تتصاعد الأحداث بين الحين والآخر, حول الملف النووي الايراني, والتكهنات بتوجيه ضربة عسكرية خاطفة من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية, وآخر تلك التكهنات بعهد المناورات الأمريكية الاسرائيلية المشتركة في صحراء النقب بين القوات الجوية للبلدين, واثارتها للكثير من الجدل حول الاستعداد لتوجيه ضربة مشتركة علي المنشآت النووية الإيرانية, وذلك في الوقت الذي أطلقت فيه إسرائيل قمرها الصناعي للتجس والمعروف ب( أفق7), حيث يؤكد مسئولون اسرائيليون أن هذا القمر يساعد في التصدي لجهود ايران لامتلاك سلاح نووي. وعلي الفور أصدرت ايران تهديداتها باشعال منطقة الخليج العربي بأكملها في حال توجيه أي ضربة عسكرية امريكية, او اسرائيلية علي منشآتها النفطية وعلي الرغم من نفي علي شمخاني كبير المستشارين العسكريين لدي المرشد الأعلي للثورة الإيرانية, لجميع التهديدات لدول الخليج العربي, فإن هذه التهديدات ستصبح جدية في حال تنفيذ اي هجوم عسكري علي ايران, وهو الأمر الذي دفع المسئولين العسكريين في كل من اسرائيل والولاياتالمتحدة لتأكيد ان هذه التدريبات ليست مدجهعة ضد دولة بعينها وهي مخطط لها منذ أكثر من عامين, ولكن الواقع ايضا يؤكد ان هذه التدريبات عبارة عن رسالة موجهة إلي إيران الهدف منها الردع.. وامكانية توجيه ضربة عسكرية خاطفة لها في أي وقت. الدور الإسرائيلي ومن المعروف ان إسرائيل تسعي دائما بطريق مباشرا أو غير مباشر إلي اثارة الكثير من الفتن في منطقة الشرق الأوسط, كما تفعل الآن بخصوص البرنامج النووي الايراني, ومحاولة شحذ همم الولاياتالمتحدةالأمريكية لتنفيذ عملية عسكرية, وكذلك ضغطها علي الولاياتالمتحدة لاتهام سوريا بأنها ترعي الارهاب, وأنها هي وايران السبب في دعم حزب الله في الجنوب اللبناني, والذي يعد العدو اللدود للادارة الإسرائيلية, حيث لم تفلح الآلة العسكرية الاسرائيلية في ايقاف قوته, وأخفقت كثيرا امامه, فهي ترغب في التشفي فيه ولكن عن طريق دول أخري. واذا نظرنا في البداية إلي منطقة الشرق الأوسط, فسنجد ان دولة إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك سلاحا نوويا فتاكا يصل لأكثر من200 رأس نووي, تهدد به المنطقة بأسرها وهو أمر بالفعل تقع مسئوليته علي الدول الغربية, والولاياتالمتحدةالأمريكية التي ساعدت إسرائيل كثيرا لامتلاكها السلاح النووي لتتفوق بذلك علي دول المنطقة بأسرها, وليكون سلاحا رادعا لترهيب أي دولة تحاول مهاجمة إسرائيل, مما جعل لذلك تبعات كبيرة, أهمها محاولة ايران لامتلاك هذا السلاح. واذا تتبعنا الدور الاسرائيلي واللوبي اليهودي الموجود في الولاياتالمتحدة فسنجد انهما يعملان علي تأليب الرأي العام العالمي ضد أي دولة في منطقة الشرق الأوسط تحاول أن تمتلك أي سلاح متقدم, فهي دائما ما تقف عائقا امام صفقات السلاح الغربية وخاصة الامريكية منها لدول المنطقة, خاصة لمصر والسعودية حيث إنهما الدولتان المحوريتان في المنطقة, أما بالنسبة لايران فهي تحاول احباط مخططها النووي, حيث ان امتلاك ايران للسلاح