فى دولة يسيطر عليها الإخوان الآن وتحاول الجماعة أن تزيد من نفوذها والحفاظ على التركة التى ورثتها من النظام السابق وحزبه الفاسد، لم تُجرِ الجماعة منذ أن استطاعت أن تسطو على الثورة وتدخل فى تحالفات من أجل وثبة أكبر للسيطرة على السلطة (وقد نجحت فى ذلك)، أى تغيير يذكر.. وكيف لها أن تغيّر وهى جماعة محافظة من الأساس ولا تؤمن بالتغيير، وإنما رؤيتها تتعلق بالإصلاح وفق مصالحها الشخصية ومصالح قيادتها. .. وهو ما يحدث الآن. انظر فى أى مؤسسة سيطرت عليها جماعة الإخوان بدءًا من الحكومة حتى الهيئات، بما فى ذلك تجربتهم فى البرلمان.. لم يحدث أى تغيير يتناسب مع ثورة عظيمة قام بها الشعب ضد الاستبداد والفساد ومن أجل الحرية والكرامة ودفع من دمائه الطاهرة لتحقيق ذلك، متحديا سلطة وجبروت عصابة سيطرت على البلاد سنوات كثيرة أفسدت فيها الناس وخربت الضمائر وأفقرت وقهرت المواطنين، فكان لا بد من التغيير والتخلص من هذا النظام وعصابته ومن قراراته وقوانينه التى أساء استخدامها لقهر الناس لمصالحه الشخصية وللمستفيدين منها من الموالسين والمنافقين ورجال أعماله. .. لكن الإخوان لا يريدون التغيير. فالتغيير عندهم ووفقًا لرؤيتهم هو تمكينهم وسيطرتهم على كل مؤسسات الدولة. لقد قامت الثورة من أجل الحرية.. وها هم الإخوان يقمعون الحريات ويطلقون رجالهم وشبابهم فى حملاتهم الإلكترونية المدفوعة لسبّ وقذف معارضيهم على طريقة ما كان قد بدأ فيه الحزب الوطنى وخادمو جمال مبارك فى لجنة سياساته الفاسدة، وفرضوا سيطرتهم على وزارة الإعلام بنفس طريقة الحزب الوطنى، كما سيطروا على الصحف الحكومية بنفس آلية الحزب الوطنى وأمن الدولة فى النظام السابق.. وهذه المرة عن طريق لجنة فتحى شهاب بلجنة المعايير التى كانت نفسها بعيدة عن المعايير، بمن فيها رئيسها الحاج شهاب الذى لا علاقة له بالصحافة، اللهم إلا من خلال مقالاته الخرسانية فى نشرة نقابة المهندسين فى أثناء فرض الحراسة عليها وكذلك مكتبته لبيع الكتب والكراريس فى المنوفية، فكان هو المسؤول عن التغييرات الصحفية فى الصحف المملوكة للحكومة التى ورثتها جماعة الإخوان، فجاء بالموالين وبينهم سماسرة للبنوك، ومَن عمل مستشارًا للوزراء، وجالبى إعلانات ومن كانوا مع الحزب الوطنى الفاسد وأصبحوا بقدرة قادر مع الإخوان والحرية والعدالة. .. وترك رجل الإخوان فى الشورى كل ما يتعلق بالصحافة وحريتها وكان كل اهتمامه بتغيير رؤساء التحرير وفقًا لرؤيته ومستشاريه السوء الذين هم فى منزلة أسوأ من مستشارى النظام السابق، فهم عديمو الكفاءة فى النهاية. وبالطبع قام رئيس مجلس الشورى أحمد فهمى (صهر الرئيس محمد مرسى)، بالتصويت على تلك التغييرات الإخوانية بمنطق «موافقون» وبرفع الأيدى من أعضاء اللجنة العامة لمجلس الشورى، ولا تنسوا أن مجلس الشورى هو مجلس ال7٪ فقط. ومع هذا حافظ الإخوان، سواء كان فى برلمانهم المنحل غير المأسوف عليه أو مجلس الشورى برئاسة صهر الرئيس، على القوانين سيئة السمعة الموروثة من النظام السابق، والتهديد باستخدامها ضد الصحفيين وإرهابهم بما فى ذلك تهمة إهانة الرئىس.. وشحطط الكتاب والصحفيين بين النيابات والمحاكم، فى نفس الوقت الذى يتم فيه إرسال ميليشيات الإخوان للاعتداء على الإعلاميين، ناهيكم بالحملة الإلكترونية القذرة التى تدار برعاية قيادات إخوانية لإرهاب الكتاب والصحفيين والناشطين. .. أى نعم، قام الرئيس مرسى بإلغاء الحبس الاحتياطى فى تهمة إهانة الرئيس ولم يلغِ الحبس كما نُشِر أو كما يدّعى الإخوان ومنافقوهم وموالسوهم. .. ومن هنا أمام نائب الرئيس المستشار محمود مكى، الذى نثق به ونعتبره مكسبًا للأمة، تحدٍّ كبير فى ما قاله من أن هناك ثورة للحريات قادمة، وإنه يتعهد بأن الصحفى مش هيقف قدام النيابة أو المحكمة تانى، كما قال للزميلة هدى أبو بكر فى «التحرير» أمس. فهل يفعلها مكى ويستطيع أن يزيح الحواجز التى وضعتها الجماعة فى طريق الحريات، وعلى رأس ذلك حرية الصحافة. إنهم يهينون الآن حرية الصحافة والحريات العامة فى كتابة الدستور، الذى يسيطر عليه أغلبية الإخوان ومن معهم، وهو أمر ينذر بعواقب وخيمة على المجتمع كله. إنه تحدٍّ كبير للنائب القادم من النضال من أجل الحرية واستقلال القضاء.