في تقرير لها من" دودوما " العاصمة التنزانية أول أمس الخميس قالت جريدة "الجارديان البريطانية " أن اجتماع الجمعية الوطنية التنزانية "مجلس الشعب التنزاني " لمناقشة ميزانية وزارة المياه للعام المالي 2007/ 2008 شهد مناقشات ساخنة بشأن اتفاقية حوض النيل الموقعة عام 1929 , فقد طالب بعض الأعضاء الحكومة العمل على إلغاء المعاهدة أو تعديله , في حين طالب البعض الأخر بمقاضاة المملكة المتحدة على اشتراكها بشكل مباشر في إبرام هذه المعاهدة. من جانبه حث لازارو تيالاندو النائب عن إقليم" سينجيدا الشمالى" الحكومة برفع دعوى قضائية ضد المملكة المتحدة لمشاركتها بشكل مباشر في إبرام اتفاقية حوض النيل الموقعة عام 1929 , والتي تمنع دول الحوض من إقامة أى مشاريع مائية على مياه بحيرة فيكتوريا قبل الرجوع لمصر والحصول على موافقتها . وطالب تيالاندو حكومته ببذل الجهود وتوحيدها مع باقي دول الحوض لمقاضاة المملكة المتحدة لمسئوليتها عن إبرام اتفاقية 1929 . واتهم تيالاندو المملكة المتحدة بأنها وراء كل المشاكل التي نجمت عن حرمان تنزانيا من حق التمتع الكامل باستعمال مياه بحيرة فيكتوريا في الري . وشدد على الحكومة أن تكافح من أجل إعادة المفاوضات لتعديل بنود المعاهدة لضمان استخدام مياه بحيرة فيكتوريا لمصلحة شعب تنزانيا "على حد قوله " .وأضاف إنه عندما يكون لتنزانيا مشروع يستثمر كامل مياه البحيرة فان ذلك سيعود بالنفع الاقتصادي والاجتماعي على السكان المحيطين ببحيرة فيكتوريا . وأضاف النائب التنزانى مؤكدا أن وجود اتفاقية 1929 التي وقعت مع مصر بمعرفة بريطانيا يوم أن كانت تحتل مصر والسودان , هي التي تسبب كل هذه المشاكل لتنزانيا . وقال النائب التنزانى إن بريطانيا الاستعمارية صاغت المعاهدة وفق مصالحها ومصالح جيشها الاستراتيجية في ذلك الوقت وأنها لم تراع مصالح دول الحوض .ودعا حكومته أن تطالب بريطانيا بتعويضات عن كل الخسائر والمعاناة التي تحملتها تنزانيا خلال السنوات الماضية , وأن تواصل الحكومة انجاز مشاريع ري على نطاق واسع على بحيرة فيكتوريا لإيصال مياه البحيرة إلى المناطق نصف القاحلة في العاصمة وفى مناطق شينيا نجا , وسينجيدا ,وكذا مناطق تابورا , وأيضا لتحسين أوضاع الري في مناطق موسوما وموانزا الواقعة على شاطىء البحيرة . وأشار النائب التنزانى إلى أنه بالرغم من أن حصة مصر من مياه النيل هي 55.5 مليار متر مكعب إلا أن مصر تمتلك أيضا حق الفيتو على استعمال مياه النهر من أى من دول الحوض خاصة مياه بحيرة فيكتوريا .واتهم النائب نيالاندو مصر بأنها لعبت دورا حيويا لدى الدول والمؤسسات المالية لمنع تمويل احد المشروعات العملاقة التي أعلنت تنزانيا عن إقامتها على بحيرة فيكتوريا , ومن بين هذه المؤسسات كما يقول المصرف العربي والبنك الدولي ودولا أخرى . وقال النائب إن استعمال كامل مياه بحيرة فيكتوريا هو حق للتنزانيين , لكنة تساءل أين هو هذا الحق ؟ ودعا الحكومة مجددا أن تعيد بحث المسالة وفق إستراتيجية جديدة تمكن التنزانيين من استعمال مياه البحيرة بسهولة ودون عوائق . كما تحدث النائب حمزة موينيجوها عضو البرلمان في منطقة" موروجورو" التنزانية الجنوبية مؤكدا أن مياه بحيرة فيكتوريا يجب أن تعود إلى تنزانيا بشكل شرعي , ودعا الجمعية الوطنية التنزانية لدعم جهود الحكومة لتأكيد السيادة التنزانية على البحيرة . ومن جانبه عقب" شوكورو كاوامبوا" وزير الرى التنزانى على ما جاء في كلمات الأعضاء مؤكدا انه لا توجد أى حاجة لاتخاذ إجراءات قضائية ضد بريطانيا , لأنه لم ينكر أي أحد أبدا حق تنزانيا في استعمال مياه بحيرة فيكتوريا . وتحتل تنزانيا الشاطىء الجنوبى لبحيرة فيكتوريا حيث النيل الأبيض, كما أنها اعترفت بمعاهدة 1929 عند استقلالها في عام 1961 . وأشار تقرير الجارديان إلى تحذيرات عدد من الخبراء من أن أفريقيا يمكن أن تشهد حروب في المستقبل ما لم يتم توزيع حصص مياه نهر النيل بإنصاف وعدل. يذكر أن وزير المياه الكينى (ميوتا كاتوكى ) أعلن مطلع يناير الماضي أن كينيا لا تعترف بمعاهدة دول حوض النيل, والتي تمنع استخدام مياه بحيرة فيكتوريا , أو إقامة أي مشروعات عليها إلا بموافقة مصر .وأضاف أن موقف كينيا منذ استقلالها من هذه الاتفاقية هو عدم الاعتراف بها , لأن بريطانيا وقعتها نيابة عن مستعمراتها في إفريقيا مع مصر , وكانت كينيا وقتها أحد تلك هذه المستعمرات البريطانية . وأكد كاتوكى أن حكومته ستشرع في بناء عدد من السدود ومشاريع للري خاصة في المناطق التي دمرتها الفيضانات بالقرب من نهرى ناى اندو , وانزويا .وكانت مصر قد وجهت في ديسمبر 2003 تحذيرا قويا إلى كينيا على لسان الدكتور محمود أبو زيد وزير الرى والموارد المائية , وذلك ردا على تهديدات كينيا بالانسحاب من المعاهدة , حيث أكد أبو زيد وقتها أن انسحاب كينيا من المعاهدة يعد خرقا للقانون الدولي , وإعلان حالة حرب , وأن لا أحد يستطيع منع مصر من أي إجراء تتخذه للدفاع عن نفسها . يذكر أيضا أن البرلمان الكينى كان قد مرر في 11/12/2003 بيانا للحكومة الكينية طالبها فيه بإعادة التفاوض على معاهدة حوض النيل , وذلك بعد انسحاب (مارثا كاروا ) وزيرة المياه الكينية السابقة من مؤتمر وزراء الري الأفارقة والذي عقد في إثيوبيا في الفترة من 8- 12 ديسمبر 2003 , وكان مخصصا لمصادقة دول الحوض أل10 على الوضع الراهن للمعاهدة . وتنص معاهدة دول الحوض الموقعة عام 1929 والتي تم التصديق عليها بعد ذلك في خطوة بروتوكولية عام 1959 على منع دول الحوض من استخدام مياه بحيرة فيكتوريا بدون إذن مصر , نظرا لان مياه النيل التي تأتى لمصر تأتيها في مجملها من مياه البحيرة . وتعتبر تهديدات وزير المياه الكينى بإنشاء سدود وإقامة مشروعات ري على بحيرة فيكتوريا هي الثانية بعد تهديدات وزير المياه التنزانى في فبراير 2004 , عندما أعلن عن رغبة تنزانيا في نقل مياه بحيرة فيكتوريا عبر أنابيب تمتد لمسافة 170 كم لتوصيلها إلى 24 قرية تنزانيه , وكذا أجزاء أخرى في الشمال الغربي لتنزانيا . كما أكد الوزير التنزانى وقتها أيضا أن بلاده لن تلتزم بمعاهدة 1929 أو اتفاقية 1959 , وقد تكرر رفض العديد من دول الحوض لمعاهدة 1929 واتفاقية 1959.يذكر أن دول حوض النيل تضم كل من بورندى , وجمهورية الكونجو الديمقراطية , ومصر , وإثيوبيا , وكينيا ,ورواندا , والسودان ,وتنزانيا , وأوغندا ,( واريتريا ) بصفة مراقب . يذكر أيضا أن حصة مصر من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا من أصل 83 مليار متر مكعب تصل للسودان, ليتبقى للسودان 18 مليار متر مكعب , في حين أن كميات المياه التي تسقط من أعالي النيل تصل إلى 1600 مليار متر مكعب سنويا , في حين لا تستفاد دول الحوض إلا من 5% فقط منها .