القومي لحقوق الإنسان يناقش تعديلات قانون المجلس مع رئيس الوزراء    باستثناء إقليم كردستان، انقطاع كامل للكهرباء في العراق    إزالة 155 حالة تعدٍّ ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال27 ببني سويف    مصر تواصل دعم غزة.. انطلاق القافلة ال12 من "زاد العزة" بحمولة 2300 طن مساعدات غذائية    إسرائيل تنفذ تفجيرا بالخيام وطيرانه يكثف تحليقه بالبقاع اللبناني    رسميا، كومو الإيطالي يطلب التعاقد مع حارس مرمى برشلونة    فيتو تكشف في عددها الجديد، السرايا الصفرا!.. جنون الغلاء يجتاح مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية    تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    «لمحبي الشاي».. 5 أخطاء شائعة عند تحضيره تحوله لمشروب يضر بصحتك    شوبير: كوبري وسام أبو علي؟ عقده مستمر مع الأهلي حتى 2029    كومو يقدم عرضا لضم بينيا من برشلونة    شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز الدعم العلمي والدعوي والتَّدريب الديني    الداخلية تضبط 4 متهمين باستغلال أطفال في أعمال التسول بالقاهرة والجيزة .. صور    "مركز الأرصاد" يرفع درجة التنبيه إلى "الإنذار الأحمر" على منطقة جازان    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    البورصة المصرية تخسر 335 مليون جنيه في ختام تعاملات الاثنين    بطولة عمرو يوسف.. التجهيزات النهائية للعرض الخاص لفيلم درويش (صور)    ما حكم تأخير الإنجاب في أول الزواج بسبب الشغل؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    صراع إيطالي للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    بنتي بتموت ومعنديش واسطة، سيدة تصرخ لإجراء جراحة الزائدة لإبنتها، والمستشفى: مفيش مكان (فيديو)    محافظ الفيوم يعتمد تخفيض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام والفني    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية خلية العجوزة    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    سلوت: ليفربول بحاجة لتحسين الأداء الدفاعي    "اليوم" يعرض تقريرا عن الفنان الراحل نور الشريف فى ذكرى وفاته    مدير تقافة الفيوم تستقبل رئيس نادي الأدب بسنورس لمناقشة ملفات الفترة القادمة    غدا.. انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    12 Angry Men وثيقة فنية دائمة الصلاحية |فضح الحياة .. لا تمثيلها!    فعاليات نادي سينما الإسماعيلية ضمن محور «أنت قلب الحكاية»    أوسكار يراجع تقييم الأداء في الدوري مع 4 حكام بعد الجولة الأولى    رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف 2025 مكتوبة وجاهزة    الشربيني رئيساً لبعثة الشباب إلى المغرب    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    إجراء 15 عملية قلب مفتوح وقسطرة علاجية في الفيوم بالمجان    التحقيقات في مقتل شاب بعين شمس: الضحية تدخل لفض مشاجرة فلقى مصرعه طعنا    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    مصرع 4 أشخاص وإصابة 3 في حادث تصادم بطريق "رأس سدر"    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    ترامب يتعهد بإخلاء واشنطن من المشردين..و"إف بي آي" يشارك في دوريات ليلية    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    في سابقة تاريخية.. بوتين يزور ولاية ألاسكا الأمريكية    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    تداول بضائع وحاويات 18 سفينة في ميناء دمياط خلال 24 ساعة    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنسي الحاج: أوباما أول من هنأ مرسي على فوزه.. ومع الأمريكان لا شىء بلا مقابل
نشر في الدستور الأصلي يوم 29 - 09 - 2012

كان أول شىء تمنيته عندما وصلت إلى بيروت أن أذهب إلى الشاعر الكبير أنسي الحاج وأحاوره، فهو واحد من علامات لبنان، وأعلامه، وجباله الشامخة.

الكل أكد لى أن مكتبه مفتوح أمام الجميع، لكن إجراء حوار معه يعد واحدا من المستحيلات، فهو منذ ما يزيد على العشرين عاما لم يجر حوارا مع أى صحيفة، سواء داخل لبنان أو خارجه، فهو نادرا ما يتحدث ويكتفي بما يكتبه في جريدة «الأخبار» اللبنانية، بعد أن استقال من رئاسة تحرير جريدة «النهار» إحدى أكبر الصحف اللبنانية والعربية.