النووي, مع امتلاكها للصواريخ اللازمة لنقله يؤدي ذلك إلي توازن القوي في منطقة الشرق الأوسط, بين ايران واسرائيل كما هو الحال بين الهند والباكستان وهو الأمر الذي ترفضه إسرائيل بقوة. وتتحرك إسرائيل في الوقت الحالي بصورة كبيرة في اطار ايقاف ايران, وقد وضعت في خططها بدائل ومنها تنفيذ إسرائيل بنفسها ضربة جوية للمواقع النووية الايرانية, كما فعلت من قبل مع العراق وتستخدم فيها الطائرات المقاتلة( إف18) الهجومية مع اعادة تزويدها بالوقود في الجو حتي تستطيع تنفيذ مهامها, ولكنها ايضا تضع في حساباتها القوة العسكرية الايرانية فإن استطاعت الطائرات الاسرائيلية الهروب من أنظمة الدفاع الجوي الايرانية المتقدمة وتنفيذ مهمتها فان العمق الاسرائيلي نفسه لن يسلم من الصواريخ الايرانية من طراز( شهاب) القادرة للوصول إلي إسرائيل وتخلف قدرة تدميرية عالية والتي لايمكن مقارنتها بصواريخ صدام حسين في حربه الخليج الثانية(1991) أو صواريخ حزب الله في حرب الأخيرة مع إسرائيل العام الماضي. لذا فان إسرائيل تعرف جيدا مخاطر توجيهها ضربة عسكرية مباشرة لايران في الوقت الحالي, لذا فهي تسعي بقوة لان تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية بالوكالة عنها وذلك من منطق ان اسرائيل هي الحليف الاول للولايات المتحدةالامريكية في المنطقة, ويجب عليها حمايتها والمحافظة علي تفوقها العسكري علي دول المنطقة مجتمعة, ولن يتم ذلك إلا من خلال أن تكون إسرائيل هي القوة النووية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط. موقف القوات الأمريكية أما بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية التي تسعي لايقاف البرنامج النووي الإيراني فاننا سنجد أنها تحتفظ بثلاث مجموعات رئيسية من القوات الامريكية متمركزة في بحر العرب والخليج العربي, وهذه القوات مزودة بنحو450 صاروخا من طراز كروز في حالة استنفار قصوي, ويؤكد محللون عسكريون غربيون ان الهجمات الأمريكية ستبدأ بضربتين مفاجئتين بصواريخ توما هوك لاحداث شلل في قدرات أنظمة الدفاع الجوي الايراني, وتشترك في كل ضربة نحو150 طائرة من سطح حاملات الطائرات المتمركزة في الخليج العربي, وستشمل الاهداف الأولية للضربة العسكرية الأمريكية, مراكز القيادة ومنشآت الدفاع الجوي, والمواني وأرصفة الشحن والتحميل, بينما تضم قائمة الأهداف الثانية المنشآت النووية الإيرانية, والتي تصل إلي11 منشأة. الاستراتيجية العسكرية الأمريكية ولكن المتتبع للاستراتيجية العسكرية الأمريكية, والموضوعة في البنتاجون الأمريكي, والمعلنة وتدرس في كبريات المعاهد العسكرية, أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قادرة علي شن حربين اثنتين وفتح جبهتين للقتال فقط في وقت واحد, ولاتستطيع فتح جبهة ثالثة بأي حال من الأحوال وهو ما يحدث حاليا, فالولاياتالمتحدة تفتح جبهتين حاليا في أفغانستان والعراق, واذا ما أكد البعض ان حلف شمال الأطلنطي,( الناتو) هو الذي يلعب الدور الأكبر في أفغانستان فهذا الامر ليس بصحيح لان القوات الأمريكية