«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنسي الحاج: أوباما أول من هنأ مرسي على فوزه.. ومع الأمريكان لا شىء بلا مقابل
نشر في الدستور الأصلي يوم 29 - 09 - 2012

كان أول شىء تمنيته عندما وصلت إلى بيروت أن أذهب إلى الشاعر الكبير أنسي الحاج وأحاوره، فهو واحد من علامات لبنان، وأعلامه، وجباله الشامخة.

الكل أكد لى أن مكتبه مفتوح أمام الجميع، لكن إجراء حوار معه يعد واحدا من المستحيلات، فهو منذ ما يزيد على العشرين عاما لم يجر حوارا مع أى صحيفة، سواء داخل لبنان أو خارجه، فهو نادرا ما يتحدث ويكتفي بما يكتبه في جريدة «الأخبار» اللبنانية، بعد أن استقال من رئاسة تحرير جريدة «النهار» إحدى أكبر الصحف اللبنانية والعربية.

لكنى لم أفقد الأمل، فذهبت إليه، بعد ستة أيام من البحث عن طريقة للوصول إليه، وبمجرد أن دخلت إلى مكتبه وجدته واقفا يستقبلني بحفاوة كبيرة، وعندما بدأ يتحدث وجدته شاعرا مرهف الحس، شديد الزهد، بالغ التواضع، ويحب مصر بصورة لا توصف، فاستأذنته أن أخرج المُسجل من حقيبتى وأضعه أمامنا لنسجل الحوار الذى كان قد بدأ بالفعل فوافق عشان مصر و«التحرير».

وتحدثنا عن كل شىء عن سوريا ولبنان، وأمريكا والإخوان، ومصر وتونس وليبيا، وإيران وحزب الله، ومرسى ومبارك، وهتلر وبشار، لكننا بدأنا الحديث من سوريا حيث الثورة والطاغية

■أنت قريب من الأحداث في سوريا وتتابعها بدقة.. فكيف ترى المشهد الآن؟
- الأصوات التى خرجت من الصمت مستحيل أن تعود إلى الصمت، خصوصا إذا كانوا خارجين من صمت أربعين سنة، فمستحيل أن يرجعوا إلى الوراء، واليوم يعطون البرهان على ذلك بالدم، من ناحية أخرى، أنا كنت من الذين طالبوا فى بداية عهد بشار الشباب أن يعطوه الفرصة، وكان لم يكمل وقتها شهرا فى السلطة، والآن ماذا حدث! هناك كلمة سر وراء تحوله من المسالمة إلى الطغيان، كأنه نظام أقوى من الحاكم، مركب بطريقة لا تحتوى على ديمقراطية أو حوار، فقد أعطوه مجالا لبعض الوقت كى يفى ببعض الوعود، ثم عادوا وأوقفوه، وكان قد بدأ يكون علاقات جيدة مع شعبه، ولم يدخل في تكوين أى كتل عدائية، حتى مع اليسار، والآن هناك رغبة عليا فى التمسك بالسلطة والمحافظة عليها بقبضة حديدية لا تتهاون، ولكن على قدر تسلط هذا النظام فلم يبق له كثير، فإذا رشقته بحجر سيسقط، لذلك فأنا لست متفائل بالوضع في سوريا.

