لم يكن أحد يتوقع أن يصاحب عرض فيلم «مملكة النمل» المشارك فى مسابقة الأفلام العربية ضمن وقائع مهرجان القاهرة السينمائى الدولى كل هذا الجدل الذى لم يتعلق بموضوعه وبطريقة التناول التى طرحها للقضية الفلسطينية، لكن سيطرت المشادات والمشاجرات بين الحضور على المَشهد، فبمجرد انتهاء الفيلم الذى زادت مدته على الساعتين، صعد أبطاله على المسرح برفقة مدير الندوة رفيق الصبان، الذى تسبب فى إثارة جدل واسع بين النقاد والصحفيين والجمهور من حضور العرض على المسرح الكبير بدار الأوبرا.فبعض الصحفيين استاء من إيقاع الفيلم البطىء، والبعض الآخر استاء من حرص الناقد رفيق الصبان على أن يوجه الأسئلة بنفسه إلى الأبطال، حتى إن الحضور علقوا على الأمر بأنه يشبه المحاضرة. أما المشكلة الأكبر فكانت الفوضى التى حدثت نتيجة قيام أحد مراسلى القنوات الفضائية بمقاطعة أحد الصحفيين الذى كان يقوم بتحليل الفيلم قائلا له: «ادخل فى السؤال فين السؤال؟»، وهو ما أثار غضب الصحفى، ودخل الاثنان فى مشاجرة طويلة، وتركا صناع الفيلم على المنصة يضحكون، حيث حضر من صناع الفيلم كل من صبا مبارك ومنذر رياحنة والمخرج شوقى الماجرى. الغريب أيضا أن أحد منظمى المهرجان طلب من أحد الصحفيين عدم الكلام فى السياسة فى أثناء توجيه الأسئلة، فانفعل عليه الصحفى بشدة الذى كان يتحدث بسخرية عن جماعة الإخوان المسلمين.كل هذا أثّر بشكل سلبى على الندوة التى لم تستمر أكثر من نصف ساعة بسبب الفوضى، كما لم يتم ترجمتها فوريا للصحفيين الأجانب الموجودين فى القاعة.يذكر أن العرض الخاص لفيلم «مملكة النمل» حضره عدد من الفنانين المصريين والعرب من بينهم نيللى كريم والسورى مكسيم خليل، وهادى الجيار ودينا الشربينى، كما حضر أيضا عمرو القاضى وعلى أبو شادى.على جانب آخر حرصت درة على حضور عرض الفيلم التونسى الذى تشارك فى بطولته «باب الفلة»، الذى عرض على المسرح الصغير فى نفس توقيت عرض «مملكة النمل»، وأعقبته ندوة أدارها عمر السعيد بحضور مخرج الفيلم مصلح كريم وأبطاله على بن نور ونفيسة بن شهيد، وقالت درة إنها وافقت على المشاركة فى الفيلم، رغم مساحة الدور الصغيرة، رغبة منها فى مساندة السينما التونسية والوقوف بجانب أصدقائها الذين قدموا هذا الفيلم فى ظروف صعبة، مشيرة إلى أنها تهتم بنوعية الأدوار وأهمية الأعمال التى تقدمها، كما أكدت أن مساحة الدور كانت أكبر مما ظهر فى الفيلم حيث اضطر المخرج إلى حذف عدد كبير من مشاهدها نظرا إلى طول مدة الفيلم، التى وصلت إلى ثلاث ساعات، واعترضت درة بشدة على رأى أحد الصحفيين عندما قال إن هناك كثيرًا من الشعب التونسى كانوا معترضين على الثورة التونسية مؤكدة أن الشعب كله كان مساندًا للثورة.بدوره شكر المخرج مصلح كريم الجمهور الذى حضر العرض رغم التهاب الأوضاع كما قال، وأضاف أنه يهدى الفيلم إلى ثوار التحرير ويتمنى أن تنصلح الأوضاع، وحول الصعوبات التى واجهته فى أثناء التصوير، قال مصلح إن الفيلم بدأ تصويره يوم 14 يناير 2011 فى بدايات الثورة التونسية وتوقف تصويره أكثر من مرة، كما أنه واجه صعوبات كثيرة ليحصل على موافقة الجهات الرسمية على التصوير، حيث قُدم للموافقة عليه أكثر من مرة وذلك منذ عام 1999، وكان يتم رفضه نظرا إلى أنه يعارض النظام بشكل واضح، ويؤكد من خلاله أنه نظام قاتل للفن والثقافة والصحافة، أما الممثلة المغربية نفيسة بن شهيد فأشارت إلى أن موضوع الفيلم أعجبها بشدة، ووافقت على المشاركة وعلى الرغم من عدم إتقانها اللهجة التونسية فإن مخرج الفيلم ساعدها بأن سجل لها الحوار باللهجة التونسية، بينما تحدث على بن نور عن تكلفة الفيلم القليلة، مؤكدا أنه خرج للنور بفضل الجهود الذاتية، وفى نهاية الندوة أبدى بن نور استياءه بسبب توجيه جميع الأسئلة إلى المخرج وتجاهل الممثلِين. من جهة أخرى أكد مهندس الديكور أنسى أبو سيف فى تصريحات ل «الدستور الأصلي» أنه لم يعتذر عن تكريمه من المهرجان، ولكنه يعتذر عن تسلم التكريم، وذلك لكونه سيتسلمه من مندوب الحكومة وهو وزير الثقافة الدكتور محمد صابر عرب، وهو ينتمى إلى حكومة يرفض أبو سيف التعامل معها، وفق كلامه.
وقد أصدرت نقابة السينمائيين بيانا صباح أمس «الثلاثاء» شكرت فيه أنسى أبو سيف على موقفه واعتذاره عن التكريم، خصوصا أن وزير الثقافة يساند الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس وترفضه النقابة. كما أصدر الوزير قرار بطبع مسودة الدستور على نفقة الوزارة بحسب البيان.