البرادعي يخلق حالة من الحراك السياسي خلال 7 أيام فقط قضاها في القاهرة د. محمد البرادعي غادر الدكتور محمد البرادعي القاهرة أمس بعد أن خلف حالة من الحراك السياسي في البلاد انعكست في أصداء واسعة داخليًا وعالميًا، ففي القاهرة تستعد حركة البرادعي لتتغيير الدستور لإعلان بيانها الأول، فيما مضت الصحف العالمية إلي رصد نتائج ترشيح البرادعي المحتمل لانتخابات الرئاسة من فضح الفساد وإصلاح البلاد. توجه البرادعي أمس إلي ألمانيا لحضور حفل تكريم له يقيمه الرئيس الألماني، تعقبه مشاركة البرادعي في مؤتمر عن الطاقة النووية بكوريا الجنوبية، ومن المتوقع أن يعود البرادعي إلي القاهرة نهاية مارس الحالي. في الوقت نفسه تستعد الجمعية الوطنية من أجل التغيير لإصدار بيانها الأول الذي من المتوقع إن يؤكد فيه الدكتور حسن نافعة - أستاذ العلوم السياسية والمنسق العام للجمعية - المطالب التي تتبناها الجمعية ومنها إنهاء حالة الطوارئ والإفراج عن السجناء السياسيين ووجود ضمانات للانتخابات التشريعية والرئاسية بالإضافة إلي التأكيد علي إجراء التعديلات الدستورية ومنها المادة 76. وأضاف نافعة أنه في حالة عدم الاستجابة لمطالب الشعب المصري سيتم تحديد موقفنا من الحزب الحاكم بالتعاون مع جميع القوي السياسية النشطة لبحث الموقف من الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المقبلة. وقال نافعة إن البيان سيضع كذلك كيفية انضمام الأفراد إلي الجمعية والتي ستكون مفتوحة أمام الجميع للانضمام إليها، وستكون المرحلة الأولي لأعمال الجمعية متمثلة في إطلاق حملة لجمع التوقيعات ينضم إليها كل النشطاء علي الساحة علي رأسهم الشباب لجمع ملايين التوقيعات التي تطالب بالتغيير حتي تعبر عن وجهة نظر شعبية وتقطع القول من يردد أن ال 5 آلاف شاب الذين ذهبوا للمطار لاستقبال البرادعي والشخصيات التي قامت بزيارته في منزله لا يعبرون عن كل الشعب المصري. وأكد الدكتور محمد أبو الغار - عضو الجمعية الوطنية من أجل التغيير - أن الجمعية بدأت نشاطها فعليا من خلال إطلاق موقع إلكتروني لتجميع التوقيعات لتغيير الدستور، وإعطاء الحق لأي مواطن في الترشيح في الانتخابات الرئاسية، ووضع قاض علي كل صندوق لمنع التزوير، بالإضافة إلي توفر الرقابة الشعبية والدولية علي الانتخابات لضمان أن تمثل نتائجها رغبات الشعب المصري. وأشار أبو الغار إلي أنه من المفترض أن يتم تجميع مليون توقيع بالإضافة إلي الاستعانة بالمصريين في الخارج وهم حوالي مليون مصري آخر وبالتالي يمكن تشكيل قوة ضغط من الشعب المصري لتنفيذ المطالب الوطنية. واهتمت الصحافة العالمية أمس بتصريحات البرادعي، مؤكدة أن الرجل أصبح «موضوع حديث» كل مصري، فقد اعتبرت الصحافة البريطانية أن البرادعي فضح النظام المصري محليا وعالميا بعدما كشف رفضه للمستقلين كمرشحين. فيما توقعت صحف بريطانية أن يهزم البرادعي مبارك إذا أجريت الانتخابات اليوم، مؤكدة قدرة الإرادة الشعبية علي تحقيق المعجزة. كما قالت صحيفة «واشنطن بوست»، القريبة من دائرة صنع القرار في الولاياتالمتحدة، إن البرادعي حصل علي تأييد العالم قبل عودته، مشيرة إلي أن مؤيديه يأملون أن تحميه مكانته من مضايقات النظام. وقالت شبكة «أوفيشيال واير» الإخبارية البريطانية إن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية تمكن من خلال تصريحاته من حشد الرأي العام المصري وتحويله كلية تجاه الحديث عن انتخابات الرئاسة والمنافسة المتوقعة بينه وبين الرئيس مبارك الذي يحكم مصر منذ ما يزيد علي 28 