■ محاولات كثيرة من أطراف متعددة لحل الأزمة السورية.. كيف ترى الحل من وجهة نظرك؟
- أولا: أنا أستبعد المصالحة وأتحدث عن التعايش، يا ليت تستطيع الذاكرة الشعبية أن تعفو، ولكن أنا لا أعتقد ذلك فمن دُمرت مدنه، ماذا تستطيع أن تقول له؟!
ثانيا: أتصور أن المهم ليس رحيل بشار فقط، لكن فى الوقت نفسه لا يمكن مناقشة أى أى حل للأزمة السورية إلا بعد رحيله، وعمل نظام ديمقراطى يعطى كل مكونات المجتمع أحجامها الحقيقية عن طريق الانتخابات، لكن أرى أنه إذا حكم الإخوان سوريا ستعود إلى الدم، لأن سوريا طبيعة نظامها يجب أن تكون علمانية وتجمع كل الطوائف في الحكم.
■ ألا تجد أن هناك وجها للشبه بين ما فعله هتلر وما يفعله بشار الأسد في سوريا؟
- ما يفعله بشار الآن أسوأ مما فعله هتلر، فهتلر لم يضرب أبناء شعبه بالطائرات صباح كل يوم، لكن فى الوقت نفسه هتلر فتك بأوروبا كلها، وأذل الشعب الفرنسى ومزقه تمزيقا، وجعله ينقسم ويركن إلى الاحتلال الألمانى، وكان أحد أسباب نشوء الهيمنة السوفييتية فى ما بعد هو هتلر، فنتائج هتلر فى الدمار على صعيد عالمى كانت كبيرة جدا، ومكن النظرية اليهودية الباحثة عن «المحسنين» دائما باعتبارهم ضحايا، فهو بمواقفه ضد اليهود قد خدمهم، واستطاع اليهود بذلك ابتزاز الغرب، حتى صوتت لهم أوروبا وروسيا في الأمم المتحدة، وكانت النتيجة ضياع دولة فلسطين وبداية الكابوس اليهودى، وأصبحت كل كلمة يشتق منها أنها معادية للسامية، وظهرت قوانين عالمية تساندهم، كالقانون الفرنسي الذى يمنع التشكيك في المحرقة، فيرون أن الشعب اليهودى شعب شهيد.
■ هل ترى أن الوطن العربى فى حاجة إلى ظهور عبد الناصر آخر؟
- هناك وجه لعبد الناصر كان مرفوضا فى حينه، وأنا أحد الذين رفضوه، وتعرضوا، لن أقول اضطهادا، ولكن للتعتيم، فنموذج الديكتاتور مرفوض أيا كان، حتى ولو كان من أعاظم رجال التاريخ، لكنى أريد عبد الناصر الذى يجسد روح شعبه، فأنا أوافق على أى حاكم يجسد روح شعبه مهما كانت هذه الروح، فإذا كان الشعب عدوانيا فليكن الحاكم عدوانيا، فمثلا هتلر هو ابن الفكر الألمانى ومشبع به، وهذا يُغفل عند الحديث عن هتلر، كأن هتلر مارق، شاذ، هبط على ألمانيا من المريخ، وهذا كلام ساذج لكنه انتشر بقوة رغم سذاجته.
■ زرت مصر مرتين من قبل.. فماذا فعلت في الزيارتين؟
- الزيارة الأولى كانت بعد نكسة 67 بأسابيع قليلة، ويومها قابلت عبد الحليم حافظ في «جروبي» وتحدثنا طويلا، وسرنا معا في شوارع القاهرة، أما الزيارة الثانية فكانت بين عامى 76 و77 وذلك فى مؤتمر من أجل لبنان، وكان أكثر شىء أثار اهتمامي في الزيارتين هو «أبو الهول» فكلما رأيته شعرت بالهيبة الشديدة لدرجة أنى لم أستطع أن أنظر إليه وجها لوجه، فهو شىء عظيم لكن لم يقدَّر حق تقديره.

