لم نتعود من المخابرات إلا على السرية التامة والعمل في صمت، لم نسمع عن هذا الجهاز المحاط بالغموض والأسرار إلا فى الصحافة بعد القبض على جاسوس، أو فى عمل درامى مأخوذ عن ملفات الجهاز، وفى العادة يكون العمل تحت إشراف الجهاز صاحب القول الفصل فى المعلومات الواردة فيه، وبالتالى يمكن إعتبار جميع أفلام ومسلسلات الجاسوسية نوعا من الدعاية للجهاز حتى لو لم يذكر ذلك صراحة. «كلمة وطن» فيلم تسجيلي قدمه جهاز المخابرات بمناسبة مرور 57 عاما على إنشاء الجهاز، وعرضته مساء الثلاثاء الماضى نحو 8 قنوات مصرية خاصة وحكومية، من بينها «المحور» و«النهار» و«سى بى سى» و«الفضائية المصرية».
الفيلم حمل ملامح طريقة عمل الجهاز السرية نفسها، لا يوجد فى تترات البداية أو النهاية أى إشارة إلى فريق عمل الفيلم. يستعرض العمل الظروف التاريخية التى واكبت نشأة الجهاز مع إبراز بعض عملياته الناجحة كتجنيد العملاء فى الخارج أو القبض على جواسيس الأعداء.
لم يُشر الفيلم إلى مبارك رغم ثنائه على عهد عبد الناصر والسادات، ولم يشر إلى قضية انحراف وتطهير الجهاز بعد هزيمة 1967.
الفيلم لم يزد فى مستواه المتواضع فنيا ومضمونه الدعائى عن سلسلة إعلانات الجاسوس التى ظهرت منذ أسابيع وأثارت نقد وتهكم كثيرين، وقد احتوى على كثير من المقتطفات من مسلسلات درامية معروفة مثل «رأفت الهجان» و«دموع فى عيون وقحة» وغيرها من الأعمال، مما يؤكد أن مخرج العمل لم يجد حقيقة أى مادة تسجيلية تناسب السيناريو الذى كان واضحا أنه من تأليف جهاز المخابرات ومجرد تباهٍ بإنجازات الجهاز بشكل عام، مع بعض التوجيهات والتحذيرات للمواطن من التعامل مع بعض مواقع الإنترنت والأشخاص الأجانب، حصر الفيلم أعداء مصر فى دولتين فقط هما اللتان تقومان بالتجسس على مصر، الأولى هى إسرائيل، والثانية هى إيران، بل اعتبر الفيلم القبض على شخص يحاول نشر المذهب الشيعى إنجازا مخابراتيا.
وبحسب مصادر بماسبيرو فإن الفيلم تم العمل عليه بعد إعلان اللواء عمر سليمان نيته الترشح فى خوض انتخابات الرئاسة الأخيرة، رغم أن الفكرة كان يتم التشاور فيها قبل ذلك بعدة أشهر، لتصحيح صورة المخابرات فى ذهن الجمهور.
كما أكد نفس المصدر أن جهاز المخابرات هو من قام بإنتاج العمل وتجهيزه بشكل كامل، ولم يشارك فيه التليفزيون المصري من قريب أو بعيد، وقد وصلت نسخته إلى مبنى ماسبيرو فى الحادية عشرة من صباح الإثنين الماضى، أى قبل عرضه بيوم واحد.