات الأمريكية، ويبلغ عدده الآن 350 ألف رجل وذلك حتى نهاية عام 2012. علماً بأن الاقتصاد الأمريكي يعاني من الهزال والعجز، وقد بلغ الدَّين الخارجي أرقاماً قياسية لم يسبق أن بلغها من قبل.
لقد أدى قتل بن لادن إلى تصارع وجهتي نظر داخل الإدارة الأمريكية. تقول الأولى إن التخلص من بن لادن أربك حركة "طالبان" وشل فعاليتها، وإنه رفع من معنويات القوات الأمريكية والأطلسية. وإن ذلك يشكل في حد ذاته فرصة ذهبية للانقضاض على الحركة وتوجيه ضربة قاصمة لها. وتقول وجهة النظر الثانية إن موت بن لادن حرر حركة "طالبان" من سيطرته وفتح آفاقاً أوسع للتحاور معها حول التسوية. وبما أن الحسم العسكري في أفغانستان أمر متعذر ومستحيل في ضوء التجربة البريطانية في القرن التاسع عشر، والتجربة السوفييتية في القرن العشرين، فإن الحل السياسي في ضوء التجربة الأمريكية في فيتنام من شأنه أن يختصر الزمن، ويقلل من حجم الخسائر، وأن يوفر مخرجاً يحفظ ماء الوجه. ولعل وجهتي النظر هاتين انعكستا على نتائج التصويت في البرلمان الأمريكي. فالولايات المتحدة تدرك أن التسوية مع "طالبان" تعني عودة "طالبان" إلى السلطة. وأن هذه العودة وإن اتخذت شكل المشاركة مع الحكم القائم حاليّاً بزعامة كرزاي، فإنها عمليّاً ستؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى استعادة قبضتها على السلطة. وهذا يعني تقديم نصر مجاني ل"طالبان"، الأمر الذي من شأنه أن يلهب حماس الحركات الجهادية الإسلامية في العالم المعادية للولايات المتحدة، وأن يرفع من معنوياتها.
ثم إن هذا الاحتمال المرجح يطرح علامة استفهام كبيرة في كل من الدول الثلاث المجاورة لأفغانستان وهي روسيا والصين وإيران. فعودة "طالبان" إلى السلطة تعزز حركات التطرف الإسلامي في آسيا الوسطى والقوقاز. كما تعزز حركة الانفصال الإسلامية في سيكيانج في الصين، وتثير مخاوف إيران الشيعية من هيمنة "طالبان" السُّنية على الحكم في كابول. كما أن ذلك من شأنه أن يقيم تحالفاً بين "طالبان" الأفغانية و"طالبان" الباكستانية، الأمر الذي قد يطيح بالحكم القائم في إسلام آباد الذي يترنّح حتى من دون هذا التحالف. وإذا حدث ذلك فإن الهند ستشعر بالمزيد من القلق من احتمال وصول حركة "طالبان" إلى السلطة بما، وبمن، تمثل ووضع يدها على الترسانة النووية الباكستانية.
ومن أجل ذلك فإن المخرج الاستراتيجي للولايات المتحدة من أفغانستان ربما يتطلب "عرقنتها"، أي تحويلها إلى عراق ثانٍ، وذلك من خلال تفجير الصراعات القبلية والأثنية والمذهبية بين العناصر التي يتشكل منها الشعب الأفغاني. وبذلك تنشغل أفغانستان بنفسها، وتغرق حركة "طالبان" في أتون الصراعات داخل صفوفها. وبهذا يتحول قتال القوات الأجنبية إلى اقتتال داخلي بين فصائلها المسلحة، وتطوى بذلك صفحاتها الجهادية!
وفي اعتقاد كيسنجر، مهندس المفاوضات مع "الفيتكونج" والانسحاب من فيتنام، أن القوات الأمريكية دخلت إلى أفغانستان من أجل معاقبتها لمنحها ملاذاً آمناً لابن لادن ولتنظيم "القاعدة" الذي ارتكب جريمة 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن. ولكن مقتل بن لادن أزال كل مبرر معنوي لاستمرار هذه القوات. وفي رأي كيسنجر أيضاً أن مواجهة الإرهاب مسؤولية دولية وليست مسؤولية أمريكية فقط، ولذلك يقترح أن تدعو الولايات المتحدة إلى مؤتمر دولي حول أفغانستان تشارك فيه دول الجوار إلى جانب حركة "طالبان" نفسها. وأيّاً يكن الموقف من اقتراح كيسنجر فإن الحل العسكري في أفغانستان فشل.. والحل السياسي لا يزال مشروعاً غامضاً تتناقض وجهات نظر دول جوار أفغانستان حول الأسس التي يمكن أن يقوم عليها.
نقلا عن جريدة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.