■ كيف ترى المشهد في مصر بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى كرسى الحكم؟
- أنا كتبت منذ بضعة أشهر مقالا بعنوان «أيها الإسلاميون»، دعوت فيه الإسلاميين إلى استلام السلطة حيث تصلهم أصوات الناخبين، ففى الجزائر عندما وصل الإسلاميون إلى الحكم بأصوات الناخبين بأكثرية ساحقة، ألغيت الانتخابات وتلا ذلك مجازر، هناك من صوّغ للسلطة هذا القمع، بأنه لا يجوز للإسلاميين الوصول إلى السلطة، وكثير من الأنظمة العربية وقتها وافق على هذا القمع الدموى ضمنا، فالأمر ليس لعبة، أن نعطيهم الديمقراطية وبعد وصولهم إلى السلطة نرفضهم، دعنا نجربهم فى البداية، فهم فى تركيا نموذج جيد وفى ماليزيا نموذج جيد، فلماذا لا يكون العرب كذلك، خصوصا أن الإسلام معروف بالتسامح والحضارة، أما عن مصر فهى تعتبر النموذج الأول، ليبيا وتونس ليستا نموذجا يُبنى عليه، لأنهما أولا: دول صغيرة متواضعة، ثانيا: جديدة العهد بالديمقراطية خصوصا ليبيا، أما تونس فبها وعى شديد وشعبها مثقف ومعتاد على الديمقراطية والسلام، أما ليبيا فقد اكتشفنا فيها شخصيات وأدمغة بعد سقوط القذافى ما كنا ندرى بإمكانية وجودها فى ليبيا، فقامة القذافى المرعبة حجبت الليبيين الحقيقيين وما بقى على السطح غيره، فالإسلاميون أتوا بأصوات الناخبين، وهذا شىء مقدس، لا يمكن تجاهله، لذلك فلندعهم يجربون، لكن على الرئيس محمد مرسى أن يعى أن مصر أم الدنيا والأم دائما تحتضن الجميع.
■ كيف ترى المشهد في مصر بعد وصول مرسى إلى الحكم، واستمرار تخوين المعارضة وتهميش دورها كما كان في عهد مبارك؟
- بطبيعة الحال هناك صعود للسلطة، خصوصا أن السلطة كانت مكبوتة ومحرومة كثيرا من الوصول، والقاعدة الشعبية قوية، هذا يعطى نشوة أكثر للسلطة فترتكب أخطاء، فأحيانا الشعب هو من يجعل الحاكم يخطئ، فالتمجيد والهتاف يقودانه إلى الخطأ، لكن هذه السياسة مع المعارضة ليس بها خوف، الخوف الحقيقى يبدأ عندما تجد السلطة تلتف وراء المعارضة وتخطط لخنقها، أرجو أن لا يقع محمد مرسى فى هذا الخطأ، لأن في مصر لا يمكن أن يرتكب هذا الخطأ ويبقى بلا عقاب، فهو بذلك سيزعزع حكمه ويزعزع وجود كل الحركات الإسلامية فى العالم، فمصر هى قاعدة العالم العربى والإفريقى والإسلامى، فلينتبه مرسي أن مصر رمز لعدة دول وشعوب، ومثل لحضارة وتراث عظيم، وأعظم ما يمكن أن يفعله محمد مرسي هو أن ينتهج حكما إسلاميا منفتحا أكثر حتى من النموذج التركي، فالآن أخطر تجربة هى التجربة المصرية، ويجب الانتباه إلى قضية الأقباط، فهناك فخ مدمر للأقباط، فعزلهم عن مكونات الشعب المصري الأخرى بحجة أن الإسلاميين «سيأكلونهم»، فالأقلية دائما خوفها مشروع، مثل الطفل الخائف الذى يجب عليك احتضانه، فمرسي عليه احتضان الأقباط، وما فعله من تعيين مساعد قبطي جيد ولكن لا يكفى، هذا نوع من التجميل، فعليه إشراك الأقباط فى السلطة بشكل أكثر لكى يطمئنهم، فمثلا تعيين وزير داخلية قبطي، فمصر لا يجب أن تخسر الأقباط، فمصر بلد السماح، اليهود عاشوا فيها بكل طمأنينة، والصحافة العربية هاجرت إلى مصر هربا من الطغيان العثمانى وعاشوا بحرية، فعلى مرسى أن يعالج المسألة القبطية بجدية كبيرة ولا يتركها يوما بيوم، خصوصا مع وجود إعلام محفز للأقباط وراءه دول كأمريكا، الأقباط يشعرون أنهم آخر قلعة مسيحية فى العالم الإسلامى، والشك هنا شك طبيعى، فمن متى كان الأمريكان يحبون الإسلاميين ولماذا جاءت كلينتون بهذه الغبطة لتجلس مع مرسى كأنها فى بيتها؟!
■ تحدثت عن الأقباط بقلق شديد.. فماذا يمكن أن يفعلوا إذا استمر تخويفهم؟
- أخشى أن يفكر الأقباط فى هجرة جماعية من مصر، مثلما هاجر اليهود بعد أن كانوا يعيشون فى سلام وأمان داخل مصر لسنوات طويلة.
■ كيف تنظر إلى الود الأمريكى للإسلاميين بشكل عام والإخوان تحديدا؟
- الود الأمريكى الإسلامى هل هو نموذج مستنسخ عن الود القديم البريطانى الإخوانى، ويقال إن بريطانيا وراء إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، فلماذا لا نتوقف قليلا ونتساءل ما أسباب هذا الود؟ ومن ناحية أخرى يضخمون الفزاعة الإسلامية ويدعون أن الإسلام خطر عليهم، رغم أن أوباما أول من هنأ محمد مرسى على فوزه بمنصب الرئيس، فهنا توجد علامة استفهام تحتاج إلى البحث والتوقف، ولا يمكن أن نجامل ونقول إنها علاقة عادية، فمع الأمريكان مستحيل أن يكون الوضع عاديا، ومستحيل أن يكون هناك شىء بلا مقابل، فهم أكثر من راوغونا وأتعبونا فى لبنان، ولعبوا على الفريقين، وكل فريق ظن أنهم معه ضد الفريق الآخر.
■ كيف ترى المشهد فى لبنان الآن؟
- لبنان الآن لديه مشكلات اقتصادية ضخمة، تفرز مشكلات معيشية، وهناك إفلاس سياسي، ولكن الانقسام في لبنان مطمئن، لأن هناك حرية عقيدة، فالمسيحيون موجودون والسنة والشيعة والدروز، لكن الوضع فى لبنان يرتبط إلى حد كبير بمستقبل الوضع فى سوريا وإيران، لكن إيران مغلقة لا تخترق، لا أحد يعرف حقيقة الوضع فيها، تسافر إليها مئات المرات ولا تعرف شيئا عن أوضاعها الداخلية، والسلطة قوية فيها، فإذا فكرت أمريكا في ضرب المفاعلات وقتها ستجد حكومة قوية تتصدى لها، وبعد الانتخابات الأمريكية ضرب إيران وارد جدا، سواء فاز أوباما أو لم يفز، فدولة إيران دولة دينية، وأمريكا ترحب بهذا النوع من الأنظمة فى العالم كله، لأنه يعزز وجود إسرائيل كدولة دينية، فدون دول دينية لا يوجد توتر، وإذا اختفى التوتر تقلق أمريكا.
■ كيف تصف مساندة حزب الله النظام السوري؟
- يجب أن ندرك أن ارتباط حزب الله بالنظام السورى لأن النظام السورى هو أحد دعائم ومكونات حزب الله، والنظام السورى هو الممر الرئيسى للدعم الإيرانى، فكلاهما بحاجة إلى الآخر، لكن هناك جانب أخلاقى فى حزب الله يجعله فى حيرة من أمره، لأن حسن نصر الله شخص متعلق بالأهداب الدينية، لذلك فهو يحاول أن يوازن بين الشعار والواقع اليومى، خصوصا لأن الناس تحبه وتصدقه، وعندما بدأت الثورة السورية أعلن حسن نصر الله مرارا فى خطبه أنه مع النظام، فكيف سيتراجع، فالقاعدة الشيعية جميعها فى لبنان مع النظام السورى، لكنى أعرف أن حسن نصر الله يعرف أن مساندته سوريا أضرته كثيرا وأثرت على شعبيته فى الوطن العربى، وهذا ربما ما يزعجه لكنه لم يجد مفرا حتى الآن.
■ في ظل ما يحدث الآن في الوطن العربي.. ماذا ينبغي على المثقف أن يفعل؟
- المثقف له دور كبير، رغم تأزم الوضع الثقافى، لكن المثقفين العرب يناضلون، ومثال على ذلك ياسين الحاج صالح، هذا الرجل بطل سُجن عقدين من الزمن وخرج من السجن، ولا يزال فى سوريا يكتب رأيه الحر بكل صدق وتفصيل وعمق، ورغم اضطهاده الشديد فإنه ما زال يناضل وينتقل من قرية إلى قرية وسط القصف، حتى لا يعرف النظام مكانه، ومع ذلك يكتب ولا يفقد الأمل، فهذا نموذج عظيم للمثقف الحقيقى، وهذا مثال من ضمن أمثلة كثيرة عانت، مثل المثقفين فى مصر الذين عانوا من الاضطهاد فى كل العصور، فهم قوافل من الأحرار الذين سُجنوا وخرجوا ولم يقوموا بتغيير أفكارهم، لا خوف على تطهر بوسط الدم، والآن بالسعودية والكويت والمغرب ومصر توجد هذه الفئة من المثقفين.

