بالأرقام، لطفي شحاتة يحسم صدارة الحصر العددي في الزقازيق ب71,214 صوتا    الداخلية تضبط 20 شخصًا على خلفية مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب    نائب وزير الإسكان يبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه والصرف الصحي    بعد قليل، ظاهرة فلكية ترى بالعين المجردة تزين السماء    محمد منير يشعل تريند جوجل ب«مكاني».. أغنية الوحدة العربية تتوّج ختام كأس العرب 2025    تصدر اسمها مؤشرات البحث.. نورهان شعيب تطمئن جمهورها بعد وعكة صحية مفاجئة في المغرب    أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 ديسمبر في بداية التعاملات    مصطفى بكري: أناشد الرئيس السيسي تخفيف الأعباء عن الغلابة والطبقة المتوسطة.. الأسعار هارية الناس    عبد المنعم سعيد: الإعلان عن اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان هو تفعيل لها    رئيس إدارة المديريات الزراعية: صرف الأسمدة سيضم 6 محافظات بموسم الصيف المقبل    «مطروح للنقاش».. إعادة هيكلة الجيش الأمريكي وتغييرات البث الرقمي    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    واشنطن تفرض عقوبات على سفن وشركات شحن مرتبطة بإيران    اجتماع رفيع المستوى في ميامي.. ويتكوف يلتقي الوسطاء لبحث ملف غزة    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    الحصر العددي للدقهلية: تقدم عبدالسلام وأبو وردة والجندي ومأمون وشرعان    اللجنة العامة ببنها تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    الحصر العددي الأول بلجنة طنطا رقم 1، نتائج فرز أصوات اللجان الفرعية    انفجارات في أوريول.. أوكرانيا تستهدف محطة كهرباء روسية    بعد جدل أمني، تيك توك تبيع أصولها في أمريكا    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    بناء القدرات في تحليل وتصميم نماذج العواصف الرملية والترابية بالشرق الأوسط    فوز «حسن عمار» في جولة الإعادة بالدائرة الأولى ب انتخابات مجلس النواب ببورسعيد    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    سفير مصر في المغرب يكشف تفاصيل معسكر منتخب مصر قبل كأس الأمم    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    أمم إفريقيا - منتخب مصر يخوض مرانه الأول في المغرب    بالأرقام، الحصر العددي لجولة الإعادة بالدائرة الأولى بالمنصورة    تركي آل الشيخ ينفي مشاركة موسم الرياض في إنتاج فيلم «الست»    وكيل فرجاني ساسي يصدم الزمالك: سداد المستحقات أو استمرار إيقاف القيد    (اشتباكات الإسماعيلية) إهانات بين الكعب الأعلى: جيش أم شرطة؟.. وناشطون: طرفان في المحسوبية سواء    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    «لم يصلوا أبداً».. حكاية 7 أشخاص احترقت بهم السيارة قبل أن تكتمل الرحلة بالفيوم    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    أكسيوس: تيك توك توقع اتفاقية لبيع عملياتها فى أمريكا إلى تحالف استثمارى أمريكى    ترامب يدعو أوكرانيا إلى التحرك سريعا لإنهاء الحرب    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    الزمالك يهنئ بنتايج والشعب المغربى بالتتويج ببطولة كأس العرب    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة إلقاء مادة حارقة على 3 طلاب بالقليوبية    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنسي الحاج: أوباما أول من هنأ مرسي على فوزه.. ومع الأمريكان لا شىء بلا مقابل
نشر في الدستور الأصلي يوم 29 - 09 - 2012

كان أول شىء تمنيته عندما وصلت إلى بيروت أن أذهب إلى الشاعر الكبير أنسي الحاج وأحاوره، فهو واحد من علامات لبنان، وأعلامه، وجباله الشامخة.

الكل أكد لى أن مكتبه مفتوح أمام الجميع، لكن إجراء حوار معه يعد واحدا من المستحيلات، فهو منذ ما يزيد على العشرين عاما لم يجر حوارا مع أى صحيفة، سواء داخل لبنان أو خارجه، فهو نادرا ما يتحدث ويكتفي بما يكتبه في جريدة «الأخبار» اللبنانية، بعد أن استقال من رئاسة تحرير جريدة «النهار» إحدى أكبر الصحف اللبنانية والعربية.

