تستر وراء المتطرفين وشركة مملوكة بالكامل لوزارة الإسكان الإسرائيلية معبد الخراب لم يستمر سوى 20 سنة مسجد عمر بن الخطاب أيضا في خطر داهم احتفالات الإسرائيليين بإقامة معبد الخراب بجوار الأقصى حين وصل قطار المفاوضات في عهد ياسر عرفات -رحمه الله - للقدس تباري حكماء العرب في التأكيد عليه بأنها «قضية لا يملك أحد في السلطة الفلسطينية أن يدعي اختصاصه وانفراده بها، فهي قضية كل العرب والمسلمين، وليست قضية فلسطينية فقط»، واستجاب الرجل رافضا خطة كلينتون التي تحدثت عن سيادة فوق الأرض وأخري تحت الأرض، ووجهت أصابع الاتهام الإسرائيلية فورا لمصر علي أنها المحرض الأول لعرفات وسر تشدده. والآن وقد رحل عرفات وبات الأقصي نفسه في خطر يومي حقيقي فأين دور المسلمين والعرب ومصر في الدفاع عن الحرم القدسي؟! ليس المقصود بيانات، فحتي في هذا المجال أصدرت جماعات يهودية إدانات أفضل ورفضاً أقوي، لكن المقصود هو التصدي المسبق لإجهاض المؤامرات الإسرائيلية ضد الأقصي. العالم الإسلامي والعربي وهو يتجه بأنظاره للمرابطين في القدس وهبتهم في الجمعة التالية لافتتاح معبد الخراب (19مارس) قصر بشكل فادح حينما فشل في رصد التحركات الإسرائيلية قبل تحولها لواقع صادم، فمن يقف خلف تلك المؤامرة المتعلقة بتشييد معبد الخراب، هي شركة حكومية إسرائيلية مملوكة بالكامل لوزارة الإسكان الإسرائيلية تدعي شركة تنمية الحي اليهودي في القدس القديمة وهي الشركة التي يتستر خلفها نتنياهو، ليس فقط من أجل تشييد المعبد المرتبط بنبوءة هدم الأقصي وتشييد الهيكل، بل أيضا منوط بها إفراغ القدس القديمة، بشكل خاص والقدسالشرقية بشكل عام من سكانها الفلسطينيين من خلال إيجاد ثغرات قانونية تتيح لهم مصادرة أراضيهم ومنازلهم. علي غرار قانون أملاك الغائبين الذي أصدرته إسرائيل ويعتبر أن الأوقاف التي ينفق منها علي البقاع المقدسة أملاك غائبين فيتم مصادرتها وتوطين يهود بها. الشركة الحكومية تأسست عام 1967 وقد بدأت في العمل في معبد الخراب عام 2003 علي الرغم من أنه شيد عام 1700 واستمر حتي عام 1721 فقط، وهي تؤجر «حق الانتفاع» ل 133 دونامًا داخل أسوار القدس القديمة (كلها فلسطينية وتمت مصادرتها علي مراحل)، وكذلك 17500 متر مربع خارج أسوار القدس القديمة، فيما يطلق عليه الصهاينة «مدينة داود»، وقد نجحت تلك الشركة بعد 16 عاما من العمل في تطوير الحي اليهودي (المتاخم للحرم القدسي والذي قام علي أنقاض حي المغاربة) وتوطين 600 أسرة يهودية في المكان، وافتتاح 100 محل لضرب محال بيع التحف في الأحياء العربية. جدير بالذكر أن تلك الشركة تهدد أيضا وباستمرار مسجد «سيدنا عمر»، وهو المسجد الوحيد الباقي داخل الحي اليهودي، والذي شيد في القرن الخامس عشر في البقعة التي يعتقد أن عمر بن الخطاب صلي فيها عند فتح القدس، وتميزه مئذنة علي الطراز المملوكي، حيث قامت الشركة بإطلاق اسم «شارع اليهود» علي الشارع الذي يقع فيه المسجد، بالإضافة لافتتاح معبد الخراب في نفس الشارع(!) وفي السياق نفسه نحذر من تغير ملحوظ في السنوات الأخيرة، ليس في مؤسسات حكومية أو دينية إسرائيلية، لكن وسط الجمهور العادي بتحريض حكومي وإعلامي غير مسبوق، كما عبر عن التغيير أيضا برنامج حزب المفدال -عضو الائتلاف الحالي برئاسة شارون- حيث ذكر: «سنعمل علي ترتيب إمكانيات لصلاة اليهود في كل الأماكن المقدسة لهم» (البند ج 4). وفي ظل وجود جماعة علي غرار جماعة «يمين إسرائيل» والتي تعمل برئاسة شاؤول جوتمان ويوئيل لرنر وهدفها المعلن اقتحام الأقصي بشكل دوري، وحركة «إلي جبل همور» (جبل موريا الذي بني عليه الهيكل) المهتمة بنشر أبحاث هلاخية متعلقة بالحرم القدسي «جبل الهيكل» (حسب تسمية المتشددين الصهاينة له). وقد أقام البروفيسور إيتمار فرهفتيج والدكتور «دانيال فيل» حملة إقناع من أجل «جبل الهيكل» والتي تعقد اتصالات ولقاءات مع أعداد من أعضاء كنيست. ومن الجماعات المعروفة للغاية حركة «حي فقيام» (خالد) بزعامة يهودا عتسيون عضو الجماعة اليهودية السرية المسلحة التي أرادت في وقتها نسف مساجد جبل الهيكل. عتسيون الذي تحول من النشاط التفجيري لإقامة جماعة ضغط تهدف لتغيير قيمي وثقافي بين صفوف الشعب اليهودي، وقد ناضل مع زملائه ضد حظر الصلاة اليهودية علي جبل الهيكل. هذا بجانب عدد آخذ في التزايد من الأشخاص المحسوبين علي التيارات المركزية للصهيونية الدينية الذين يعتقدون بوجوب تنفيذ حق الصلاة فوق جبل الهيكل. القوي الدينية في إسرائيل لها دور محوري في المخطط الخبيث وهي تري أن هناك مشكلة وأن حلها هو ضرورة الضغط علي الحكومة الإسرائيلية لتطبيق سيادتها علي الحرم القدسي الشريف والسماح بصلاة اليهود فورا داخله، وذلك لمواجهة حالة الضعف التي تتعامل بها الحكومة الإسرائيلية تجاه الحكم الذاتي الإسلامي في الحرم(!) وجزء من الأزمة - في تصور تلك القوي - هو لا مبالاة قطاعات من الجمهور اليهودي حتي بين صفوف المتدينين، ناهيك عن العلمانيين بقضية أهمية الصلاة داخل الحرم وهو ما استلزم أسلوبًا تحريضيًا. التطورات متلاحقة والأوضاع خطيرة وللأسف تتخذ جماعات دينية يهودية مواقف أكثر حسما منا، حيث سبق لجماعة «ناطوري كارتا» إعلانها تضامنها مع كل من يساند المقدسات الإسلامية في الضفة الغربية، ثم توجهت لغزة واجتمعت بقادة حماس لمناصرتهم بشكل علني، وأعلنوا مرارًا أنهم يتطلعون لليوم الذي ستتحرر فيه فلسطين لأنهم يهود فلسطين ويتطلعون لرحيل الصهاينة الكفرة عنها. فهل ننجح هذه المرة في حماية القدس وثالث الحرمين من السقوط؟