لكنى لم أفقد الأمل، فذهبت إليه، بعد ستة أيام من البحث عن طريقة للوصول إليه، وبمجرد أن دخلت إلى مكتبه وجدته واقفا يستقبلني بحفاوة كبيرة، وعندما بدأ يتحدث وجدته شاعرا مرهف الحس، شديد الزهد، بالغ التواضع، ويحب مصر بصورة لا توصف، فاستأذنته أن أخرج المُسجل من حقيبتى وأضعه أمامنا لنسجل الحوار الذى كان قد بدأ بالفعل فوافق عشان مصر و«التحرير».

وتحدثنا عن كل شىء عن سوريا ولبنان، وأمريكا والإخوان، ومصر وتونس وليبيا، وإيران وحزب الله، ومرسى ومبارك، وهتلر وبشار، لكننا بدأنا الحديث من سوريا حيث الثورة والطاغية

■أنت قريب من الأحداث في سوريا وتتابعها بدقة.. فكيف ترى المشهد الآن؟
- الأصوات التى خرجت من الصمت مستحيل أن تعود إلى الصمت، خصوصا إذا كانوا خارجين من صمت أربعين سنة، فمستحيل أن يرجعوا إلى الوراء، واليوم يعطون البرهان على ذلك بالدم، من ناحية أخرى، أنا كنت من الذين طالبوا فى بداية عهد بشار الشباب أن يعطوه الفرصة، وكان لم يكمل وقتها شهرا فى السلطة، والآن ماذا حدث! هناك كلمة سر وراء تحوله من المسالمة إلى الطغيان، كأنه نظام أقوى من الحاكم، مركب بطريقة لا تحتوى على ديمقراطية أو حوار، فقد أعطوه مجالا لبعض الوقت كى يفى ببعض الوعود، ثم عادوا وأوقفوه، وكان قد بدأ يكون علاقات جيدة مع شعبه، ولم يدخل في تكوين أى كتل عدائية، حتى مع اليسار، والآن هناك رغبة عليا فى التمسك بالسلطة والمحافظة عليها بقبضة حديدية لا تتهاون، ولكن على قدر تسلط هذا النظام فلم يبق له كثير، فإذا رشقته بحجر سيسقط، لذلك فأنا لست متفائل بالوضع في سوريا.

■ محاولات كثيرة من أطراف متعددة لحل الأزمة السورية.. كيف ترى الحل من وجهة نظرك؟
- أولا: أنا أستبعد المصالحة وأتحدث عن التعايش، يا ليت تستطيع الذاكرة الشعبية أن تعفو، ولكن أنا لا أعتقد ذلك فمن دُمرت مدنه، ماذا تستطيع أن تقول له؟!
ثانيا: أتصور أن المهم ليس رحيل بشار فقط، لكن فى الوقت نفسه لا يمكن مناقشة أى أى حل للأزمة السورية إلا بعد رحيله، وعمل نظام ديمقراطى يعطى كل مكونات المجتمع أحجامها الحقيقية عن طريق الانتخابات، لكن أرى أنه إذا حكم الإخوان سوريا ستعود إلى الدم، لأن سوريا طبيعة نظامها يجب أن تكون علمانية وتجمع كل الطوائف في الحكم.
■ ألا تجد أن هناك وجها للشبه بين ما فعله هتلر وما يفعله بشار الأسد في سوريا؟
- ما يفعله بشار الآن أسوأ مما فعله هتلر، فهتلر لم يضرب أبناء شعبه بالطائرات صباح كل يوم، لكن فى الوقت نفسه هتلر فتك بأوروبا كلها، وأذل الشعب الفرنسى ومزقه تمزيقا، وجعله ينقسم ويركن إلى الاحتلال الألمانى، وكان أحد أسباب نشوء الهيمنة السوفييتية فى ما بعد هو هتلر، فنتائج هتلر فى الدمار على صعيد عالمى كانت كبيرة جدا، ومكن النظرية اليهودية الباحثة عن «المحسنين» دائما باعتبارهم ضحايا، فهو بمواقفه ضد اليهود قد خدمهم، واستطاع اليهود بذلك ابتزاز الغرب، حتى صوتت لهم أوروبا وروسيا في الأمم المتحدة، وكانت النتيجة ضياع دولة فلسطين وبداية الكابوس اليهودى، وأصبحت كل كلمة يشتق منها أنها معادية للسامية، وظهرت قوانين عالمية تساندهم، كالقانون الفرنسي الذى يمنع التشكيك في المحرقة، فيرون أن الشعب اليهودى شعب شهيد.