لكنى لم أفقد الأمل، فذهبت إليه، بعد ستة أيام من البحث عن طريقة للوصول إليه، وبمجرد أن دخلت إلى مكتبه وجدته واقفا يستقبلني بحفاوة كبيرة، وعندما بدأ يتحدث وجدته شاعرا مرهف الحس، شديد الزهد، بالغ التواضع، ويحب مصر بصورة لا توصف، فاستأذنته أن أخرج المُسجل من حقيبتى وأضعه أمامنا لنسجل الحوار الذى كان قد بدأ بالفعل فوافق عشان مصر و«التحرير».

وتحدثنا عن كل شىء عن سوريا ولبنان، وأمريكا والإخوان، ومصر وتونس وليبيا، وإيران وحزب الله، ومرسى ومبارك، وهتلر وبشار، لكننا بدأنا الحديث من سوريا حيث الثورة والطاغية

■أنت قريب من الأحداث في سوريا وتتابعها بدقة.. فكيف ترى المشهد الآن؟
- الأصوات التى خرجت من الصمت مستحيل أن تعود إلى الصمت، خصوصا إذا كانوا خارجين من صمت أربعين سنة، فمستحيل أن يرجعوا إلى الوراء، واليوم يعطون البرهان على ذلك بالدم، من ناحية أخرى، أنا كنت من الذين طالبوا فى بداية عهد بشار الشباب أن يعطوه الفرصة، وكان لم يكمل وقتها شهرا فى السلطة، والآن ماذا حدث! هناك كلمة سر وراء تحوله من المسالمة إلى الطغيان، كأنه نظام أقوى من الحاكم، مركب بطريقة لا تحتوى على ديمقراطية أو حوار، فقد أعطوه مجالا لبعض الوقت كى يفى ببعض الوعود، ثم عادوا وأوقفوه، وكان قد بدأ يكون علاقات جيدة مع شعبه، ولم يدخل في تكوين أى كتل عدائية، حتى مع اليسار، والآن هناك رغبة عليا فى التمسك بالسلطة والمحافظة عليها بقبضة حديدية لا تتهاون، ولكن على قدر تسلط هذا النظام فلم يبق له كثير، فإذا رشقته بحجر سيسقط، لذلك فأنا لست متفائل بالوضع في سوريا.

■ محاولات كثيرة من أطراف متعددة لحل الأزمة السورية.. كيف ترى الحل من وجهة نظرك؟
- أولا: أنا أستبعد المصالحة وأتحدث عن التعايش، يا ليت تستطيع الذاكرة الشعبية أن تعفو، ولكن أنا لا أعتقد ذلك فمن دُمرت مدنه، ماذا تستطيع أن تقول له؟!
ثانيا: أتصور أن المهم ليس رحيل بشار فقط، لكن فى الوقت نفسه لا يمكن مناقشة أى أى حل للأزمة السورية إلا بعد رحيله، وعمل نظام ديمقراطى يعطى كل مكونات المجتمع أحجامها الحقيقية عن طريق الانتخابات، لكن أرى أنه إذا حكم الإخوان سوريا ستعود إلى الدم، لأن سوريا طبيعة نظامها يجب أن تكون علمانية وتجمع كل الطوائف في الحكم.
■ ألا تجد أن هناك وجها للشبه بين ما فعله هتلر وما يفعله بشار الأسد في سوريا؟
- ما يفعله بشار الآن أسوأ مما فعله هتلر، فهتلر لم يضرب أبناء شعبه بالطائرات صباح كل يوم، لكن فى الوقت نفسه هتلر فتك بأوروبا كلها، وأذل الشعب الفرنسى ومزقه تمزيقا، وجعله ينقسم ويركن إلى الاحتلال الألمانى، وكان أحد أسباب نشوء الهيمنة السوفييتية فى ما بعد هو هتلر، فنتائج هتلر فى الدمار على صعيد عالمى كانت كبيرة جدا، ومكن النظرية اليهودية الباحثة عن «المحسنين» دائما باعتبارهم ضحايا، فهو بمواقفه ضد اليهود قد خدمهم، واستطاع اليهود بذلك ابتزاز الغرب، حتى صوتت لهم أوروبا وروسيا في الأمم المتحدة، وكانت النتيجة ضياع دولة فلسطين وبداية الكابوس اليهودى، وأصبحت كل كلمة يشتق منها أنها معادية للسامية، وظهرت قوانين عالمية تساندهم، كالقانون الفرنسي الذى يمنع التشكيك في المحرقة، فيرون أن الشعب اليهودى شعب شهيد.
