فى الوقت الذى تتعرض فيه لجنة الدستور نفسها لاحتمال حلها بحكم قضائى، ويهدد ثلث أعضائها بالانسحاب لعدم رضائهم على كثير من موادها، ويتهمها كثيرون بسلق صياغة هذه المواد تخرج علينا حملة إعلانات ترويجية تليفزيونية لحوحة تؤكد أن الدستور الجديد يجسد أحلام المصريين، أليس هذا غش تجارى فاضح؟ رغم أن هدف الإعلانات كما يظهر فى نهايته دعوة المواطنين للمشاركة بالرأى فى مواد الدستور من خلال كلمات «عدل» «شارك» «خد حقك»، إلا أن المادة الإعلانية السابقة لهذه الجملة تؤكد أنه دستور ممتاز وماحصلش، يرد هذا الكلام على لسان شاب يقول بالنص: «الدستور الجديد جسد كل أحلامنا» وعلى الشاشة مكتوب بعض ما حققه الدستور بمواده من أحلام مثل «مساواة» «حرية» «عدالة اجتماعية».
الإعلانات التى تبثها مجموعة قنوات «النيل» للترويج للدستور الجديد، معبرة بالفعل عن مسودة الدستور التى صدرت عن اللجنة التأسيسية، أفكار ركيكة ساذجة عفا عليها الزمن فى فن الدعاية والإعلان، حصان يجرى فى الصحراء وشباب يصعد أحجار الهرم.
تذكرنا الإعلانات التليفزيونية التى يعرضها التليفزيون المصرى على قنواته المتخصصة للترويج للدستور بالمشهد الشهير من فيلم «إسماعيل ياسين فى البوليس حربى» حينما يتهم الشاويش عطية الجندى سمعة بسرقة حلة شوربة تعوم فيها قطع من اللحم، بينما يؤكد سمعة أنها حلة مياه غسيل قذرة، ويستعين الشاويش بالجندى الشرير مجانص حكمًا فيتذوق الماء القذر فى امتعاض وقرف، لكنه يؤكد بكل بجاحة أنها شوربة!
يتناول إعلان آخر من إعلانات «التأسيسية» ما يسميه ترزية القوانين ما قبل الثورة، حيث يؤكد أن الدستور الآن يصنعه جميع فئات الشعب المصرى الممثلين فى اللجنة، يحاول التيار الإخوانى الغالب فى اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور إقناع الرأى العام بأنه يصنع أعظم وأهم دساتير مصر، معبرا عن روح ثورة يناير، تحاول اللجنة التأسيسية التى خنقت روح ثورة يناير ترويج منتجها العبثى كما ظهر فى مسودة الدستور بإعلانات تليفزيونية ركيكة تحمل اسم اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور.
الحملة التى تحمل عنوان «اكتب دستورك» أطلقها قطاع الإنتاج بالاشتراك مع اللجنة التأسيسة لوضع الدستور كحملة توعية لأفراد الشعب المصرى للمشاركة فى الاستفتاء على الدستور -حسب ما قاله على عبد الرحمن، رئيس قطاع قنوات تليفزيون «النيل المتخصصة»- الذى أكد في تصريحات خاصة ل«الدستور الأصلي » أن التجهيز للحملة بدأ منذ أكثر من أسبوعين، موضحا: «هى بالإساس مبادرة من اللجنة التأسيسة لوضع الدستور، والذى قام على كتابتها عدد من أعضاء اللجنة التأسيسة»، وقد رفض عبد الرحمن ذكر أسمائهم، مشيرا إلى أن تكلفة الحملة وصلت إلى 150 ألف جنيه وتكفلت اللجنة «التأسيسية» بتمويلها، لافتا النظر إلى أن من أشرف على إخراج الإعلانات هم عدد من المخرجين العاملين بقطاع القنوات المتخصصة، رفض على عبد الرحمن كذلك الاتهامات التى توجه إلى إعلانات الحملة كونها تظهر أن الشعب المصرى شعب ساذج، وأوضح وجهة نظره قائلا: «الحملة تقدم جميع أطياف الشعب المصرى والذى من بينه عدد من الجاهلين بالمشاركة السياسية، فكان علينا أن نقوم بتوعية هؤلاء الذين يرون أن الدستور مسألة لا تعنيهم، وواجبنا أن نوعيهم بحقهم فى المشاركة فى كتابة الدستور».