■ هل ترى أن الوطن العربى فى حاجة إلى ظهور عبد الناصر آخر؟
- هناك وجه لعبد الناصر كان مرفوضا فى حينه، وأنا أحد الذين رفضوه، وتعرضوا، لن أقول اضطهادا، ولكن للتعتيم، فنموذج الديكتاتور مرفوض أيا كان، حتى ولو كان من أعاظم رجال التاريخ، لكنى أريد عبد الناصر الذى يجسد روح شعبه، فأنا أوافق على أى حاكم يجسد روح شعبه مهما كانت هذه الروح، فإذا كان الشعب عدوانيا فليكن الحاكم عدوانيا، فمثلا هتلر هو ابن الفكر الألمانى ومشبع به، وهذا يُغفل عند الحديث عن هتلر، كأن هتلر مارق، شاذ، هبط على ألمانيا من المريخ، وهذا كلام ساذج لكنه انتشر بقوة رغم سذاجته.
■ زرت مصر مرتين من قبل.. فماذا فعلت في الزيارتين؟
- الزيارة الأولى كانت بعد نكسة 67 بأسابيع قليلة، ويومها قابلت عبد الحليم حافظ في «جروبي» وتحدثنا طويلا، وسرنا معا في شوارع القاهرة، أما الزيارة الثانية فكانت بين عامى 76 و77 وذلك فى مؤتمر من أجل لبنان، وكان أكثر شىء أثار اهتمامي في الزيارتين هو «أبو الهول» فكلما رأيته شعرت بالهيبة الشديدة لدرجة أنى لم أستطع أن أنظر إليه وجها لوجه، فهو شىء عظيم لكن لم يقدَّر حق تقديره.

■ كيف ترى المشهد في مصر بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى كرسى الحكم؟
- أنا كتبت منذ بضعة أشهر مقالا بعنوان «أيها الإسلاميون»، دعوت فيه الإسلاميين إلى استلام السلطة حيث تصلهم أصوات الناخبين، ففى الجزائر عندما وصل الإسلاميون إلى الحكم بأصوات الناخبين بأكثرية ساحقة، ألغيت الانتخابات وتلا ذلك مجازر، هناك من صوّغ للسلطة هذا القمع، بأنه لا يجوز للإسلاميين الوصول إلى السلطة، وكثير من الأنظمة العربية وقتها وافق على هذا القمع الدموى ضمنا، فالأمر ليس لعبة، أن نعطيهم الديمقراطية وبعد وصولهم إلى السلطة نرفضهم، دعنا نجربهم فى البداية، فهم فى تركيا نموذج جيد وفى ماليزيا نموذج جيد، فلماذا لا يكون العرب كذلك، خصوصا أن الإسلام معروف بالتسامح والحضارة، أما عن مصر فهى تعتبر النموذج الأول، ليبيا وتونس ليستا نموذجا يُبنى عليه، لأنهما أولا: دول صغيرة متواضعة، ثانيا: جديدة العهد بالديمقراطية خصوصا ليبيا، أما تونس فبها وعى شديد وشعبها مثقف ومعتاد على الديمقراطية والسلام، أما ليبيا فقد اكتشفنا فيها شخصيات وأدمغة بعد سقوط القذافى ما كنا ندرى بإمكانية وجودها فى ليبيا، فقامة القذافى المرعبة حجبت الليبيين الحقيقيين وما بقى على السطح غيره، فالإسلاميون أتوا بأصوات الناخبين، وهذا شىء مقدس، لا يمكن تجاهله، لذلك فلندعهم يجربون، لكن على الرئيس محمد مرسى أن يعى أن مصر أم الدنيا والأم دائما تحتضن الجميع.