■ هل ترى أن الوطن العربى فى حاجة إلى ظهور عبد الناصر آخر؟
- هناك وجه لعبد الناصر كان مرفوضا فى حينه، وأنا أحد الذين رفضوه، وتعرضوا، لن أقول اضطهادا، ولكن للتعتيم، فنموذج الديكتاتور مرفوض أيا كان، حتى ولو كان من أعاظم رجال التاريخ، لكنى أريد عبد الناصر الذى يجسد روح شعبه، فأنا أوافق على أى حاكم يجسد روح شعبه مهما كانت هذه الروح، فإذا كان الشعب عدوانيا فليكن الحاكم عدوانيا، فمثلا هتلر هو ابن الفكر الألمانى ومشبع به، وهذا يُغفل عند الحديث عن هتلر، كأن هتلر مارق، شاذ، هبط على ألمانيا من المريخ، وهذا كلام ساذج لكنه انتشر بقوة رغم سذاجته.
■ زرت مصر مرتين من قبل.. فماذا فعلت في الزيارتين؟
- الزيارة الأولى كانت بعد نكسة 67 بأسابيع قليلة، ويومها قابلت عبد الحليم حافظ في «جروبي» وتحدثنا طويلا، وسرنا معا في شوارع القاهرة، أما الزيارة الثانية فكانت بين عامى 76 و77 وذلك فى مؤتمر من أجل لبنان، وكان أكثر شىء أثار اهتمامي في الزيارتين هو «أبو الهول» فكلما رأيته شعرت بالهيبة الشديدة لدرجة أنى لم أستطع أن أنظر إليه وجها لوجه، فهو شىء عظيم لكن لم يقدَّر حق تقديره.

■ كيف ترى المشهد في مصر بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى كرسى الحكم؟
- أنا كتبت منذ بضعة أشهر مقالا بعنوان «أيها الإسلاميون»، دعوت فيه الإسلاميين إلى استلام السلطة حيث تصلهم أصوات الناخبين، ففى الجزائر عندما وصل الإسلاميون إلى الحكم بأصوات الناخبين بأكثرية ساحقة، ألغيت الانتخابات وتلا ذلك مجازر، هناك من صوّغ للسلطة هذا القمع، بأنه لا يجوز للإسلاميين الوصول إلى السلطة، وكثير من الأنظمة العربية وقتها وافق على هذا القمع الدموى ضمنا، فالأمر ليس لعبة، أن نعطيهم الديمقراطية وبعد وصولهم إلى السلطة نرفضهم، دعنا نجربهم فى البداية، فهم فى تركيا نموذج جيد وفى ماليزيا نموذج جيد، فلماذا لا يكون العرب كذلك، خصوصا أن الإسلام معروف بالتسامح والحضارة، أما عن مصر فهى تعتبر النموذج الأول، ليبيا وتونس ليستا نموذجا يُبنى عليه، لأنهما أولا: دول صغيرة متواضعة، ثانيا: جديدة العهد بالديمقراطية خصوصا ليبيا، أما تونس فبها وعى شديد وشعبها مثقف ومعتاد على الديمقراطية والسلام، أما ليبيا فقد اكتشفنا فيها شخصيات وأدمغة بعد سقوط القذافى ما كنا ندرى بإمكانية وجودها فى ليبيا، فقامة القذافى المرعبة حجبت الليبيين الحقيقيين وما بقى على السطح غيره، فالإسلاميون أتوا بأصوات الناخبين، وهذا شىء مقدس، لا يمكن تجاهله، لذلك فلندعهم يجربون، لكن على الرئيس محمد مرسى أن يعى أن مصر أم الدنيا والأم دائما تحتضن الجميع.
