في صيف العام الماضي انتشرت شائعة تفيد قرب صدور قرار رئاسي بحل مجلس الشعب وإجراء انتخابات تشريعية جديدة.. وحددت الشائعة موعد حل البرلمان وأسباب القرار.. وقتها وجد قادة الحزب الوطني أنفسهم أمام شائعة تكاد تصبح خبرا بفعل الاستمرار في تداولها وانتشارها.. ثم بدأت بعض قيادات الوطني تنفي الشائعة مثل مفيد شهاب وفتحي سرور وعلي الدين هلال. وقتها كتبت منتقدا بعض الأفكار التي ينوي الحزب الوطني الترويج لها آنذاك.. وبعد نشر المقال اتصل بي الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف.. وبعد أن قام بالتعليق علي ما كتبته.. وجدتني أسأله مباشرة: هل هناك نية حاليا لحل مجلس الشعب.. وإذا كانت لا توجد وأن ما يدور مجرد شائعة.. فلماذا لا يتم نفيها في مهدها.. أجابني الرجل قائلا: (نفي أو تأكيد الشائعة يحمل مصادرة علي حق الرئيس في اتخاذ مايراه).. رأيت فيما قاله رئيس الشوري وجهة نظر مقبولة.. لصدورها علي لسان أحد رجالات النظام حتي لو اختلفت معها.. لكنها تعبر بعمق عن الطريقة التي يتصرف بها كبار رجال الدولة مع الرئيس.. وأنهم حال إثارة قضية ما تشغل حيزا من تفكير الشارع أو نخبته.. فإنهم لا يدلون من تلقاء أنفسهم بدلوهم فيها.. إذ ربما قالوا رأيا خالف ما سيقوله الرئيس.. لذا فإنهم ينتظرون رأيه أولا.. ثم يخرج كلامهم بعد ذلك.. تأييدا لما قاله الرئيس بل والإشادة بحكمة القرار والترويج له.. هذا هو حدود الدور الذي رسموه لأنفسهم أو الذي رسمه لهم نظام الحكم. ما قاله صفوت الشريف لي.. لم يكن رأيا عابرا لمسئول بل هو قناعات جميع قيادات الدولة.. فلا صوت أو رأي يعلو (أو يسبق) رأي الرئيس.. لذا كلما قرأت رأيا مباشرا علي لسان أحد رجال الدولة.. حول قضية ما.. لم يسبق للرئيس أن أعلن رأيه فيها.. قلت لنفسي: المؤكد أن الرئيس قال لهم رأيه فيها وهم ينقلون عنه.. لرغبة الرئيس بألا يخرج التصريح علي لسانه وربما لجس نبض الرأي العام. كل ما سبق دار بخاطري وأنا أتابع التصريحات القاطعة والحاسمة التي أعلنها صفوت الشريف.. ونشرتها له الصحف خلال الأيام الماضية.. والتي نفي فيها وجود نية لإجراء أي تعديلات دستورية.. عندما قرأت تصريحات الشريف سألت نفسي.. ألا يحمل ما قاله رئيس الشوري قدرا من المصادرة علي حق الرئيس في إجراء تعديلات دستورية.. بل ويتعارض مع ما قاله لي آنفا.. وإذا كان ذلك كذلك.. فلماذا قاله.. خاصة أنه أحد كوادر الحكم.. وهو الذي قال لي بعدم جواز المصادرة علي حق الرئيس في اتخاذ القرار.. لكني عدت وقلت.. رجل مثل الشريف لن يقول مثل هذا الكلام إلا بعد تأكده تماما أنه لا توجد ثمة بادرة رئاسية لتغيير الدستور.. وأن رئيس الشوري لن يغامر بموقعه من أجل تصريح أو رأي لم يحسبه بدقة.. وطالما قالها الشريف فان الرئيس مبارك فعلا ليس لديه النية بتاتا في تعديل الدستور. لكن النفس الأمارة بالسوء راجعتني وطلبت مني أن أسأل صفوت الشريف: تري ياسيادة الأمين.. لو فعلها الرئيس مبارك وقرر تعديل بعض مواد الدستور.. ماذا ستقول وقتها؟.هل لديكم إجابة؟.