خيار صعب تواجهه جماعة الإخوان المسلمين، بحسب ما تقول مجلة فورين أفيرز الأمريكية، وهي تشير إلى أن الجماعة التي خرجت كأكبر الخاسرين من الأسابيع القليلة الماضية، إما أن تدفع باتجاه تولي مرشحها محمد مرسي منصب الرئاسة، وتضفي الشرعية على مرحلة انتقالية تبدو مصممة لخدمة أغراض ضيقة للجيش، أو تعود إلى الشوارع بهدف إسقاط المجلس العسكري. وقالت المجلة "الجيش يعصر الإخوان، والإخوان ليس لديهم رد واضح للمواجهة". وأوضحت أنه إذا تولى مرسي منصب الرئاسة، وفق المؤشرات الأولية للنتائج، فصلاحياته ستكون غير واضحة، وفي غياب برلمان لن يكون لدى مرسي أي سلطة لتنفيذ مشروع النهضة الذي روج له في حملته، ولن يكون لديه أي حلفاء داخل مؤسسات الدولة. وتلفت إلى أن جنرالات الحكم والقضاة لم يظهروا أي رغبة في حدوث تغيير بقيادة الإسلاميين. وفي نفس الوقت، فإن رئاسة مرسي ستعرض الإخوان للانتقاد المألوف بأنها "جماعة انتهازية" بالنظر إلى أن كثيرا من المصريين يعتقدون بأن الإخوان سعيدة للتوافق مع دولة عسكرية عندما يخدم هذا مصالحها الشخصية أو يعطيهم الفرصة لتهميش منافسي الجماعة الآخرين الذين يتنبون إيديولوجيات مختلفة. وتقول المجلة إن هذا النهج ظهر من خلال تصرفات الجماعة أثناء التحضير للانتخابات البرلمانية السابقة، عندما كان كانت المجموعات الثورية تقاتل قوات الأمن خارج وزارة الداخلية عشية الانتخابات، بينما كان الإخوان يطالبون بضبط النفس. وتضيف أن حقيقة أن الجماعة فازت بأغلبية نسبية من الأصوات عزز الشعور بأن الجماعة تضع مصالحها السياسية قبل مبادئها.
وعلى الصعيد الآخر – والحديث للمجلة – فإذا تخلى مرسي عن منصبه كأول رئيس منتخب لمصر بعد مبارك، وعاد الإخوان للشوارع، فربما يجدون أن وقت المظاهرات قد فات، فقد أفل نجم شباب الثورة بشكل كبير خلال ال 16 شهرا التي أطاحت بمبارك، والبسطاء من المصريين يتخوفون من حدوث اضطرابات جديدة. والدليل على أنهم أصبحوا منهكين أن نصف الناخبين فقط الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات أدلوا بأصواتهم في جولة الإعادة، في تراجع عن الانتخابات البرلمانية. ونحو 48% من الناخبين صوتوا لمرشح الاستقرار، أحمد شفيق، الذي لم يعبأ بإخفاء صلته بالنظام السابق. كما زاد الاقتصاد المترنح من هذا الشعور بالإجهاد، والمصريون يشعرون كل يوم بتأثيره. وإذا عاد الإخوان لسياسات الشارع، فليس هناك ضمانة لأن الجيش "لن يلعب بخشونة" ويعتقل قياداتها، بعد تمرير تشريع يعطي للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية صلاحية اعتقال مدنيين. وتشير المجلة إلى أن الصحف الرسمية مليئة بعناوين ترجح عودة الإخوان للعنف، وهو ما ساهمت في دعمه تصريحات مرشح الإخوان السابق خيرت الشاطر التي قال فيه إن "الثورة القادمة ربما تكون أقل سلمية وأكثر عنفا." وتقول فورين أفيرز: "الأمر ببساطة أن الجيش يعصر الإخوان والإخوان ليس لديها رد واضح. الجنرالات يجبرون الجماعة على الاختيار ما بين إضفاء الشرعية على سيطرتهم على السلطة أو تعريض أنفسهم لقمع محتمل." وتوقعت أن رد فعل الإخوان المبدأي سيكون عبر المضي في المسارين معا، عبر تولي مرسي منصب الرئاسة، وفي نفس الوقت تحدي المجلس العسكري في القضاء وفي الشارع. لكن المجلة قالت إنه لكي تنجح الجماعة في تغيير المشهد السياسي في مصر، فإن عليها أن تجد سبيلا لإقناع الليبراليين بإيجاد قواسم مشتركة في النضال ضد حكم الجيش. وسيستمر حكم الجنرالات لمصر طالما تغلب غياب الثقة بين الإخوان والقوى العلمانية على رغبتهم المشتركة في الانتقال من نظام يهيمن عليه الجيش. ومع هذا فإن قبضة الجيش الصريحة على السلطة لم توحد القوى المدنية حول الحاجة لإخراج البلد من قضبتهم.