■ كيف ترى المشهد في مصر بعد وصول مرسى إلى الحكم، واستمرار تخوين المعارضة وتهميش دورها كما كان في عهد مبارك؟
- بطبيعة الحال هناك صعود للسلطة، خصوصا أن السلطة كانت مكبوتة ومحرومة كثيرا من الوصول، والقاعدة الشعبية قوية، هذا يعطى نشوة أكثر للسلطة فترتكب أخطاء، فأحيانا الشعب هو من يجعل الحاكم يخطئ، فالتمجيد والهتاف يقودانه إلى الخطأ، لكن هذه السياسة مع المعارضة ليس بها خوف، الخوف الحقيقى يبدأ عندما تجد السلطة تلتف وراء المعارضة وتخطط لخنقها، أرجو أن لا يقع محمد مرسى فى هذا الخطأ، لأن في مصر لا يمكن أن يرتكب هذا الخطأ ويبقى بلا عقاب، فهو بذلك سيزعزع حكمه ويزعزع وجود كل الحركات الإسلامية فى العالم، فمصر هى قاعدة العالم العربى والإفريقى والإسلامى، فلينتبه مرسي أن مصر رمز لعدة دول وشعوب، ومثل لحضارة وتراث عظيم، وأعظم ما يمكن أن يفعله محمد مرسي هو أن ينتهج حكما إسلاميا منفتحا أكثر حتى من النموذج التركي، فالآن أخطر تجربة هى التجربة المصرية، ويجب الانتباه إلى قضية الأقباط، فهناك فخ مدمر للأقباط، فعزلهم عن مكونات الشعب المصري الأخرى بحجة أن الإسلاميين «سيأكلونهم»، فالأقلية دائما خوفها مشروع، مثل الطفل الخائف الذى يجب عليك احتضانه، فمرسي عليه احتضان الأقباط، وما فعله من تعيين مساعد قبطي جيد ولكن لا يكفى، هذا نوع من التجميل، فعليه إشراك الأقباط فى السلطة بشكل أكثر لكى يطمئنهم، فمثلا تعيين وزير داخلية قبطي، فمصر لا يجب أن تخسر الأقباط، فمصر بلد السماح، اليهود عاشوا فيها بكل طمأنينة، والصحافة العربية هاجرت إلى مصر هربا من الطغيان العثمانى وعاشوا بحرية، فعلى مرسى أن يعالج المسألة القبطية بجدية كبيرة ولا يتركها يوما بيوم، خصوصا مع وجود إعلام محفز للأقباط وراءه دول كأمريكا، الأقباط يشعرون أنهم آخر قلعة مسيحية فى العالم الإسلامى، والشك هنا شك طبيعى، فمن متى كان الأمريكان يحبون الإسلاميين ولماذا جاءت كلينتون بهذه الغبطة لتجلس مع مرسى كأنها فى بيتها؟!
■ تحدثت عن الأقباط بقلق شديد.. فماذا يمكن أن يفعلوا إذا استمر تخويفهم؟
- أخشى أن يفكر الأقباط فى هجرة جماعية من مصر، مثلما هاجر اليهود بعد أن كانوا يعيشون فى سلام وأمان داخل مصر لسنوات طويلة.
■ كيف تنظر إلى الود الأمريكى للإسلاميين بشكل عام والإخوان تحديدا؟
- الود الأمريكى الإسلامى هل هو نموذج مستنسخ عن الود القديم البريطانى الإخوانى، ويقال إن بريطانيا وراء إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، فلماذا لا نتوقف قليلا ونتساءل ما أسباب هذا الود؟ ومن ناحية أخرى يضخمون الفزاعة الإسلامية ويدعون أن الإسلام خطر عليهم، رغم أن أوباما أول من هنأ محمد مرسى على فوزه بمنصب الرئيس، فهنا توجد علامة استفهام تحتاج إلى البحث والتوقف، ولا يمكن أن نجامل ونقول إنها علاقة عادية، فمع الأمريكان مستحيل أن يكون الوضع عاديا، ومستحيل أن يكون هناك شىء بلا مقابل، فهم أكثر من راوغونا وأتعبونا فى لبنان، ولعبوا على الفريقين، وكل فريق ظن أنهم معه ضد الفريق الآخر.
■ كيف ترى المشهد فى لبنان الآن؟
- لبنان الآن لديه مشكلات اقتصادية ضخمة، تفرز مشكلات معيشية، وهناك إفلاس سياسي، ولكن الانقسام في لبنان مطمئن، لأن هناك حرية عقيدة، فالمسيحيون موجودون والسنة والشيعة والدروز، لكن الوضع فى لبنان يرتبط إلى حد كبير بمستقبل الوضع فى سوريا وإيران، لكن إيران مغلقة لا تخترق، لا أحد يعرف حقيقة الوضع فيها، تسافر إليها مئات المرات ولا تعرف شيئا عن أوضاعها الداخلية، والسلطة قوية فيها، فإذا فكرت أمريكا في ضرب المفاعلات وقتها ستجد حكومة قوية تتصدى لها، وبعد الانتخابات الأمريكية ضرب إيران وارد جدا، سواء فاز أوباما أو لم يفز، فدولة إيران دولة دينية، وأمريكا ترحب بهذا النوع من الأنظمة فى العالم كله، لأنه يعزز وجود إسرائيل كدولة دينية، فدون دول دينية لا يوجد توتر، وإذا اختفى التوتر تقلق أمريكا.
