أكد الدكتور سعد الزنط رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال أن الضربة الجوية التى وجهتها مصر إلى التنظيم الإرهابي في ليبيا تعد مقدمة صحيحة ومدروسة لكل الخطوات التى يتوقع أن تقدم عليها مصر لا لمجرد رد الإعتبار للكرامة المصرية فقط ولكن لتأكيدها الحفاظ على مقدرات الأمن القومي المصري على كل متر مربع لنا مصلحة فيه. موقع "أخبار مصر" www.egynews.net التقى الدكتور سعد الزنط وأجرى معه حواراً حول كيف ستتعامل مصر مع هذه التنظيمات الإرهابية بعد حادثة قتل المصريين في ليبيا وكان هذا نص الحوار. *** كيف تعاملت القيادة المصرية مع الأزمة وما تقييمك لهذا الأداء؟ واضح أن هناك ثقافة جديدة لدى القيادة السياسية لم نتعودها خلال العقود الماضية وهي إدارة أزمات الوطن بشكل علمي وفوري. فقد قام السيد الرئيس بمجرد علمه بحادث قتل المصريين بالخروج إلى الشعب المصري وتوجيه بيان كان في غاية الإنضباط والإحساس بعمق الآلم لجرح الوطن بعدها مباشرةً تم دعوة مجلس الدفاع الوطني المنوط به إدارة مثل هذه الأزمات وعقد اجتماع ضم كامل أعضاءه وبعدها صدرت التوجيهات والقرارات التى ظهرت آثارها فوراً منها ما وجه للقوات المسلحة ومنها ما وجه للخارجية وكافة المؤسسات الأمنية ذات الصلة ثم أختتمت القيادة الموقف بزيارة واجبة ومؤثرة ولافته للكاتدرائية. *** ما أهمية الرد العاجل من الجيش المصرى على مذبحة المصريين فى ليبيا؟ التوقيت كان عبقرياً لأنه على المستوى الإستراتيجي لم يعط أي وقت للطرف الآخر لكي يستعد كما أنه تمكن من إمتصاص الغضب المصري وتضميد آلامهم وحقق أهدافاً على الأرض. *** من أين بدأت مسيرة الطائرات المصرية استعدادا لتنفيذ المهمة ؟ لدينا في المنطقة الغربية قيادة عسكرية مسئولة عن تحقيق أهداف عسكرية تكلف بها من القيادة العامة وتقع هذه العملية ضمن نطاق هذه المسئولية. *** هل يمكن الإتفاق بين الدول العربية على عمل تنسيق بين القوات الجوية بها لضرب معاقل التنظيمات الأرهابية ؟ هناك اتفاقية الدفاع العربي المشترك التى تأخرنا كثيراً في تفعيلها لعدم وجود الإرادة السياسية الجمعية والآن الظروف الإقليمية والدولية وهي قاسية لأنها لا تتعلق فقط بالإرهاب وإنما تمتد للوجود ذاته ومع ذلك فأنني أشك في قدرة الدول العربية على تفعيل هذه الاتفاقية حالياً والبديل هو التنسيق بين بعض الأطراف حسب الظرف وهو ما حدث هذه الأيام مع القيادة الليبية حيث تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة أدارت مصر العملية من خلالها. *** هل الأكثر تأثيرا فى الحرب على الارهاب بسيناء القوات البرية أم الطائرات؟ كل سلاح وله نطاق عمل وتكليفات تتناسب وطبيعة الهدف.. فالقوات البرية للقوات المسلحة بالتنسيق والتعاون مع قطاع الأمن المركزي والعمليات الخاصة بوزارة الداخلية لهم دوراً كبيراً وتتم الإستعانة بطائرات الأباتشي وطائرات الإستطلاع في الأماكن التى تستلزم ذلك ودورهما مكملان. *** لماذا سعت مصر للحصول على الطائرة الفرنسية رافال فى هذه الفترة؟ لأنها تعد الطائرة الأحدث والأقوى في جيلها من الطائرات المقاتلة والمدرسة المصرية سبق وأن أقتنت طائرة ميراج 2000 فللتكنولوجيا الفرنسية في المجال العسكري مساحة جيدة في التسليح المصري وهو توجه جيد للقيادة المصرية خاصة وأن العلاقات المصرية الأمريكية في هذا المجال مرة بإختبارات في أغلبها كانت سلبية في المرحلة الأخيرة ونشير تحديداً إلى الطائرات ال10 الأباتشي وامتداداً للحلول المصرية هناك صفقات سلاح إستراتيجية مع الروس والصين. *** ما هى الأهداف والبؤر التى أستهدفتها الضربة الجوية المصرية لتنظيم داعش الارهابى فى درنة ؟ حسب رواية مدير القوات الجوية الليبية في مداخلة مع التليفزيون المصري يوم 16 فبراير فإن الأهداف كانت أماكن تدريب ومخازن أسلحة وأماكن الإقامة لبعض القيادات الإرهابية كما أمتدت للميناء البحري الذي تستخدمه القوات التركية والقطرية في عمليات الامداد وقد أكد أن الأهداف جميعها تم تدميرها. ***هل الطائرات المصرية ضربت معاقل داعش فى سرت أم أكتفت بالبؤر والمواقع فى درنة فقط؟ واضح أن هناك خريطة لدى القيادة العسكرية المصرية محددة بكل الأهداف المطلوب تدميرها أو التعامل معها وهناك جدول أولويات وعليه فما لم يسحق فى الضربة الأولى سوف يلحق بضربات أعتقد انها لن تنتهي قريباً خاصة وان هناك تنسيقاً يتم الآن مع الجزائروتونس من الجبهة الغربية ومع فرنسا المتواجدة بكثافة في دول الجنوب (مالي- النيجر- تشاد) من الجبهة الجنوبية ومع إيطاليا في الجبهة الشمالية وأعتقد ان ذلك سيتم خلال ساعات قليلة. *** كيف نجحت القوات الجوية فى تنفيذ ضرب معاقل داعش بليبيا بهذه الدقة؟ القوات المسلحة المصرية لديها أجهزة معلومات سواء مصرية أو ليبية تمكنت من خلالها من رسم خريطة الأهداف كما أن التنسيق اللوجستي والمعلوماتي مع القوات المسلحة الليبية ساعد كثيراً سواء في تحديد الأهداف بدقة أو إصابتها وتدميرها بشكل كامل. *** ما أهمية التنسيق بين القوات الجوية المصرية والقوات الجوية الليبية قبل ضرب معاقل تنظيم داعش الارهابى؟ ليبيا دولة شقيقة وتعد امتداداً طبيعياً لحدود أمننا القومي ولكنها دولة ذات سيادة تحترمها مصر ولم يغب عن ذهننا أن التنسيق المسبق معها فيه نوع من الإحترام لهذه السيادة وفي كل الأحوال مصر تتجنب الوقوع في الأخطاء التى ينتظرها الغرب للإستدراج. *** هل هناك ضربات جوية متوقعة ضد تنظيم داعش خلال الفترة المقبلة؟ أعتقد أن الظروف سوف تدفع إلى المزيد من الضربات الجوية وقد نلجأ إلى ما هو أكثر حسب السيناريوهات المتوقعة والتى دائماً ما تسير على هداها القوات المسلحة فليس هناك قرارات عشوائية ولا تترك الأمور للظروف. *** ما حقيقة ما تردد عن توجيه ضربات مصرية ليبية جديدة عصر الإثنين 16 فبراير؟ ليس هناك معلومات مؤكدة ولكن المؤكد الوحيد ان القيادة المصرية والقوات المسلحة أمامها كل الخيارات مفتوحة ولن تتردد في اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب *** إلى أى مدى القوات الجوية المصرية قادرة على التصدى للتنظيمات الإرهابية التى تريد ضرب استقرار مصر؟ كل أجنحة القوات المسلحة المصرية جاهزة وتعمل بتناغم تحت قيادة لديها القدرة على توجيه أي منها لتحقيق أهداف محددة. ***هل يكفى الحل العسكرى لضرب معاقل داعش ومخازن سلاحه فى ليبيا؟ الحل العسكري هو أحد الحلول التى تشبه البتر في العمليات الجراحية وفي حاله مصر فمنذ فترة طويلة وعت لخطورة الإرهاب في ليبيا منذ تحولت مؤسساتها إلى مؤسسات فاشلة وسكنت عناصر أنصار الشريعة كل مفاصل مناطقها فقامت بالتنسيق مع الكثير من شيوخ القبائل النافذين تنبهت لخطورة الإتصال بقادة القوات المسلحة السابقين ذات النفوذ فضلاً عن الترتيب مع كل من تونسوالجزائر. وكلها مجهودات تصب في البحث عن حلول للأزمة الليبية التى تؤثر كثيراً على الأمن القومي المصري. *** هل نحن في حاجة لتضافر جهود كل مؤسسات الدولة فى الحرب ضد الارهاب؟ بالتأكيد خاصة الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام ثم المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني وجماعة النخبة المصرية وقادة الفكر والرأي.. وفي الحقيقة نحن أمام معركة أكبر بكثير من مجرد إرهاب إنها معركة "وجود" لا يبدو في الأفق أنها ستنتهي قريباً *** العالم كله وقف مع فرنسا بعد حادث شارلى ابدو .. فهل سيتكرر نفس الأمر مع مصر؟ في تقديري- واسمح لي بالإختلاف- أن حادث (شارلي إبدو) ليس حادثاً إرهابياً عادياً ارتكبه بعض الشباب المسلم المتشدد نكون بلهاء إذا تصورنا ذلك ما حدث هو عملية إرهابية كبيرة تم الإعداد لها وتنفيذها بمعرفة أجهزة مخابرات لدول كبيرة لأن الهدف النهائي من هذه العملية هو إعادة فرنسا وكل الدول الأوروبية التى أعترفت قبل الحادث بأسابيع بفلسطين كدولة حتى ولو كان بشكل غير رسمي وهو أمر أقلق القوة الصهيو أمريكية وكاد أن يتسبب في إفشال السيناريو الجديد الذي يتم إنضاجه في امريكا بديلاً عن السيناريو الذي أجهضته مصر في 30 يونيه و3 يوليو. ويجب علينا أن نلحق هذه الواقعة ربطاً بأحداث 11/ سبتمبر واستعمالها في تحليل مواقف استراتيجية في اتجاه محدد وهو إعادة هندسة خريطة الشرق الأوسط بما يخدم اسرائيل. *** هل يمكن أن يتشكل تحالف دولى لضرب داعش فى ليبيا على غرار ما حدث مع دواعش سوريا والعراق؟ أمريكا أعلنت خلال الساعات الماضية في تصريحات مقتضبة إرادت من ورائها أن ترسل رسالة تهديد لكل من يفكر في الإصطفاف مع مصر في حربها المشروعة على داعش ليبيا نفهم من ذلك أن فرصة التحالف الدولي سوف تستغرق وقتاً اطول وتكليف السيد وزير الخارجية بالسفر إلى نيويورك وواشنطن للبحث في إمكانية تنفيذ هذا التحالف ولكن لا أعتقد ان أمريكا سوف تمنحنا القدرة على انجاح مثل هذا التحالف لأنه في النهاية ضد ما خططت له. ** إلى أى مدى تحتاج الدول العربية تشكيل قوات تدخل سريع عربية لمواجهة التنظيمات الإرهابية المنتشرة فى عدة دول كسوريا والعراق وليبيا واليمن؟ هذا الإقتراح كان ضرورياً جداً وكان يمكن أن يجنبنا ما وصلنا إليه الان لكننا تاخرنا كثيراً وكان الثمن غالياً والسبب الأساسي عدم توافر الإرادة العربية الصادقة وانكشف الأمر واتضح أن مطابخ اتخاذ القرار لمعظم الأنظمة العربية كان في الغرب. *** هل يمكن الإتفاق بين الدول العربية على عمل تنسيق بين القوات الجوية بها لدك وضرب معاقل التنظيمات الأرهابية كداعش والنصرة وبيت المقدس وغيرها؟ هناك بصيص أمل يبدو في الأفق ولكن ليس على المستوى العربي كاملاً. من الممكن أن يتم ذلك بين بعض الدول وأرشح لها بعض دول الخليج ومصر. *** ما أهمية الإعتماد على القوات الجوية فى محاصرة التنظيمات الارهابية فى سيناء خصوصا تنظيم بيت المقدس الأرهابى؟ استخدام القوات الجوية ياتي في مرتبه مهمة للغاية في العمليات التى تتم في سيناء حيث أن لها طبيعة تضاريسية خاصة وذلك لوجود الجبال التى يعد إختراقها صعبة للغاية والطرق الوعرة. *** ما المطلوب لدعم القوات الجوية فى حربها ضد الأرهاب فى سيناء؟ هناك خطوة مهمة جداً ومطلوبة للحرب على الإرهاب سواء في سيناء أو غيرها وهي ضرورة رفع كفاءة أجهزة المعلومات الأمنية لكل المؤسسات الأمنية سواء كانت المخابرات العامة أو الحربية أو وزارة الداخلية فالمعلومة الإيجابية هي الفيصل في إجهاض العمليات الإرهابية وانا أرجع الفشل الأمني في اكتشاف بعض العمليات لهذا السبب. ولطالما أوصيت بضرورة عودة جهاز أمن الدولة بكل عناصره التى تميزت بالآمانة والكفاءة المهنية والأخلاقية. *** فى رأيك متى نقضى على التنظيمات الإرهابية فى سيناء ؟ قريباً جداً خاصة بعد اتخاذ التدابير المهمة مؤخراً من عمل فاصل أمني بين حدودنا مع غزة ونقل القرى الحدودية والتوجه الصادق لعملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية في منطقة سيناء. *** ما هي الرسائل التى توجهها مصر للآخرين بصفقة الرافال؟ الرسالة الأولى لأمريكا على اعتبار أنها الدولة التى تحتل النسبة الأكبر من عمليات التسليح لمصر والرسالة باختصار أن الجيش الوطني المصري لن يتوقف عن تطوير إمكاناته ورفع كفاءاته القتاليه ولن يسمح لأمريكا أو لغيرها بإحتكار قدراتنا العسكرية. الرسالة الثانية للعالم أننا منفتحين على كل المؤسسات العسكرية المنتجه للسلاح في الدول الكبرى بخلاف امريكا ولا سيما روسيا والصين وفرنساوإيطاليا. ورسالة للداخل أن لدينا إرادة سياسية تمنحنا القدرة على أن نستعيد حرية اتخاذ القرار المصري الذي تأخر كثيراً ولكل من تسول له نفسه سواء دول أو منظمات إرهابية من التعدي على حدود الأمن القومي المصري بأن لدى مصر درع وسيف قوى ومتنوع وقادر. *** الإخوان يقولون .. مصر ليست في حرب محتملة مع عدو تحتاج هذه الطائرات له..ما رأيك فى ذلك؟ هذا كلام ساذج ومن يطلقه لديه الوعي بما يحاك لمصر. الأعداء الآن أكثر بكثير من الأزمان السابقة وبكل آسف هذا التنظيم الإرهابي كان من الأسباب الأساسية التى سهلت للإعداء الجدد إختراق منظومة الأمن القومي المصري ونذكر على سبيل المثال الفرس والعثمانيين والقطريين.