نقلا عن: الاهرام فى 16/7/07 عدد كبير من المسابقات التي تعد الشباب بجوائز تصل أحيانا إلي ملايين الجنيهات أو الدراهم أو الدولارات تتعامل مع الجمهور ومعظهم من الشريحة العمرية الممتدة من16 إلي30 عاما بمنطق المقامرة! إذ تحدد لجمهور الفضائيات رقما ويرسل عبره رسالةSMS ويتم السحب بنظام القرعة لتحديد الفائز ومضمون الرسالة في هذه الحالة يكون الإجابة عند سؤال غاية في السهولة أو يقال للمتفرجين مباشرة: أرسلوا بكلمة كذا عبرSMS وستكونون إن شاء الله من الفائزين! نحن إذن أمام بيزنس من نوع خاص جعل من هذه الرسالة القصيرة وسيلة سحرية لاستزاف الجيوب, وإذا استشهدنا بالأرقام فنحن أمام حقائق مفزعة يكفي أن نعرف أن حجم ما أنفقه الشباب في مصر علي الSMS مضافا إليه النغمات والرنات الخاصة بالموبايل تجاوز المليار جنيه عام2006 حسب أحدث دراسة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء! محمود طه ثالثة حقوق يعترف بأنه وقع في فخ مسابقات الفضائيات التي تعتمد علي إرسال كلمة ما عبر الSMS بالعربية أو بالإنجليزية, يقول: كانت قيمة الجائزة مهولة! مليون دولار مرة واحدة! أصدقائي سخروا مني وقالوا المتعوس متعوس ولو علقوا علي بابه فانوس. ولم أقلع عن إدمان هذه المسابقات إلا حين صعقت وأنا أطالع مفردات فاتورة الموبايل آخر مرة! أحيانا تكون الSMS وسيلة لكشف سر لا يعرفه الوالدان أو أحدهما عن ابنهما المراهق كما حدث مع السيدة م التي فضلت عدم ذكر اسمها تقول: فوجئت ذات مرة بابني مراد ثانية ثانوي وهو يتلقي رسالةSMS بالإنجليزية من أحد أصدقائه.. وكانت المفاجأة غير سارة.. فابني حسب الرسالة مشغول بزميلة له اسمها ميرنا ويبدو أن هناك من ينافسه في حبها, لكن هذا المنافس قرر أن يخلي الساحة وينسحب في هدوء وبساطة! المصيبة أنه في هذه السنة بالذات تراجع مستوي الولد دراسيا بشكل ملحوظة والآن عرفت السبب ودون أن أشعره بأي رقابة أصبحت انتبه لفحوي رسائل الSMS الصادرة من جهازه المحمول والواردة إليه.. انتهت كلمات الأم, لكن الأزمة لم تنته, فالاغتراب عن اللغة العربية لدي الجيل الجديد هو وجه آخر سييء تعكسه هذه الرسائل حين تصبح الإنجليزية هي لغة التواصل بين الشباب عبر الSMS. والمؤسف أن هناك شبابا يرسلون نكاتا وشتائم إلي زملائهم دون أدني رقابة من جانب القنوات الفضائية. وهناك من يشغل الSMS في عمل دعاية رخيصة التكاليف لأعماله. وفكرة الSMS ليست جديدة فهي مقتبسة أساسا من فكرة الدردشة التي يمكنك استخدامها علي العديد من مواقع الإنترنت.. ولكن الفكرة تحولت من مجرد تواصل وتفاعل مع الشباب إلي بيزنس تقوم به الفضائيات الخاصة خصوصا وأن سعر الدقيقة يتراوح بين150 إلي199 قرشا مصريا تدفع منها القناة جزءا للشركة صاحبة الرقم مقابل تخصيصه لها وتعود باقي الأرباح للقناة. مصدر بإحدي قنوات الموسيقي الفضائية يشرح كيفية استقبال تلك الرسائل في تلك القنوات الفضائية قائلا: إذا رغبت في إرسال رسالة قصيرة إلي القناة فيجب أن تختار كود البلد. وعادة ما تكون هناك اتفاقية تعاون بين القناة وشركة محمول من خلال تخصيص رقم تليفون مكون من أربعة أرقام لاستقبال رسائل الشباب وهناك شركة ثالثة تتوسط في الموضوع تقوم بعمل تنقية لتلك الرسائل فلترة بهدف إلغاء أي الفاظ جارحة أو منافية للآداب أو حتي تحتوي علي عبارات سياسية من الممكن أن تسبب مشكلة!! لكن خبراء في الإعلام يؤكدون أنه لا يوجد في الحقيقة أي رقابة بشرية علي الرسائل التي تصل معظم القنوات إلا من خلال برنامج كمبيوتر اسمهonlinedictionary يحتوي علي قائمة بكل الألفاظ والمفردات الممنوعة حتي يقوم بعمل تصفية لها والسبب في الرسائل الخارجة التي تظهر علي القناة هو أن البعض يستخدم ألفاظا ذكية بطريق غير مباشرة لذلك فهي تمر من الجهاز ويتم عرضها دون إلغاء!! المشكلة والحل د. فوزي عبدالغني رئيس قسم الصحافة بأكاديمية أخبار اليوم يعلق علي انفجار هذه الظاهرة من خلال الفضائيات بالقول: الظاهرة في حد ذاتها تعبر عن إمكانيةSMS ظاهرة الإعلام الجديد, لكن الخطورة هنا تكمنNEWMEDIA تكنولوجية حميدة لما يعرف ب حلم له وجه حميد هو تحقيق الاتصال الشخصي ضمنSMS في سوء التوظيف, لعدم عدم وجود رقابة عليSMS منظومة الاتصال الجماهيري العام. أما الوجه القبيح ل مضمون تلك الرسائل وإطلاق الحبل لها علي الغارب بهدف التربح المالي, لدرجة إن إحدي القنوات الفضائية التي تعلق لافتة دينية حين أنشئت مؤخرا كان مصدرها المالي الوحيد هو تلك الرسائل. ونحن كأساتذة إعلام ندعو لميثاق شرف اعلامي لمواجهة تلك الظاهرة التي تستنزف جيوب البسطاء, من خلال أسلوب جديد( للنصب) ومن الناحية الإعلامية العامة لابد من أن تكون المادة التي تبث خاضعة للقيم الأخلاقية العامة في المجتمع, والمشكلة انه مع انفجار الفضائيات تراجعت سلطة الحكومات المحلية وضعفت فكرة الرقابة ويشدد د.فوزي علي ضرورة وجودة ميثاق شرف مكتوب يوزع علي القنوات يحمل ضوابط محددة بشأن الرقابة علي مضمون تلك الرسائل التي وصلت أحيانا إلي حد التحرشالجنسي وإطلاق عبارات تدخل في إطار الدعارة. وهذا الميثاق يجب أن يكون ضمن شروط التعاقد مع أية فضائيات بحيث إذا لم تلتزم المحطة الفضائية بتلك الشروط يتم وقف بثها في الحال! د. شريف قاسم رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات يشير إلي أننا أمام ظاهرة اقتصادية قائمة علي استغلال ومداعبة أحلام الشباب من خلال المسابقات التي تعد الناس بالملايين وهذه الظاهرة تندرج تحت ما يعرف باسم( الأنشطة الطفيلية الاقتصادية)! والمقصود بها تلك الأنشطة التي تعبر عن قيمة مضافة وتبحث عن الربح السريع الانتهازي وتخلو من قيم العمل والاجتهاد والإنتاج ومثل هذه الأنشطة تعد أحد أعراض ضعف الاقتصاد القومي وتجد التربة خصبة لتتكاثر حين تزداد أزمة البطالة حدة. د. عادل رجب أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة يلقي باللائمة علي المستهلك أو المواطن الذي لم يعد رشيدا أو عاقلا فالمستهلك طرف اساسي في العملية الاقتصادية ولكن يشترط فيه الرشاد والعقل حتي لا يتجاوز إنفاقه ميزانيته, فليس معقولا أن يستجيب شخص لإغراءات الجوائز الوهمية ويدمن مثل هذه الرسائل بطريقة تشكل عبئا ماديا حقيقيا, كما أن جمعيات حماية المستهلك مطالبة بالتدخل لوضع معايير واضحة تحمي الناس من النصب وبيع الأوهام, أي أن المسئولية هنا مزدوجة, فهناك مسئولية فردية توجب أن يكون المواطن رشيدا وعاقلا في سلوكه الاقتصادي ومسئولية عامة توجب علي المجتمع المدني بالذات وجمعيات حقوق المستهلك التدخل. الأسرة والمدرسة د. يسري عفيفي أستاذ تطوير المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس يقول معلقا علي هذه الظاهرة أن المشكلة تكمن في غياب مؤسسات الضبط الاجتماعي, كما أن هذه الظاهرة تعكس مفهوما مغلوطا للحرية التي تحولت إلي فوضي, لقد أصبحت أي أسرة معرضة لعبارات خارجة ترسل عبر الSMS تخدش الحياء, ولايجد رب الأسرة قدرة علي التفسير وللأسف فان مؤسسات الضبط الاجتماع وأهمها المدرسة لم يعد لها تأثير يذكر, أما الأسرة فتساهم في حدوث مثل هذه الظواهر المؤسفة من خلال التدليل الزائد للأبناء وهو ما يؤدي إلي فسادهم!