■ كيف تصف مساندة حزب الله النظام السوري؟
- يجب أن ندرك أن ارتباط حزب الله بالنظام السورى لأن النظام السورى هو أحد دعائم ومكونات حزب الله، والنظام السورى هو الممر الرئيسى للدعم الإيرانى، فكلاهما بحاجة إلى الآخر، لكن هناك جانب أخلاقى فى حزب الله يجعله فى حيرة من أمره، لأن حسن نصر الله شخص متعلق بالأهداب الدينية، لذلك فهو يحاول أن يوازن بين الشعار والواقع اليومى، خصوصا لأن الناس تحبه وتصدقه، وعندما بدأت الثورة السورية أعلن حسن نصر الله مرارا فى خطبه أنه مع النظام، فكيف سيتراجع، فالقاعدة الشيعية جميعها فى لبنان مع النظام السورى، لكنى أعرف أن حسن نصر الله يعرف أن مساندته سوريا أضرته كثيرا وأثرت على شعبيته فى الوطن العربى، وهذا ربما ما يزعجه لكنه لم يجد مفرا حتى الآن.
■ في ظل ما يحدث الآن في الوطن العربي.. ماذا ينبغي على المثقف أن يفعل؟
- المثقف له دور كبير، رغم تأزم الوضع الثقافى، لكن المثقفين العرب يناضلون، ومثال على ذلك ياسين الحاج صالح، هذا الرجل بطل سُجن عقدين من الزمن وخرج من السجن، ولا يزال فى سوريا يكتب رأيه الحر بكل صدق وتفصيل وعمق، ورغم اضطهاده الشديد فإنه ما زال يناضل وينتقل من قرية إلى قرية وسط القصف، حتى لا يعرف النظام مكانه، ومع ذلك يكتب ولا يفقد الأمل، فهذا نموذج عظيم للمثقف الحقيقى، وهذا مثال من ضمن أمثلة كثيرة عانت، مثل المثقفين فى مصر الذين عانوا من الاضطهاد فى كل العصور، فهم قوافل من الأحرار الذين سُجنوا وخرجوا ولم يقوموا بتغيير أفكارهم، لا خوف على تطهر بوسط الدم، والآن بالسعودية والكويت والمغرب ومصر توجد هذه الفئة من المثقفين.

■ أنت تنتمي إلى جيل كان الشاعر فيه يقود الأمة ويغير مزاجها ويجسد أمانيها.. فهل خفُت صوت الشعراء في السنوات الماضية؟
- لا أعتقد أنه قد خفُت، فالإنتاج الشعرى الذى تنتجه المطابع غزير لكن قليل جدا منه ما يصلح ويستحق المطالعة، فالآن أصبح هناك تهافت فى نشر أى شىء سواء رواية أو قصة أو نقد أو كل ما يمت إلى الأدب بصلة، حيث ينشر دون تقييم نقدى صارم ودون لجان، ودور النشر غالبا تتعامل مع الكتاب وفقا لتكاليف الكتاب، وهذا شىء مؤسف جدا، -ولا أعفى بيروت من المسؤولية- لأن مع الأسف عدد كبير من دور النشر فى بيروت لا يأخذ بعين الاعتبار مقاييس النوعية والجودة أو الجدية على الأقل فى تقييم الكتاب قبل نشره، فحالة الشعر فى العالم العربى حالة مقلقة تدعو إلى إعادة تقييم وإعادة نظر وإلى وضع قواعد جدية ومسؤولة للنشر، سواء فى الصحف أو المجلات أو عبر الإطلالات التليفزيونية التى يهب فيها ويدب أى شخص كان، ويتحدث فيها عن أى شىء كأنه خبير عالمى فى هذا الموضوع، فعندما كان النشر محصورا بالورق، كان هناك شىء من الحدود، ولكن اليوم بسبب الإنترنت والتليفزيون، وإباحة التواصل لم يعد هناك حدود أو سدود، فليتنا كنا نعيش فى مجتمعات حرة حقيقية.
■ هل ترى أن القراء قد تحولوا إلى كُتاب؟
- بالفعل.. فمن الواضح أنها ظاهرة لن تنتهى بل تتفاقم، فأنا لى عبارة أقولها وهى «كلما فرحنا بقارئ مهتم.. اكتشفنا فى اليوم التالى أنه أصبح كاتبا»، وهنا توجد خسارتان: خسارة للكاتب لأنه صار له زميل من القراء، وخسارة للكتابة، لأن فى معظم الأحيان يكون هذا الكاتب الجديد «كاتب بالتقليد»!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.