يقول المحلل البارز في صحيفة "ذي انديبندنت" البريطانية ادريان هاميلتون في مقال نشرته الصحيفة اليوم الجمعة ان الانتفاضات التي شهدتها تونس ومصر واليمن في الشرق الاوسط كانت كلها تستهدف حكومات يدعمها الغرب. ويضيف ان المتظاهرين هاجموا انظمة كانت تعتمد المحسوبية والقمع وتحظى بتأييد الدول الغربية، وان ما قاموا به لا علاقة له بالقبول او عدمه من الدول الغربية. وفي ما يأتي نص المقال: "ليس هناك شيء احب الى زعماء الغرب اكثر من "وضع اليد" على الربيع العربي. وقد حاول الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كلاهما ذلك هذا الاسبوع في الاممالمتحدة: وكان اوباما اكثر تأنياً في ضوء الاحتجاجات المناوءة للولايات المتحدة والتي ادت الى مقتل سفيره في ليبيا. اما كاميرون الاكثر زهواً فقد وجه كلامه ضد الرئيس السوري وضد ايران. غير انهما كليهما يواجهان كل باسلوبه المشكلة ذاتها. اذ ان الانتفاضات في انحاء الشرق الاوسط، كما تبدو على السطح، يجب ان تعمل لما فيه مصلحة الغرب بما تحمله من دعوات للديقراطية والحرية والانفتاح.ولكن مثلما اقر اوباما فان "احداث الاسبوعين الماضيين تنبيء بحاجتنا جميعا الى ان نعالج بصدق التوترات بين الغرب وعالم عربي يتحرك نحو الديمقراطية". وليتنا نستطيع ذلك، اذ ان خطاب الرئيس الاميركي كان بحد ذاته مثالا على كم صارت فجوة التفاهم واسعة. وليس هناك من كان يتوقع منه ان يشرع في تمحيص للنفس بعمق ولا ان يخرج بمبادرة جديدة. اذ ليس هناك من يمكن ان يفوز في الانتخابات الاميركية على اساس ما يؤديه في ميدان السياسة الخارجية، وان كان بالامكان ان يخسر المرء الانتخابات مثلما اكتشف الرئيس كارتر وتحمل عواقب ذلك بعد مشكلة ازمة الرهائن في ايران، عندما تكتشف الجماهير ان الهيبة القومية معرضة للخطر. وبناء عليه فان (المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية) ميت رومني يحاول تصوير اوباما على انه زعيم ضعيف في وجه الاضطرابات المضادة للاميركيين التي تكتسح العالم العربي، ومن هنا جاء قرار اوباما للتركيز على ان يبدأ كلمة الولاياتالمتحدة بالحديث عن مقتل السفير في ليبيا كريس ستيفنز، والحاجة لمواجهة التطرف. وهناك الكثيرون، وليس اقلهم في ليبيا نفسها، من يتفقون معه في ذلك. فلقد كان الربيع العربي يهدف الى الاطاحة بأسس الفساد وبالقدر ذاته بالقمع السياسي، وليس لافساد الفرص التجارية بمهاجمة سفارة اكثر دول العالم ثراء. لكن المتظاهرين يهاجمون ايضا بذلك نظاما يعيش على المحسوبية والقمع ويحظى بالتأييد من الدول الغربية. ان من الجيد جداً الاحتفال بسقوط العقيد القذافي مثلما فعل ديفيد كاميرون في الاممالمتحدة مرة اخرى يوم الاربعاء في الحديث عن الانتفاضات في تونس ومصر واليمن واماكن اخرى كما لو كانت خطوات حميمة وودية تجاه القيم الغربية. الا ان ايا منها لم تبدأ بمعونة غربية، ونشأت كلها ضد حكومات تحظى بتأيد الغرب. اما اوباما فانه يتحدث مثل كثيرين غيره من الرؤساء الاميركيين في اطار "مُثل الديمقراطية والحرية الاميركية". وقال اننا "شعرنا بالغبطة تجاه الاحتجاجات التونسية التي اطاحت بدكتاتور. لاننا وجدنا قناعاتنا الخاصة في تطلعات الرجال والنساء الذين خرجوا الى الشوارع. وشددنا على التغيير في مصر، لان دعمنا للديمقراطية يضعنا الى جانب الشعوب". الا ان خطابه لم يشتمل، بالطبع، على البحرين حيث قُمعت احتجاجات سلمية باساليب عنيفة بمساعدة التدخل الاجنبي من قبل المملكة العربية السعودية. ولم يشر في تنديده بايران لدعمها اعمال العنف في الخارج الى قراره الاخير رفع مجموعة "مجاهدين خلق"، المنظمة الايرانية البغيضة تماما، من قائمة الجماعات الارهابية التي يُحظر عليها الحصول على معونات اميركية. وقد تحدث اوباما عن العنف ضد المدنيين في ذات الوقت الذي اغفل فيه هجمات الطائرات الاميركية التي تعمل من دون طيار فوق اراض اجنبية. وقال ان "ايران المسلحة نوويا لا تمثل خطرا يمكن احتواؤه"، رغم ان الدولة الوحيدة المسلحة نوويا في المنطقة التي ترفض باستمرار التفتيش الخارجي او لانضمام الى معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية، هي اسرائيل، التي زاد اوباما للتو حجم المعونات الاميركية لها.
هذه النقاط ليست معروضة للنقاش. اذ لا شيء يزيد من اشتعال المشاعر المناوئة للاميركيين وللبريطانيين في انحاء العالم مثل تهمة النفاق الغربي الذي يعشش في كل خطاب سياسي. ولن تزول هذه التهمة الا عندما يتخذ الغرب قرارات تبدو منفصلة بوضوح عن مصالحه الذاتية. والاختبار القاطع، مثلما يدرك اوباما جيدا، هو القضية الفلسطينية. وهي، مثلما اوضحت حملة ميت رومني، ليست في مجال التفكير في ما يتعلق الامر بواشنطن".