مع إحالة القضاء الإدارى دعوى حل اللجنة التأسيسية إلى المحكمة الدستورية العليا، بدأت جولة جديدة من الصدام الذى أصبح معتادا فى الآونة الأخيرة بين جماعة الإخوان المسلمين المهيمنة على تشكيل اللجنة التأسيسية، والمحكمة الدستورية العليا صاحبة الحكم الأشهر بحل مجلس الشعب الذى كانت تهيمن عليه قوى الإسلام السياسى، فى ظل اكتشاف طعن سابق ضد قانون معايير تشكيل اللجنة التأسيسية أمام هيئة المفوضين فى المحكمة الدستورية، فى وقت يسبق عرض الملف المحال إليها من القضاء الإدارى. ومما ينذر بزيادة حدة الصدام، أن المحكمة الدستورية العليا شأنها شأن باقى الهيئات القضائية لديها خصومة مع اللجنة التأسيسية التى تضع نصوص الهيئات بمعزل عن مطالب تلك الهيئات، وهو الأمر الذى ليس من شأنه التأثير على أحكامها، وإنما إعمال صحيح القانون، خصوصا، وحسب خبراء القانون الدستورى، أن قانون معايير انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية باطل، بل ومنعدم ولا يجوز تطبيقه بأى حال من الأحوال.
نائب رئيس مجلس الدولة المستشار الدكتور محمود زكى أكد ل«التحرير» أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت فى 14 يونيو الماضى حكما بحل مجلس الشعب، وأكدت فى حكمها صحة كل القوانين والقرارات التى صدرت من مجلس الشعب قبل الحكم بعدم الدستورية، ولكن هذا الحكم، حسب زكى، يوجب بطلان كل القوانين التى لم تكن قد صدرت مستوفاة شكلها الدستورى، لافتا إلى أن القانون أقره البرلمان فى 12 يونيو ورفعه للمجلس العسكرى ليصدق عليه ويصدره رسميا، ولكن الأخير رفض التصديق عليه حتى جاء مرسى وقام بالتصديق عليه فى 11 يوليو، أى بعد صدور حكمى المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب «14 يونيو، و10 يوليو»، ومن ثم كيف يخاطب القانون الباطل أعضاء مجلس الشعب المنحل؟، حسب زكى.
نائب رئيس مجلس الدولة، لفت إلى أن حسم مصير اللجنة التأسيسية الحالية مرهون بما إذا كانت المحكمة سترجئ الفصل فى الأمر إلى حين أخْذ الملف المحال إليها من القضاء الإدارى دورته، بأن يعرض على هيئة المفوضين بالمحكمة بعد مرور 45 يوما، ابتداء من اليوم الثلاثاء، ثم تعد المفوضين تقريرها فى مدة لا تقل عن شهر، ثم تعرض الأمر على المحكمة التى تصدر حكمها فى مهلة لا تقل عن شهر أيضا أو تتصدى للإشكالات المعروضة على المحكمة منذ 12 يوليو الماضى ضد القانون، باعتباره عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب على اعتبار أن هذا القانون يكلف أعضاء مجلس الشعب المنحل بانتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية، لأن القانون لا يمكن أن يطبق بأثر رجعى وإنما يطبق ابتداء من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية.
زكى أوضح أن المحكمة الدستورية العليا عندما تباشر نظر الإشكالات المقامة أمامها ضد اللجنة التأسيسية فإن أمامها خيارين: الأول أن ترفض تلك الإشكالات على اعتبار أن حكم حل مجلس الشعب قد تم تنفيذه بالفعل، وأنها ليست دعاوى أصلية، لأنها لم تصدر من قبل أحكاما تتعلق باللجنة التأسيسية وترجئ الفصل فى مدى دستورية القانون من عدمه إلى حين عرض الدعوى المحالة إليها من القضاء الإدارى عليها، والخيار الثانى أن تُعمل رقابتها على القانون على أساس أن حكمها بحل مجلس الشعب يستوجب عدم انعقاد مجلس الشعب من الأساس.
ومن جهته، قال مصدر قضائى رفيع المستوى ل«التحرير» إن قانون معايير انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية هو والعدم سواء، ولكن الأمر يحتاج إلى خطوات ثورية من قضاة المحكمة الدستورية العليا، كما فعلوا فى حكمهم الخاص بمجلس الشعب. وأوضح المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه، أن الخطوات الثورية تعنى سرعة الفصل فى الأمر وعدم الركون إلى الروتين الذى قد يؤدى إلى صدور حكم الدستورية بعد إفلات الإخوان بكتابة الدستور.