يكذب الإخوان ويفبركون ويحنثون بالوعد وينقضون العهد ويبلطجون ويسبون ويشتمون ويطعنون فى دين المعارضين وملَّتهم، ويعتدون ويضربون ويحاصرون ويروِّعون ويهدِّدون ويزوِّرون، ثم يقولَّك تعالَ نتحاور ! المفروض ساعتها أن القوى المعارضة للإخوان مختوم على قفاها وتعانى من البله المنغولى، بحيث إنها ستوافق على استكرادها والضحك عليها، وتشرب مع الإخوان حاجة أصفرا!
الإخوان بلا كلمة ولا عهد، ولهذا ليس لديهم أى مشكلة فى الكذب وتكرار الكذب والتراجع عن المواقف والتعامل ولا كأن حاجة حصلت، ومن هنا فالجماعة مندهشة أن القوى المعارضة ترفض الحوار معها، لأن الإخوان كانوا يلهثون للحوار مع الحزب الوطنى أيام مبارك، حتى لو ناداهم ساعى مكتب صفوت الشريف، وكانوا يجلسون تحت أقدام فتحى سرور إذا استدعاهم سكرتير سكرتيره إلى حوار، وجروا بكل ما لديهم من شوق ولهفة لعمر سليمان عندما أشار لهم بإصبعه!
لا يتصوَّر الإخوان أن هناك مَن يرفض أن يجلس مع السلطة، وأن يُمتِّع عينيه برؤية السيد الرئيس فى حوار حتى لو كان كذبًا أو تكاذبًا أو كلامًا فارغًا وتافهًا، ولا يودِّى ولا يجيب! لكن هناك بعض التوافه السياسيين يحبون الجلوس كالقطط على حجر أى سلطة، وكانت الأحزاب العنينة التى ارتضت لنفسها أن تكون ديكورًا للحزب الوطنى تفتخر بتمثيلها دور المعارضة وهى تجلس مع مسؤولى الوطنى، رغم أن أحمد عز كان يضربها بأسوأ نعاله، وربما لأنها كلها كانت نعالًا فاخرة مستوردة فقد كانت الأحزاب الهشة حريصة على الاستمرار مع الوطنى فى حوار لا يفضى إلا إلى مزيد من العبث والتزوير واحتكار السلطة!
ويبدو أن هذا طبع كل فترة، فهناك الآن وبعد ثورة يناير أحزاب لا تمثل إلا نفسها ولا تعبِّر عن عشرة مواطنين، حتى بل لا يكاد المصريون يعرفون أسماء هذه الأحزاب، فضلًا عن شخصيات لعلها لا تمثل حتى زوجاتهم فى البيت، تتحاور مع الرئيس فى حوار تافه وهش وهزلى!
سنسمع من بعض الوجوه المحروقة سياسيًّا وشعبيًّا ومن أسماء بلا قيمة ولا وزن جماهيرى أو نخبوى ومن شخصيات تجلس مع رؤساء كل عصر وتتحاور مع كل رئيس وتستجيب لأى استدعاء من أى حكم، كلامًا فارغًا من نوع أن «المشكلات الوطنية لن يتم حلها إلا بالحوار»، وأن «المطلوب حوار مع الرئيس والإخوان»! والحقيقة أن هذا كلام فضلًا عن أنه رخو ولغو، فإنه أيضًا كلام غير أخلاقى وواطى جدًّا!
فالثابت أن كل القوى الوطنية استجابت إلى حوار مع مرسى وجلست معه وكان الرجل مستخفًّا بهم ومهينًا لهم وعابثًا بالحوار معهم، محتقرًا لما قالوه وطالبوا به وفعل ما تأمره به مصلحة جماعته وعصف بالقانون وداس على الشرعية بالحذاء وانتهك فى بشاعة استقلال القضاء، وجرؤ على تجاهل شعبه وأسال دم مواطنيه بلا ذرة تردد ما دام هذا كله فى خدمة جماعته، فكيف تذهب القوى الوطنية لحوار مع رئيس هذه سماته وتلك صفاته، ومع جماعة هذا كذبها وذلك زورها إلا لو الناس دى عبيطة فعلًا؟!
ومعرفتى بمصر أن الله لم يحرم بعض سياسييها من العبط!