لم يتردد عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ومفتى الجماعة وعضو اللجنة التأسيسية للدستور الدكتور عبد الرحمن البر، فى القطع بأن كثيرًا من النخب المثقفة المعاصرة، قد ورثت صناعة تزييف الحقائق، التى برع فيها اليهود. البر قال خلال «لقاء الثلاثاء» الذى يعقد أول كل شهر بمسجد الخلفاء الراشدين بمصر الجديدة، وكان أول من أمس تحت عنوان «الشريعة الإسلامية» إن تزييف الحقائق صناعة يهودية قديمة، وما زال هذا التزييف ينتقل من جيل إلى جيل، وللأسف استطاعوا أن ينقلوا ويورثوا هذا المرض إلى كثير من النخب المثقفة فى عالمنا المعاصر، وتابع «إذا نظرنا إلى واقعنا سنلاحظ عديدًا من المفارقات التى تزيف حقائق حول ماهية الشريعة، فكثير من رافضى خلط الدين بالسياسة يقولون إن الدين مقدس وعظيم، ولكن الحياة الدنيا كلها دنس ومنازعات ولا يجب أن نخلط المقدس بالمدنس فى محاولة منهم لتزييف الواقع ومحاولة تحييد الدين عن معيشتنا».
عضو مكتب الإرشاد، أضاف أننا: نعيش حالة سرقة لعقل ووعى الأمة عبر قنوات التضليل، التى قال عنها الله فى كتابه «لِمَ تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون»، وذلك عبر تزيين الباطل وإلباسه لباس الحق والعكس، مشيرًا إلى أن التضليل هو صناعة يهودية قديمة، وقال إن اليهود عندما لجأ إليهم كفار قريش، للسؤال عن الرسول الكريم، لأنهم أهل علم وأصحاب الكتاب، كانوا يمثلون النخبة المثقفة.
كما وجه البر رسالة إلى الداعين إلى فصل الدين عن السياسية، قائلاً «لا سبيل لنا إلا أن ننقل هذا الدين من نصوص قرآنية إلى واقع عملى وكسلوك إنسانى، فيتلقاه الحاكم ويحكم به، ويتلقاه السياسى ويتلفظ به، ويتلقاه الاقتصادى ويشرع به، بينما ينفذه أهل الاجتماع والعلم فى واقع حياتهم العملية، وهذا ما يثبته حديث أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- عندما سُئلت عن أخلاق النبى وهو قائد الأمة فقالت «كان خلقه القرآن»، ومعنى الحديث -والكلام لا يزال للبر- أنه كان يطبق النصوص القرآنية ويحولها إلى سلوك عملى يظهر فى مناحى حياتهم و«هذا هو الذى جعل الأمة فى بدايتها تخرج من رعاية الغنم إلى فتوحات البلاد ومن ضيق الصحراء إلى قيادة الأمم»، على حد قوله.
بينما قطع البر بأن من يقول إن الدين يقيد الحرية، يريد أن نعيش عيشة الأنعام، معتبرًا أن تزييف الحقائق يندرج تحته تقديم اتباع الهوى والشهوات على أنها حريات، بينما يتم اعتبار اتباع الدين وأعمال النصوص القرآنية التى قادت الأمة عبر قرون إلى أعظم الفتوحات بأنها تقييد للحريات، وتابع «نحن نتحدث عن نظام يرتقى بالدولة والفرد والمجتمع، فيزيف المزيفون ويقولون إن الشريعة عبارة عن عقوبات شديدة وجلد للناس وتنفيذ للحدود وتقييد للحريات، ولكن كل هذا ليس صحيحًا».