اكدت روسيا أخيرا قدراتها المتميزة في مجال بناء ما يسمى بالمنظومة المضادة للصواريخ وتعويض خسارتها للعديد من محطات الرادار التي اضطرت الى التخلي عنها للجمهوريات السوفياتية السابقة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي مثل «غابالا» في اذربيجان و«سكوروندي» في لاتفيا. وعلى الرغم من افتتاح محطة «فورونيج» للرادار في منطقة «ليختوسي» على مقربة من سان بطرسبورغ في اواخر العام الماضي، ظل امر هذا الموقع البالغ الاهمية طي الكتمان حتى السبت الماضي. وكشفت قيادة القوات الاستراتيجية الروسية عن قدرات هذه المحطة خلال زيارة معلنة قام بها الرئيس فلاديمير بوتين الذي اكد خلالها ان المحطة «نتاج إبداع القدرات الذهنية والانتاجية للانسان الروسي» والتي تكفل صناعة «الارخص والاكثر فعالية» على حد قوله. واشارت المصادر العسكرية الى ان المحطة تغطي كل ارجاء المناطق الواقعة من غربي القطب الشمالي وحتى المغرب وشمال القارة الافريقية وتعتبر اضافة ثرية الى ما تمتلكه روسيا من محطات رادارية الى جانب محطة «ارمافير» التي يجري بناؤها في منطقة كراسنودار على مقربة من ضفاف البحر الاسود. ويشير المراقبون في العاصمة الروسية الى ان زيارة بوتين الاخيرة لمحطة «فورونيج» تعتبر دعوة جديدة الى الولاياتالمتحدة للتخلي عن مخططات نشر عناصر الدرع الصاروخي في كل من تشيكيا وبولندا والاستخدام المشترك لمحطتي «غابالا» التي تستأجرها روسيا في اذربيجان و«ارمافير» في منطقة كراسنودار، والتعاون مع المنظومات الاميركية وشبكة الناتو في القارة الاوروبية، وإن بات معلوما لدى القيادة الروسية ان واشنطن لن تستجيب لهذه الدعوة. ولذا فان هناك ما يشير الى ان توقيت الزيارة والاعلان عن قدرات المحطة والذي جاء مواكبا لبداية المناورات العسكرية المشتركة مع الصين في منطقة الاورال الروسية يمكن تناولهما من منظور مواصلة روسيا للبحث عن البدائل المحتملة لأخطار توسع الناتو شرقا. وكانت بعض المصادر الروسية قد كشفت أخيرا عن توجه جدي من جانب موسكو لاحياء «حلف وارسو» القديم من خلال تشكيل ما يسمى ب«تحالف مجموعة شنغهاي» التي تضم كلا من الصين وروسيا وقزقستان واوزبكستان وتاجيكستان وقيرغيزستان. واشارت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية الى ان هيئة الاركان الروسية تطرح على استحياء فكرة تشكيل مثل هذا التحالف التي لا تزال بكين تنظر اليها بالكثير من التردد. وقالت ان سيرغي ايفانوف النائب الاول لرئيس الحكومة الروسية سبق وطرح هذه الفكرة خلال اجتماع وزراء دفاع بلدان مجموعة شنغهاي في ابريل (نيسان) الماضي لمواجهة الاخطار والتحديات المشتركة. ونقلت عن فيتالي شليكوف عضو مجلس الدفاع والسياسة الخارجية قوله «ان ادعاءات الولاياتالمتحدة والناتو لشغل المواقع الريادية في العالم في حاجة الى ما يواجهها. ولا شك في حاجة روسيا الى حلفاء ولا سيما في مثل هذه المنطقة المعقدة مثل القارة الاسيوية». واشارت الصحيفة الى ان ما قاله الجنرال بالويفسكي النائب الاول لوزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان حول ان روسيا لا تؤيد تشكيل التحالفات العسكرية ليس سوى مناورة لصرف الانظار بعيدا عن النوايا الحقيقية لروسيا في الوقت الذي صار الجميع فيه يعودون الى مخاوف واحتمالات تجدد «الحرب الباردة» التي ثمة من يقول انها اندلعت بالفعل منذ حذر الرئيس الروسي بوتين في فبراير (شباط) الماضي في مؤتمر الامن الدولي في ميونيخ من مخاطر هيمنة القطب الواحد.