قبل عامين وبعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري انسحبت القوات السورية من لبنان. وقتها تملك اللبنانيون شعور جارف بالوطنية دفع كثيرون منهم للاعتقاد بانه صار بمقدورهم أخيرا أن يأخذوا زمام الامور في بلادهم في أيديهم وان يتولوا تحديد مصيرهم بأنفسهم. لكن اتضح أنهم كانوا مخطئين. أحاسيس قوية بما يدعى النصر راودت اللبنانيين بأنهم أخيرا تمكنوا من إخراج سوريا من لبنان بعد وجود عسكري استمر 30 عاما. يقول واحد من أنصار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط طالبا عدم ذكر اسمه إن المشاعر القوية أعمت قسما كبيرا منا نحن الذين شاركوا في ثورة الارز التي طالبت سوريا بالانسحاب من لبنان عقب اغتيال الحريري لكننا لم نفكر في قادم الايام.هل نستطيع أن نحكم بلدنا بأنفسنا؟ وهل بمقدورنا أن نحمي انتصار الديمقراطية هذا ؟ ووحد المسيحيون و الدروز والسنة جهودهم في مسيرة 14 آذار عام 2005 وظلوا على مدي أيام يدعون المجتمع الدولي لتقديم يد العون في تحرير لبنان من الهيمنة السورية. وكان النظام السوري إلى جانب حلفائه من اللبنانيين متهمين بقتل الحريري في حادث تفجير سيارة مروع في 14 شباط من نفس العام. ووردت أسماء سورية ولبنانية في التحقيق الذي تجريه الاممالمتحدة في حادث اغتيال الحريري وهو اتهام تنفيه دمشق حتى الان. وتزايدت الضغوط المحلية والدولية على سوريا التي قررت في نهاية المطاف سحب قواتها من لبنان في 26 نيسان عام 2005 . ويعتقد محللون سياسيون مستقلون أن المعسكر المناهض لسوريا أسكرته نشوة انتصاره وغاب عنه ان الانسحاب السوري ربما يمهد الطريق أمام بلد آخر للاستفادة من الساحة اللبنانية وتولي دور دمشق في لبنان واستخدامه كسلاح في مواجهة الغرب من خلال حلفاء محليين في البلاد. ويقول المحلل السياسي عقاب صخر بعد الانسحاب السوري تمكنت ايران بوصفها لاعب قوي في الحياة السياسية اللبنانية ومن خلال منظمة حزب الله اللبنانية الشيعية من استخدام لبنان كورقة في مواجهتها مع الولاياتالمتحدة واوروبا بشان برنامجها النووي . وبحسب مراقبين سياسيين فان التوسع الايراني باتجاه لبنان استفاد أيضا من حرب الصيف التي شنتها إسرائيل ضد لبنان على مدة 33 يوما. وكان الايرانيون قد سارعوا بتقديم ملايين الدولارات لمساعدة مؤيدي حزب الله علي إعادة بناء بيوتهم التي تهدمت في بيروت وفي جنوب لبنان. وانعكس هذا بشكل سيئ علي الحكومة المناهضة لسوريا بقيادة فؤاد السنيورة الذي اتهم من قبل المعسكر الموالي لسوريا بتأخير دفع التعويضات لإعادة بناء ما دمره الاسرائيليون بناء علي أوامر حلفائهم الاميركيين والاوروبيين. وقال شخص من أتباع القوى المسيحية اللبنانية بالنسبة لنا نحن اللبنانيون فإننا لن نكون أحرارا أبدا في حكم أنفسنا : فدائما هناك من يحاربون معاركهم على أرضنا فاذا لم يكونوا السوريين فهم الفلسطينيون وان لم يكن هؤلاء فالايرانيون أو الاميركيون . وشارك كل من جورج وزياد - اللذان طلبا الاكتفاء بالاسم الاول فقط في التعريف بهما - في مسيرة 14 آذار التي طالبت بانسحاب سوريا من لبنان. ويعتقد كل منهما - وهما لا يزالان ضمن المعسكر المناهض لسوريا - إن علي زعماء لبنان أن يجلسوا معا ويتحاوروا ويعتمدوا على أنفسهم في حل مشكلة الانقسامات السياسة في البلاد دون مساعدة خارجية. ويقول زياد وهو درزي من انصار وليد جنبلاط إنني عضو ب (ائتلاف) 14 آذار ولكني ضد المعسكر المناهض لسوريا لكني أؤمن بالديمقراطية واعتقد أن علينا نحن وخصومنا أن نحكم بلادنا علي قدم المساواة وبدون تدخل من جانب القوي الخارجية سواء أكانت الغرب أو إيران أو سوريا . ويضيف نحن لا نريد أن نحكم البلاد وحدنا لكن على المعسكر الاخر أن يبدي مرونة . المرونة هى الحل ومصالح بلادنا وامتنا لابد أن تكون لها الاولوية . 800ك ويقول توني وهو مسيحي وعضو في القوى المسيحية إننا نريد علاقات طبيعية مع سوريا وايرانوالولاياتالمتحدة لكننا لا نريد أن نحارب معاركهم . ويتفق زعماء مثل نصيب لحود المناهض لسوريا وهو مسيحي ماروني وسفير سابق في الولاياتالمتحدة مع زياد ويقول إننا نحاول بناء علاقات طبيعية مع الجميع ونرفض أن تتحول لبنان إلى ساحة معارك للقوى المحلية والاقليمية . فحتي الزعيم المسيحي المتشدد ميشيل عون وكان عدوا لدودا لسوريا وهو الان عضو بالمعارضة مع حزب الله يعتقد ان علي الحكومة اللبنانية أن تشرع في العمل على تحسين العلاقات مع سوريا لتحسين الوضع في البلاد. وقال عون إننا نريد أن تكون العلاقات بين سوريا وبيننا ( لبنان) طبيعية وهذا يتطلب مناخ من الصداقة لا يتوافر الان . وكان زعماء سياسيون لبنانيون قد بدأوا عام 2006 حوارا وطنيا لمحاولة حل النزاعات المزمنة داخليا وتضمنت موضوعات الحوار العلاقات مع الجارة سوريا ونزع سلاح حزب الله لكن الحوار تعثر ولم يتمكن الزعماء من الوصول إلى حل وسط. يقول المحلل السياسي توني سلامة أن لبنان سيظل على الدوام يستخدم من قبل السوريين وحليفتهم المقربة إيران كساحة منازلة مع الولاياتالمتحدة . ويضيف سلامة وهذا يعني انه طالما ظلت الولاياتالمتحدةوإيران وسوريا علي خلاف فان لبنان سيظل في أفضل الاحوال يعاني من عدم الاستقرار. لبنان لن يستطيع أن يحل مشكلاته الداخلية طالما ظلت ايران وسوريا في حالة انشغال ببناء مواقفهما الاستراتيجية .