المستشار طارق البشري: إرجاء التعيين شأن داخلي يتعلق بمستشاري مجلس الدولة وحدهم ولا يجوز تدخل أحد فيه شيوخ القضاة خلال اجتماعهم للرد على تعيين المرأة بمجلس الدولة رفض المستشار محمد أمين المهدي رئيس مجلس الدولة الأسبق والقاضي بالمحكمة الجنائية الدولية الحملة الضارية التي يتعرض لها مجلس الدولة في الفترة الأخيرة بسبب إجماع أغلبية مستشاريه علي إرجاء تعيين المرأة قاضية بالمجلس لمزيد من البحث والدراسة، قائلا « لا يمكن أن يظل عرض مجلس الدولة مستباحا بسبب قرار أجمعت عليه غالبية مستشاريه ». وأضاف المهدي أنه ليس من اللائق أن يقال عن مجلس الدولة إنه ضد المرأة لأن المجلس هو الجهة القضائية الوحيدة التي أوقفت تنفيذ قرار وزير الداخلية بضرورة موافقة الزوج علي سفر الزوجة، وأن المجلس أول من أعطي الولاية التعليمية للمرأة الحاضنة، وهو الذي أعد وراجع قانون الخلع الذي يعطي للمرأة قدراً كبيراً من التساوي مع الرجل، مؤكدا أن قضاء مجلس الدولة هو قضاء الشرعية والملاءمة ودائما ما يكون الملاذ والمصير للمواطن وتكون أحكامه نبراسا ودليلا علي ضرورة المساواة بين جميع المواطنين وعدم التمييز بينهم علي أي أساس. ولفت المهدي إلي أنه من سنوات طويلة عرض أمر تعيين الإناث في مجلس الدولة علي محكمة القضاء الإداري والمحكمة وقتها قضت بأنه لا مانع دينياً ولا شرعياً ولا أخلاقياً يمنع المرأة من تولي القضاء، وإنما ينبغي تأجيل الأمر لاعتبارات تتعلق بالملاءمة.. وتساءل المهدي خلال لقاء صحفي نظمه عدد من كبار شيوخ مجلس الدولة، علي رأسهم المستشارون مجدي العجاتي وحمدي ياسين وأشرف حسن نواب رئيس مجلس الدولة مع المستشارين طارق البشري ومحمد أمين المهدي: هل قضاة مجلس الدولة الحريصون علي ضرورة أن يحصل كل مواطن علي حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية غير مسموح لهم بالتحاور فيما بينهم في أمر يخصهم؟!.. فمن حقهم أن يؤجلوا تعيين المرأة بقضاء مجلس الدولة لحين الاستقرار علي الكيفية التي من المفضل أن تدخل المرأة من خلالها قضاء مجلس الدولة مضيفاً: «هل تلتحق بأدني الوظائف القضائية وتتدرج في المناصب أم تلتحق بقمة الوظائف القضائية مباشرة كما حدث مع المستشارة تهاني الجبالي في الدستورية العليا؟!.. هل يتم تعيين خريجات كليات الحقوق أم تعيين أستاذة جامعية تربي جيلاً من القاضيات داخل المجلس؟!.. وما العدد المناسب المفترض أن يبدأ المجلس في تعيينه من الفتيات؟!..»، وكلها أمور يجب أن يتدارسها مستشارو مجلس الدولة قبل اتخاذ القرار، لافتا إلي أن القضاة داخل المجلس تعودوا علي نظام المداولة في جميع القرارات التي يتخذونها ولا يتخذ إلا رأي الأغلبية واستشهد المهدي بقرار المجلس الأعلي للهيئات القضائية بالسماح للمرأة بالعمل في القضاء الذي صدر عام 1998 وظل حبيس أدراج وزير العدل ولم ينفذ حتي عام 2003 عندما صدر قرار بتعيين قاضية واحدة بالمحكمة الدستورية العليا من رئيس الجمهورية، متسائلا: لماذا وقتها لم يتهم الوزير بأنه ضد المرأة؟! وانتقد المهدي انفراد المستشار محمد الحسيني باتخاذ القرار دون الالتزام بتوصية الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة وكذلك أعضاء المجلس الخاص الذين أجمعوا علي ضرورة إرجاء أمر التعيين. مؤكدا أن الدستور لم يتحدث عن اختصاصات منفردة لرئيس المجلس وإنما تحدث عن أن المجلس هيئة مستقلة يدير المجلس الخاص شئونها. وأشار المهدي إلي أن أسباب الأزمة الحالية داخل مجلس الدولة ترجع إلي عدم عرض المستشار محمد الحسيني أمر تعيين المرأة في المجلس العرض الكافي علي أعضاء الجمعية العمومية وانفراده باتخاذ القرار بمعزل عنهم. كما رفض المهدي تقدم وزير العدل بطلب تفسير من المحكمة الدستورية العليا لنصوص قانون مجلس الدولة لبيان مدي إلزامية توصية الجمعية العمومية لمستشاري المجلس قائلا: إن هذا أمر يفوق الخيال لأن المحكمة الدستورية العليا غير مختصة بهذا الشأن، خاصة أن الجمعية قررت إرجاء الفصل في أمر تعيين المرأة لمزيد من التأمل والدراسة، ومجلس الدولة هو الأقدر علي تفسير قوانينه ولا يجوز للهيئات القضائية الأخري التدخل في شئونه. وفي السياق نفسه أكد المستشار طارق البشري نائب رئيس المجلس السابق أن مجلس الدولة يدير شئونه إداريا جهتان فقط هما المجلس الخاص المكون من أقدم 7 مستشارين بالمجلس والجمعية العمومية وهاتان الجهتان قراراتهما متوافقة في الأزمة الأخيرة، ومن ثم لا صحة لما يقال عن خلاف وانقسام داخل مجلس الدولة. ورفض البشري الحديث عن انفراد المستشار محمد الحسيني بقرار تعيين المرأة قاضية بالمجلس رغم إجماع الجهتين علي إرجاء التعيين قائلا: إن هذا شأن داخلي يتعلق بمستشاري المجلس وحدهم وإنه يربأ بنفسه أن يتدخل في أي شأن داخلي يتعلق بكيان مجلس الدولة الذي يكن له كل الاحترام والتقدير، مؤكدا أن مجلس الدولة هو أكثر الهيئات القضائية في مصر انتظاما واستقرارا وتأييداً لمبدأ المساواة مشددا علي أن أحكامه دائما ما تؤكد ضرورة المساواة بين البشر في الصحة والتعليم والترقية والإدارة ويقوم علي مبادئ عدة أهمها سيادة القانون وحسن انتظام الإدارة الحكومية. مؤكدا ضرورة النظر إلي مجلس الدولة في ظل السياق العام وأن كل مشكلة تحل مع الوقت والمناقشة الجيدة.