■ كيف ترى المشهد في مصر بعد وصول مرسى إلى الحكم، واستمرار تخوين المعارضة وتهميش دورها كما كان في عهد مبارك؟
- بطبيعة الحال هناك صعود للسلطة، خصوصا أن السلطة كانت مكبوتة ومحرومة كثيرا من الوصول، والقاعدة الشعبية قوية، هذا يعطى نشوة أكثر للسلطة فترتكب أخطاء، فأحيانا الشعب هو من يجعل الحاكم يخطئ، فالتمجيد والهتاف يقودانه إلى الخطأ، لكن هذه السياسة مع المعارضة ليس بها خوف، الخوف الحقيقى يبدأ عندما تجد السلطة تلتف وراء المعارضة وتخطط لخنقها، أرجو أن لا يقع محمد مرسى فى هذا الخطأ، لأن في مصر لا يمكن أن يرتكب هذا الخطأ ويبقى بلا عقاب، فهو بذلك سيزعزع حكمه ويزعزع وجود كل الحركات الإسلامية فى العالم، فمصر هى قاعدة العالم العربى والإفريقى والإسلامى، فلينتبه مرسي أن مصر رمز لعدة دول وشعوب، ومثل لحضارة وتراث عظيم، وأعظم ما يمكن أن يفعله محمد مرسي هو أن ينتهج حكما إسلاميا منفتحا أكثر حتى من النموذج التركي، فالآن أخطر تجربة هى التجربة المصرية، ويجب الانتباه إلى قضية الأقباط، فهناك فخ مدمر للأقباط، فعزلهم عن مكونات الشعب المصري الأخرى بحجة أن الإسلاميين «سيأكلونهم»، فالأقلية دائما خوفها مشروع، مثل الطفل الخائف الذى يجب عليك احتضانه، فمرسي عليه احتضان الأقباط، وما فعله من تعيين مساعد قبطي جيد ولكن لا يكفى، هذا نوع من التجميل، فعليه إشراك الأقباط فى السلطة بشكل أكثر لكى يطمئنهم، فمثلا تعيين وزير داخلية قبطي، فمصر لا يجب أن تخسر الأقباط، فمصر بلد السماح، اليهود عاشوا فيها بكل طمأنينة، والصحافة العربية هاجرت إلى مصر هربا من الطغيان العثمانى وعاشوا بحرية، فعلى مرسى أن يعالج المسألة القبطية بجدية كبيرة ولا يتركها يوما بيوم، خصوصا مع وجود إعلام محفز للأقباط وراءه دول كأمريكا، الأقباط يشعرون أنهم آخر قلعة مسيحية فى العالم الإسلامى، والشك هنا شك طبيعى، فمن متى كان الأمريكان يحبون الإسلاميين ولماذا جاءت كلينتون بهذه الغبطة لتجلس مع مرسى كأنها فى بيتها؟!
■ تحدثت عن الأقباط بقلق شديد.. فماذا يمكن أن يفعلوا إذا استمر تخويفهم؟
- أخشى أن يفكر الأقباط فى هجرة جماعية من مصر، مثلما هاجر اليهود بعد أن كانوا يعيشون فى سلام وأمان داخل مصر لسنوات طويلة.
■ كيف تنظر إلى الود الأمريكى للإسلاميين بشكل عام والإخوان تحديدا؟
- الود الأمريكى الإسلامى هل هو نموذج مستنسخ عن الود القديم البريطانى الإخوانى، ويقال إن بريطانيا وراء إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، فلماذا لا نتوقف قليلا ونتساءل ما أسباب هذا الود؟ ومن ناحية أخرى يضخمون الفزاعة الإسلامية ويدعون أن الإسلام خطر عليهم، رغم أن أوباما أول من هنأ محمد مرسى على فوزه بمنصب الرئيس، فهنا توجد علامة استفهام تحتاج إلى البحث والتوقف، ولا يمكن أن نجامل ونقول إنها علاقة عادية، فمع الأمريكان مستحيل أن يكون الوضع عاديا، ومستحيل أن يكون هناك شىء بلا مقابل، فهم أكثر من راوغونا وأتعبونا فى لبنان، ولعبوا على الفريقين، وكل فريق ظن أنهم معه ضد الفريق الآخر.
■ كيف ترى المشهد فى لبنان الآن؟
- لبنان الآن لديه مشكلات اقتصادية ضخمة، تفرز مشكلات معيشية، وهناك إفلاس سياسي، ولكن الانقسام في لبنان مطمئن، لأن هناك حرية عقيدة، فالمسيحيون موجودون والسنة والشيعة والدروز، لكن الوضع فى لبنان يرتبط إلى حد كبير بمستقبل الوضع فى سوريا وإيران، لكن إيران مغلقة لا تخترق، لا أحد يعرف حقيقة الوضع فيها، تسافر إليها مئات المرات ولا تعرف شيئا عن أوضاعها الداخلية، والسلطة قوية فيها، فإذا فكرت أمريكا في ضرب المفاعلات وقتها ستجد حكومة قوية تتصدى لها، وبعد الانتخابات الأمريكية ضرب إيران وارد جدا، سواء فاز أوباما أو لم يفز، فدولة إيران دولة دينية، وأمريكا ترحب بهذا النوع من الأنظمة فى العالم كله، لأنه يعزز وجود إسرائيل كدولة دينية، فدون دول دينية لا يوجد توتر، وإذا اختفى التوتر تقلق أمريكا.
