قدم الرئيس الأمريكي جورج بوش الشكر لبولندا لقبولها أن تكون قاعدة لنظام الدرع الصاروخي الذي تسعى واشنطن لإقامته في أوروبا الشرقية كما أرسل إشارة واضحة حول عزمه المضي قدما في الخطة بغض النظر عن العروض التي تقترحها موسكو. وتأتي تصريحات بوش في إطار مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره البولندي ليش كاستزنسكي في مطار غدانسك قبيل توجهه إلى العاصمة الإيطالية روما. وقال بوش إننا سنعمل على إجراء مفاوضات من أجل التوصل لاتفاق عادل يعزز الأمن البولندي وأمن القارة بأكملها أمام أنظمة دكتاتورية تحاول ابتزاز الأمم الحرة. وكان بوش قد توقف في بولندا قادما من ألمانيا حيث شارك في قمة الدول الثماني الكبار وبحث مع نظيره البولوني قضية الدرع الصاروخي والموقف الروسي منها. من جانبه قال الرئيس البولندي إنه وبوش بحثا العرض الروسي بخصوص إقامة نظام مشترك لرصد الصواريخ في أذربيجان لافتا إلى أنه سيتحدث مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في الثامن عشر من يونيو الجاري. بالمقابل اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمكانية إقامة النظام الدفاعي المضاد للصورايخ في دول تابعة لحلف الأطلسي مثل العراق أو تركيا أو إقامة منصات عائمة في البحر معدة لهذا الغرض. وتأتي تصريحات بوتين بعد يوم واحد من تقديمه اقتراحا لبوش في لقاء على هامش قمة الثماني بإقامة قاعدة رادار مشتركة لرصد الصواريخ في أذربيجان كحل وسط للتوتر القائم بين الجانبين على خلفية الدرع الصاروخي الذي تسعى واشنطن لإقامته بأوروبا الشرقية. وكانت أذربيجان قد أعلنت استعدادها لمناقشة الاقتراح الروسي بعدما ذكر الرئيس بوتين أنه تحدث إلى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بهذا الخصوص. من جهة أخرى قال رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما (البرلمان) الروسي قسطنطين كوساتشوف إن رد واشنطن على اقتراح موسكو سيكشف الدوافع الأميركية الحقيقية لنشر درعها الصاروخي في كل من التشيك وبولندا. وقال كوساتشوف إن أي رفض أمريكي للاقتراح الروسي سيبين أن الهدف الحقيقي لواشنطن لا يتمثل في مواجهة التهديدين الإيراني والكوري الشمالي وإنما ردع القدرات النووية الروسية. وشدد كوساتشوف على أن قبول واشنطن اقتراح موسكو سيعني بدء مرحلة جديدة من الشراكة بين البلدين فيما اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ياب دي هوب شيفر أمس الجمعة أنه من السابق لأوانه الحكم على المقترح الروسي. يذكر أن الاقتراح الروسي يعتمد على محطة غابالا الواقعة على بعد 200 كلم شمال العاصمة باكو والتي كانت مستخدمة من القوات العسكرية السوفياتية في ثمانينيات القرن الماضي لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991 وافقت أذربيجان على تأجير المحطة لصالح الجيش الروسي. وتضطلع هذه المحطة بدور مهم في نظام الإنذار الروسي حيث كشف وزير الدفاع سيرغي إيفانوف في يناير 2006 أن تغطية رادار محطة غابالا تشمل ستة آلاف كيلومتر وتغطي الشرق الأوسط والشرق الأقصى وأجزاء من القارة الأفريقية. هذا وتثير الخطط الأميركية بنشر درع صاروخي في بولندا وجمهورية التشيك غضب روسيا التي ترى أنها مستهدفة من هذه الخطوة، بينما تصر واشنطن على أن الدرع يهدف للحماية من أي هجوم صاروخي محتمل من إيران أو كوريا الشمالية.