لديها اكثر من50 ألف جندي في أفغانستان طبقا للاحصاءات الأمريكية هذا بجانب الوضع السييء للقوات الأمريكية في العراق وعدم قدرتها علي فرض الأمن والنظام بها, وفشلها المتكرر أمام المقاومة العراقية. وبناء علي ذلك فان الولاياتالمتحدة تعلم جيدا, وقادتها يعلمون ذلك بناء علي استراتيجيتهم أنهم لن يستطيعوا في الوقت الحالي تنفيذ أي ضربة عسكرية ليس لايران بل لاي مكان آخر في العالم, وهذا ما أكده روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي الذي أكد في مؤتمر الصحفي ردا علي مخاوف الكونجرس من أن الادارة الامريكية تنوي توجيه ضربة عسكرية إلي طهران, في اطار الخطاب المتشدد التي دأبت علي استخدامه في الفترة الأخيرة, وتنفيذ مناورات ضخمة في مياه الخليج بأن الولاياتالمتحدة لاتخطط لخوض حرب مع ايران واعترف جيتس بأن تكثيف الحشود البحرية في الخليج اضافة إلي تصاعد الجهود الموجهة ضد الشبكات الايرانية التي تهرب الأسلحة إلي العراق قد زاد من التكهنات القائلة, ان واشنطن تنوي مهاجمة ايران. ان ما سبق هو تصريحات وزير الدفاع الأمريكي, وهي ليست بالطبع ضمن خطة خداع استراتيجي أمريكي تنفذ قبل توجيه ضربة عسكرية, فالاستراتيجية العسكرية الأمريكية لاتعتمد علي الخداع الاستراتيجي قبل أي حرب تخوضها فإن استعدت لخوض معركة فانها تعلنها قبل فترة كبيرة لما حدث في حربها ضد أفغانستان والعراق, لذا فالولاياتالمتحدة ترمي بالكرة في ملعب مجلس الأمن لتنفيذ عقوبات وحظر اقتصادي مشدد ضد ايران قد يجبرها علي ايقاف تخصيب اليورانيوم. المخطط الايراني واذا نظرنا أيضا إلي ايران في الوقت الحالي والدور الجديد الذي ترغب أن تلعبه في منطقة الخليج بعد غزو واحتلال العراق, فاننا سنجد أنها تحاول أن تكون القوة والمؤثرة في المنطقة, ووجدت من العراق أرضا خصبة لانطلاقها, وتنفيذ مخططها التوسعي الشيعي من خلال الجنوب العراقي الذي تغلغلت فيه بقوة ولم تستطع الولاياتالمتحدة ايقاف هذا التغلغل بل علي العكس تركت الساحة خاوية امامها للسيطرة علي الشيعة الذين يمثلون الأغلبية في العراق, للوصول إلي السلطة. ومن بعدها السيطرة علي دول الخليج أصحاب الأغلبية الشيعية, مما يهدد الأمن القومي لدول الخليج, ومن بعد ذلك تغيير الخريطة بالكامل لمصحلتها وتصبح جميع الدول موالية لها. ان ما سبق يؤكد أن هناك اشكالية كبيرة فكل طرف له أهدافه وأطماعه, فإسرائيل تحاول ان تفعل أي شيء يرد لها هيبتها بعد الفشل الذريع الذي منيت به علي يد حزب الله, والولاياتالمتحدة لها مخططاتها في منطقة الشرق الأوسط, ولكن استراتيجيتها العسكرية تجعلها تقف مكتوفة الأيدي عن تنفيذ أي جديد, وايران لها أهداف, وطموحات تسير في تنفيذها بخطوات ثابتة, وناجحة حتي وقتنا هذا, اما دول مجلس التعاون الخليجي فستكون الضحية في حال تنفيذ أي عمل عسكري جديد وعلي الرغم من النفي الايراني بالتعدي علي دول الخليج, فان ذلك لن يحدث بالطبع في حال تعرضها لأي هجوم وستقصف المواقع العسكرية الأمريكية في كل من قطر والبحرين وتشتعل منطقة الخليج العربي بأكملها.