هى دون شك انتخابات تاريخية.. انتخابات دون مبارك، الذى كان جاثما على قلوب المصريين لمدة 30 سنة بعصابته وفسادهم واستبدادهم.
انتخابات دون توريث، ذلك الذى كان يسعى إليه مبارك وعائلته وعصابته ورجال أعماله وأحمد عز..
لكنهم ورّثوا لنا السىئ.. والتجاوزات التى تحتاج منا إلى سنين عدة للتخلص منها، خصوصا مع المحاولات الكثيرة التى بذلها بقايا النظام لإجهاض الثورة، وهم الذين لم يتعلموا أبدا المكاشفة والشفافية واحترام الآخرين..
وعلى الرغم من محاولة اللجنة العليا للرئاسة بسط نفوذها وتحسين صورتها كلجنة مشرفة على الانتخابات ومحاولاتها اتخاذ قرارات وإحالة التجاوزات إلى النائب العام، وإعلانها ذلك بشكل واضح وهى تطال المرشحين محمد مرسى، وعبد المنعم أبو الفتوح، وأحمد شفيق، فإن هناك تجاوزات وإن لم تكن مثل ما جرى فى لجنة عبد المعز فى الانتخابات البرلمانية، التى شهدت جميع أنواع التجاوزات أمام اللجان من دعاية وتأثير على الناخبين، واستخدام الشعارات الدينية، فإن هناك ظاهرة كانت موجودة فى الانتخابات البرلمانية واستمرت فى انتخابات الرئاسة، وهى تكرار الأسماء فى الكشوف الانتخابية (المجمع الانتخابى)، وقد بدا ذلك مقصودا، وقد استغلت ذلك جماعة الإخوان فى الانتخابات البرلمانية، حيث إن تلك التكرارات تصل إلى الملايين، وتقدر من 8 إلى 9 ملايين اسم متكرر، وبالطبع لدى الإخوان أسماء بالكشوف كاملة، وهناك قضية بذلك الأمر أمام مجلس الدولة.
ويستطيع الإخوان استخدام تلك الكشوف وتكرار التصويت، خصوصا أن الأسماء مكررة فى لجان متقاربة وليست ببعيدة يتعذر عدم تفعيلها.
وطريقة حشد الإخوان والتأثير على البسطاء وسحب بطاقاتهم ومنحهم الرقم الانتخابى فى اللجان يؤكد سيرهم فى هذا الاتجاه.
كما أن بقايا النظام المخلوع، التى تسعى لاستعادة مصالحها، متدربة على ذلك جيدا وقدمت خدماتها لمرشح الثورة المضادة أحمد شفيق، الذى يجد رعاية كبرى من جميع رموز نظام مبارك ورجال أعماله وأموالهم التى وضعوها تحت تصرفه من أجل إنجاحه بأى طريقة. وقد بدا ذلك فى المناطق الريفية، حيث استطاع رجال المحليات المستفيدون من نظام مبارك وأحد تروس ماكينة الفساد الذين لم تتم محاسبتهم على فسادهم وإفسادهم فى المحليات والحياة السياسية من خلال الحزب الوطنى الساقط المنحلّ، وهو أمر متعمد للإبقاء على مؤسسات النظام المخلوع. وقد جاء الوقت المناسب وتم تجميع بقايا فساد الحزب الوطنى لمساندة مرشح الثورة المضادة، وهم لديهم تلك الكشوف التكرارية للأسماء ولديهم من كانوا يتعاملون معهم فى المحليات والإدارات الخدمية، كالتعليم، والصحة، والضرائب، لحشدهم للتصويت لصالح مرشح الثورة المضادة.
كما أن لديهم خبرة أمن الدولة فى استدعاء الشخصيات ومسجلى الخطر للتصويت أيضا.. وكيف لا يفعلون ذلك وقد كانوا يمارسون الفساد عينى عينك فى المحليات ولا يحاسبهم أحد مقابل أن يروجوا لفساد مبارك المخلوع وتأييد التوريث.
وقد أظهروا قدرتهم على حشد البسطاء، وهذه المرة تحت شعار الأمن والاستقرار الذى لن يستطيع أن يعيده أبدا مرشح الثورة المضادة، الذى لم يختشِ على دمه من تاريخه القريب فى إجهاض الثورة وموقعة الجمل، والذى وصل بالناس إلى رميه بالأحذية فى أثناء محاولتهم التصويت فى لجنته الانتخابية.
وهؤلاء لا يريدون الاستقرار، بل يريدون عودتهم إلى ممارسة فسادهم واستغلالهم الناس والتكسب على حساب الغلابة، وقد آذتهم الثورة كثيرا وفضحتهم وكشفتهم أمام الجميع، على الرغم من أنه لم تجرِ محاسبتهم على فسادهم وتربُّحهم من كونهم أعضاء وقيادات فى الحزب الوطنى الساقط المنحل.
فى المقابل يقوم الإخوان بحشد البسطاء للتصويت لمرشحهم الرئاسى تحت اسم الشرع، ويكذبون على الناس بالاستقرار أيضا من خلال وجودهم فى البرلمان الآن، وليكتمل بالرئاسة، فضلا عن استخدام أدوات النظام القديم فى الحشد والرشاوى وتقديم زجاجات الزيت وكيلو السكر. إنه صراع فى التجاوزات بين بقايا المخلوع ومؤسساته، ونظام الإخوان «المستجد» ومؤسساتهم أيضا، للقضاء على الثورة، على الرغم من ادّعائهم أنهم من الثورة، وسيخرجون فى ثورة جديدة إذا جاء أحد غيرهم!