عاما، خاصة بعدما أصبح محط أنظار كل المصريين وموضوع حديثهم. وأضافت الشبكة الإخبارية البريطانية في تقريرها الذي نشرته تحت عنوان «البرادعي وقضية الرئيس الوشيك الغريبة» أن محمد البرادعي - الحاصل علي جائزة نوبل- استطاع خلال فترة قصيرة جدا تقل عن أسبوع له داخل مصر أن يحرج النظام المصري محليا ودوليا ويفضح إصراره علي عدم السماح للمرشحين المؤهلين بخوض الانتخابات الرئاسية كمرشحين مستقلين بعيدا عن الانتماء لأي حزب سياسي. وأشارت «أوفيشيال واير» إلي أن النظام المصري لجأ إلي الحيلة الدستورية بتعديل المادة 76 من الدستور والتي نصت علي أنه لا يحق للمرشحين المستقلين ترشيح أنفسهم في الانتخابات الرئاسية بهدف منع جماعة الإخوان المسلمين من خوض هذه الانتخابات خاصة مع القوة الكاسحة التي ظهروا بها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث تمكنوا من الحصول علي نحو 20 في المائة من مقاعد البرلمان بعدما خاضوا الانتخابات كمستقلين بسبب حظر الحكومة الرسمي للجماعة. وأكد موقع «آن دبث» الإخباري الأمريكي أنه بعد أحاديث البرادعي الأخيرة أصبح الرجل في نظر الناس المرشح المثالي لمنصب الرئيس المصري، خاصة مع المطالب التي قدمها بضرورة إجراء تغييرات جذرية وعميقة في القوانين ومواد الدستور المصري ليسمح لأي شخص بممارسة حقوقه السياسية ومن بينها الترشح لانتخابات الرئاسة وكذلك ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات. وقال الموقع الأمريكي إن شعبية محمد البرادعي تؤهله حاليا للتغلب علي الرئيس مبارك والفوز بالانتخابات إذا ما أجريت هذه الانتخابات - التي من المقرر أن تجري بعد سنة- اليوم، مشيرة إلي أنه بالرغم من أن فرص البرادعي حاليا في الترشح معدومة، إلا أن شعبيته الجارفة بين المصريين والإرادة الشعبية قادرة علي تحقيق هذه المعجزة والمجيء برئيس جديد للبلاد. ومن جانبها أشادت صحيفة «واشنطن بوست» بحوار البرادعي مع وكالة الأنباء الفرنسية الذي قال فيه إن الاستقبال الحافل الذي لقيه في المطار لدي وصوله والذي جاء بشكل سلمي كان تحديًا كبيرًا للنظام المصري، حيث أكد أن شعبيته تسبقه حتي قبل وصوله للقاهرة، مشيرة إلي أن البرادعي يسعي لتثبيت جذور الإصلاح أولا قبل أن يطالب الناس بالتغيير، حيث ذكرت قوله أن الناس «مستعدون إن لم أقل متعطشون للتغيير». ووصفت الصحيفة الأمريكية البرادعي بأنه الرجل الشجاع الذي استطاع أن يحصل علي تأييد واحترام العالم وذلك لابتعاده عن الفساد وعدم تجميله لوجه النظام الحاكم في مصر، مشيرة إلي أنه استطاع الحصول علي تأييد أغلب دول العالم له أثناء عمله كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالرغم من اختلافه الجذري مع إدارة بوش أثناء حرب العراق، وهو ما دعا الإدارة الأمريكية وقتها إلي محاولة استبعاده من منصبه، إلا أنها أشارت إلي التأييد الذي حصل عليه من أمريكا وغيرها من الدول قبل مغادرته لمنصبه. وأوضحت «واشنطن بوست» أنه برغم أن فرص البرادعي للترشح للانتخابات الرئاسية ضعيفة جدا بسبب القيود التي فرضها النظام من خلال الدستور علي ترشح المستقلين للانتخابات الرئاسية، فإن هذه الفرص تبقي قائمة طالما أن هناك مطالب بتعديل المواد الدستورية لإتاحة الفرصة للراغبين في الترشح أن يرشحوا أنفسهم كمستقلين بعيدا عن الانتماء للأحزاب السياسية. وقالت الصحيفة الأمريكية إن مؤيدي محمد البرادعي يأملون في أن مكانة الرجل الدولية وعلاقاته الجيدة مع الدول الكبري ستحميه من أي مضايقات قد يتعرض لها من النظام الحاكم.