■ أنت تنتمي إلى جيل كان الشاعر فيه يقود الأمة ويغير مزاجها ويجسد أمانيها.. فهل خفُت صوت الشعراء في السنوات الماضية؟
- لا أعتقد أنه قد خفُت، فالإنتاج الشعرى الذى تنتجه المطابع غزير لكن قليل جدا منه ما يصلح ويستحق المطالعة، فالآن أصبح هناك تهافت فى نشر أى شىء سواء رواية أو قصة أو نقد أو كل ما يمت إلى الأدب بصلة، حيث ينشر دون تقييم نقدى صارم ودون لجان، ودور النشر غالبا تتعامل مع الكتاب وفقا لتكاليف الكتاب، وهذا شىء مؤسف جدا، -ولا أعفى بيروت من المسؤولية- لأن مع الأسف عدد كبير من دور النشر فى بيروت لا يأخذ بعين الاعتبار مقاييس النوعية والجودة أو الجدية على الأقل فى تقييم الكتاب قبل نشره، فحالة الشعر فى العالم العربى حالة مقلقة تدعو إلى إعادة تقييم وإعادة نظر وإلى وضع قواعد جدية ومسؤولة للنشر، سواء فى الصحف أو المجلات أو عبر الإطلالات التليفزيونية التى يهب فيها ويدب أى شخص كان، ويتحدث فيها عن أى شىء كأنه خبير عالمى فى هذا الموضوع، فعندما كان النشر محصورا بالورق، كان هناك شىء من الحدود، ولكن اليوم بسبب الإنترنت والتليفزيون، وإباحة التواصل لم يعد هناك حدود أو سدود، فليتنا كنا نعيش فى مجتمعات حرة حقيقية.
■ هل ترى أن القراء قد تحولوا إلى كُتاب؟
- بالفعل.. فمن الواضح أنها ظاهرة لن تنتهى بل تتفاقم، فأنا لى عبارة أقولها وهى «كلما فرحنا بقارئ مهتم.. اكتشفنا فى اليوم التالى أنه أصبح كاتبا»، وهنا توجد خسارتان: خسارة للكاتب لأنه صار له زميل من القراء، وخسارة للكتابة، لأن فى معظم الأحيان يكون هذا الكاتب الجديد «كاتب بالتقليد»!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.