تعيش اليابان الأن حالة من القلق و الترقب بعد أعلان تقارير إعلامية يابانية أن الاستطلاعات الأولية تشير الى تعرض الحزب الحاكم في اليابان برئاسة شينزو آبي لهزيمة كبيرة في انتخابات التجديد النصفى لمجلس المستشارين ( مجلس الشيوخ )، وهو المجلس الأعلى للبرلمان الياباني. ورغم الهزيمة ، من غير المتوقع أن يطاح بالمعسكر الحاكم، المكون من الحزب الديمقراطي الليبرالي وحليفه حزب كوميتو، لاحتفاظهما بأغلبية كبيرة في المجلس الأدنى من البرلمان(مجلس النواب ) ، وهو المجلس الأقوى الذي ينتخب رئيس الوزراء ، ولكن سيكون من الصعب سن القوانين مما يهدد بحدوث اضطراب سياسي بالبلاد لكن بعض المراقبين يرون أن الضغوط لحمل رئيس الوزراء اليابانى على الاستقالة ستكون قوية جدا إذا ما جاءت الهزيمة التي توقعتها جميع استطلاعات الرأي بصورة ساحقة .واعتبروا هذا احتمالا مرجحا لأنه لا يعنى بهموم اليابانيين الحقيقية مثل أوضاع العمالة والازدهار الاقتصادي و شيخوخة السكان.
وقد بدأ نحو 104,5 مليون ياباني الإدلاء بأصواتهم في الساعة 7,00 بالتوقيت المحلي لانتخاب نصف أعضاء مجلس المستشارين .وبعيد انتهاء التصويت ،أذاعت محطة NTV اليابانية أن الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم سيفوزبنحو ثمانية وثلاثين مقعدا من بين ال 121 مقعدا المتنافس عليها فيما سيفوز الحزب الديمقراطي المعارض بتسعة وخمسين مقعدا، لأنه ركز حملته على تحسين الحياة اليومية لليابانيين وخاصة في المناطق الريفية التي يعتقد اليابانيون أن الحكومة الحالية أهملتها.
فى حين أشار استطلاع أجرته هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية "أن آتش كي" إلى حصول الحزب الليبرالي الديمقراطي (يمين) الذي يتزعمه آبي وشريكه حزب كوميتو الجديد على ما بين 39 و55 مقعدا من بين المقاعد ال64 التي يحتاجها من أجل الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس المستشارين المكون من 242 مقعدا. واذا أكدت النتائج النهائية هذه الخسارة ، ستعد هذه أول مرة خلال تسع سنوات يخسر فيها الحزب الديمقراطى الليبرالى الغالبية بأحد المجلسين التشريعيين .
وفى غضون ذلك ، سجلت شعبية آبي أدنى مستوياتها في استطلاعات الرأي،ويرى المحللون أن شعبية شينزو ابى تراجعت بشكل سريع بسبب سلسلة متتالية من الاخفاقات الحكومية ،و الفضائح المالية التى تورط فيها مقربون منه كما انه دفع ثمن نقص خبرته وضعف شخصيته .وكان الملف الاكثر تاثيرا فى هذا التراجع الكشف عن عملية سوء ادارة ضخمة لنظام الضمان الاجتماعى اسفرت عن فقدان حوالى 50 مليون ملف لاشخاص دفعوا مساهماتهم التقاعدية .
وفي محاولة لتحويل الأمور لصالحه وكسب ود الناخبين، قام آبي بجولة أخيرة في طوكيو مع حاكم العاصمة شينتارو إيشيهارا الذي يتمتع بشهرة واسعة والمشرع السابق بالحزب الحاكم. وقال للجماهير "لا يمكن أن يحقق الحزب الديمقراطي المعارض التقدم في الإصلاحات" لكن الكثير من الناخبين لم يتفقوا معه في الرأي.كما شارك خلال اليومين الماضيين في عدة برامج تلفزيونية وإذاعية في محاولة لطمأنة الناخبين بشأن عدة ملفات.
وقد أعلن "آبي" أنه لن يستقيل أيا تكن نتيجة الانتخابات. بينما ذكر الامين العام المساعد للحزب أنه الحكم الانتخابى الاكثر قسوة الذى شهده فى حياته مؤكداً أن رئيس الوزراء مازال موضع امال الكثيرين .بل أن ولاية آبي (52 سنة) تنتهي كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي ومن ثم كرئيس للوزراء في سبتمبر 2009 مما يعطيه حق البقاء في الحكم لاسيما وان حزبه يحظى منذ عام 2005 بأغلبية ساحقة في مجلس النواب الأكثر أهمية .
لكن بالرغم من أن المقربين من آبي نفوا إمكانية رحيله عن الحكم إلا أن هناك سوابق في هذا الشأن كما حدث عام 1998 عندما اضطر رئيس الوزراء آنذاك رياتارو هاشيموتو إلى ترك منصبه اثر هزائم قاسية في مجلس المستشارين. وفي عام 2004 اضطر شينزو آبي نفسه حين كان السكرتير العام للحزب الليبرالي الديمقراطي إلى الاستقالة متحملا مسؤولية فشل حزبه.
وتعد انتخابات التجديد النصفي لمجلس المستشارين هي الأولى منذ تولي آبي السلطة كزعيم للحزب الديمقراطي الحرالحاكم في سبتمبر 2006 كأصغر رئيس حكومة منذ الحرب العالمية الثانية وتعهده بتعزيز الوضع الأمني العالمي لليابان وإعادة صياغة دستورها السلمي وتعزيز النمو الاقتصادي.
يشار إلى أن آبي، الذي يعتبر من "الصقور" في مجال السياسة الخارجية، لا يخفي أفكاره القومية وقد وضع برنامجه على أساس مشروع لتعديل الدستور السلمي لعام 1947 بما يسمح لليابان بان يكون لها جيش حقيقي وبتعزيز دورها في العالم على أساس إصلاح النظام التعليمي خاصة تعليم "التربية الوطنية" في المدارس. فمنذ تسلمه رئاسة الوزراء واليابان تسعى إلى اتخاذ موقف أمني أكثر جرأة، حيث قامت بتحديث وكالة الدفاع لتصبح وزارة كاملة في يناير الماضي،ثم وقعت معاهدة دفاع مع استراليا في مارس الماضى ، وذلك في أول اتفاق من نوعه مع بلد آخر غير الولاياتالمتحدة. كما وسعت اليابان في السنوات الأخيرة من حدود الدستور السلمي الذي صاغته الولاياتالمتحدة إبان انتصارها في الحرب العالمية الثانية على اليابان، لتحظى بهوية وطنية خاصة بها .
الاأن الحكومة اليابانية واجهت فى عهده فضيحة مالية طالت عدة وزراء ،واضطر أربعة وزراء لمغادرة الحكومة بسبب فضائح أو أخطاء في أقل من سنة منذ تولي شينزو آبي السلطة 2006،ومنهم وزير الزراعة نوريهيكو أكاجي حيث أفادت صحف يابانية أن أكاجي الذي عين في منصبه مطلع يونيو الماضي إثر انتحار سلفه المتورط في قضايا فساد، قد يكون زور حسابات مالية تتعلق بنشاطاته السياسية في وقت يكثف فيه رئيس الوزراء شينزو آبي تحركاته لكسب تأييد الناخبين بانتخابات حاسمة لمصير الحكومة. 29/7/2007