■ كيف تصف مساندة حزب الله النظام السوري؟
- يجب أن ندرك أن ارتباط حزب الله بالنظام السورى لأن النظام السورى هو أحد دعائم ومكونات حزب الله، والنظام السورى هو الممر الرئيسى للدعم الإيرانى، فكلاهما بحاجة إلى الآخر، لكن هناك جانب أخلاقى فى حزب الله يجعله فى حيرة من أمره، لأن حسن نصر الله شخص متعلق بالأهداب الدينية، لذلك فهو يحاول أن يوازن بين الشعار والواقع اليومى، خصوصا لأن الناس تحبه وتصدقه، وعندما بدأت الثورة السورية أعلن حسن نصر الله مرارا فى خطبه أنه مع النظام، فكيف سيتراجع، فالقاعدة الشيعية جميعها فى لبنان مع النظام السورى، لكنى أعرف أن حسن نصر الله يعرف أن مساندته سوريا أضرته كثيرا وأثرت على شعبيته فى الوطن العربى، وهذا ربما ما يزعجه لكنه لم يجد مفرا حتى الآن.
■ في ظل ما يحدث الآن في الوطن العربي.. ماذا ينبغي على المثقف أن يفعل؟
- المثقف له دور كبير، رغم تأزم الوضع الثقافى، لكن المثقفين العرب يناضلون، ومثال على ذلك ياسين الحاج صالح، هذا الرجل بطل سُجن عقدين من الزمن وخرج من السجن، ولا يزال فى سوريا يكتب رأيه الحر بكل صدق وتفصيل وعمق، ورغم اضطهاده الشديد فإنه ما زال يناضل وينتقل من قرية إلى قرية وسط القصف، حتى لا يعرف النظام مكانه، ومع ذلك يكتب ولا يفقد الأمل، فهذا نموذج عظيم للمثقف الحقيقى، وهذا مثال من ضمن أمثلة كثيرة عانت، مثل المثقفين فى مصر الذين عانوا من الاضطهاد فى كل العصور، فهم قوافل من الأحرار الذين سُجنوا وخرجوا ولم يقوموا بتغيير أفكارهم، لا خوف على تطهر بوسط الدم، والآن بالسعودية والكويت والمغرب ومصر توجد هذه الفئة من المثقفين.

■ أنت تنتمي إلى جيل كان الشاعر فيه يقود الأمة ويغير مزاجها ويجسد أمانيها.. فهل خفُت صوت الشعراء في السنوات الماضية؟
- لا أعتقد أنه قد خفُت، فالإنتاج الشعرى الذى تنتجه المطابع غزير لكن قليل جدا منه ما يصلح ويستحق المطالعة، فالآن أصبح هناك تهافت فى نشر أى شىء سواء رواية أو قصة أو نقد أو كل ما يمت إلى الأدب بصلة، حيث ينشر دون تقييم نقدى صارم ودون لجان، ودور النشر غالبا تتعامل مع الكتاب وفقا لتكاليف الكتاب، وهذا شىء مؤسف جدا، -ولا أعفى بيروت من المسؤولية- لأن مع الأسف عدد كبير من دور النشر فى بيروت لا يأخذ بعين الاعتبار مقاييس النوعية والجودة أو الجدية على الأقل فى تقييم الكتاب قبل نشره، فحالة الشعر فى العالم العربى حالة مقلقة تدعو إلى إعادة تقييم وإعادة نظر وإلى وضع قواعد جدية ومسؤولة للنشر، سواء فى الصحف أو المجلات أو عبر الإطلالات التليفزيونية التى يهب فيها ويدب أى شخص كان، ويتحدث فيها عن أى شىء كأنه خبير عالمى فى هذا الموضوع، فعندما كان النشر محصورا بالورق، كان هناك شىء من الحدود، ولكن اليوم بسبب الإنترنت والتليفزيون، وإباحة التواصل لم يعد هناك حدود أو سدود، فليتنا كنا نعيش فى مجتمعات حرة حقيقية.
■ هل ترى أن القراء قد تحولوا إلى كُتاب؟
- بالفعل.. فمن الواضح أنها ظاهرة لن تنتهى بل تتفاقم، فأنا لى عبارة أقولها وهى «كلما فرحنا بقارئ مهتم.. اكتشفنا فى اليوم التالى أنه أصبح كاتبا»، وهنا توجد خسارتان: خسارة للكاتب لأنه صار له زميل من القراء، وخسارة للكتابة، لأن فى معظم الأحيان يكون هذا الكاتب الجديد «كاتب بالتقليد»!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.