لكل موسم فوائده ومزاياه ... و موسم الإنتخابات الرئاسية ...لا يشذ عن ذلك .. فهو له العديد من الفوائد والمزايا ...بعضها نكتشفه – الآن - رويداً رويداً ... وبعضها ... ستكشفه الأيام – أو السنوات القادمة - ... ومن هذه المزايا ... أن موسم الإنتخابات كشف لنا النقاب عن العديد من الشخصيات –أو بالأحرى حقيقة بعض الشخصيات – التي كنا نجهلها ؛ أو لانعرف عنها شيئاً ؛ أو كنا نعتقد أنها أصبحت في خبر ( كان) .. بحكم أن بعض هذه الشخصيات .. كانت تعيش في فترة زمنية سابقة .. قد ترتد - في بعض الأحيان - إلى قرون سابقة .. أندثرت كثير من معالمها ... ومن أبرز هذه الشخصيات مايلي :
1- شخصية ( أمير الإنتقام ): وهي شخصية رسمها ببراعة الفنان (( أنور وجدي ))... في فيلمه المسمى ( أمير الإنتقام ) .. وأعاد تشخيصها .. ( فريد شوقي ) .. في نفس القصة تحت اسم جديد هو ( أمير الدهاء ) ... ومضمون هذه الشخصية ... أنها .. عانت من الظلم ... وبالذات ظلم الأصدقاء ... الذين زجوا بها إلى غياهب السجون ... فعاد لينتقم ... بعد أن صارت لديه (سلطة المال) .. والزعم بأنه أميراً... لبلد في مخيلته ( سلطة الحكم )... وهذه الشخصية يتقمصها كثير .. في موسم الإنتخابات الرئاسية ...فتجد .. أحد المرشحين ..... يدَّعى أنه تم سجنه ... من أجل .. الوطن ... وأنه عاد ليصلح من شأن هذا الوطن ... وتنسى هذه الشخصية .. انها ...سُجِنت من أجل الدفاع عن فكر ... معين لجماعة معينة أو فصيل معين من المجتمع .. وليس دفاعاً عن الوطن ... ومن العيب أن نختصر الوطن .. في الجماعة ... فالوطن .. أعم من الجماعة .... وأبقى ... وأشمل .... والولاء للوطن ... يجب أن يعلو عن أي ولاء إلي .. أي ..جماعة أو فصيل أو حزب ... مهما إن كان .... والمهم أن ( أمير الإنتقام ) صاحبنا هذا ... عاد ... لينتقم ... من كل شئ .. ومن كل شخص ... ..طالما أنه له صلة ...بالنظام السابق ... وفي نظره .. أن ما تم بنائه في ظل النظام السابق ..هو شر كله ... ويجب التخلص منه .... لأنه ...ضد أفكاره ( الكهفية ) ... التي ... تعلمها .. من خلال ثقافة أهل الكهف ... فكل جديد ..لا يتفق مع هذه الأفكار .. يجب هدمه ... وإعادته إلى ماكان عليه ..قبل ذلك ... سواء أكان (( قبل ذلك)) هذا ... يقصد به قبل عام 1952 ...أو قبل ذلك بعدة قرون .... ويعتقد .... صاحب شخصية ( امير الإنتقام ) ... أنه دفع .. مقدماً ثمن ( كل المناصب الموجودة في هذا الوطن ) ... وهو أجدر من غيره ... في الحصول عليها ... دفع الثمن من حريته ... وحرية زملائه ... في الجماعة أو الفصيل ...الذي ينتمي إليه ...ودفعه كذلك ... من حياة زملائه ... ولذا فقد جاء الدور على الوطن لسداد الثمن ... من مناصب ووظائف في المجتمع ...
2- شخصية ( أصحاب ثقافة الكهف ) : وهذه الشخصية ... تتسم بأنها تعيش معنا في القرن ال ( 21 ) .. بجسدها ... فقط ... غير أنها ... تحمل في عقلها وفي رأسها .. أفكار قرون مضت ... وتريد أن تسحب ... المجتمع ...معها ... إلى ... هذا الزمن الذي يعيش في رأسها .. وفي أفكارها ... فهى تريد تغيير المجتمع .... وتحريكه ... ليس إلى الأمام ... وإنما ...إلى الوراء .. وهذه الشخصية ...ثقافتها ... هي ثقافة محدودة بحدود .. الجماعة التي تنتمي إليها ... ولا تفهم ولا تستوعب .. أية متغيرات حدثت على أرض الواقع ... فهي ترفض المجتمع ... ككل ... وتريد أن ...يتحول إلى المجتمع الذي تم رسمه لهذه الشخصية ... في الكهف الذي ... تلقت فيه أفكارها ومعارفها ... وهذه الشخصية ... هي نسخ .. تم استنساخها ... في الجماعة الواحدة .. اتى مهما كان عددها بالمئات ... أو الألاف ... هي – في الواقع – نسخة واحدة ...مكررة ...ونصيحتي ...لك – عزيزي القارئ - لا ترهق نفسك ... مع مثل هذه الجماعات ...إذ يكفى أن تعرف رأي أي واحد فيهم بالنسبة لأي مسألة ...كأنك عرفت رأي كافة الجماعة ...إذ أنك ستجد أجابة ... كل المنتمين .. لهذا الفصيل واحدة ... كأنها ... إسطوانة ... مسجلة ... ولا تستطيع أن .. تغير من تفكير أي شخص منضم لهذا الفصيل ....بأية وسيلة إقناع ... فالكل مقتنع بفكرة واحدة هي فكرة ... قادة هذه الجماعة .. التي عليهم التفكير .. وعلى المنتمين للجماعة أو الفصيل... تسجيل هذا التفكير .. وترديده عند اللزوم .. فقط ....لا غير ..
3- شخصية ( الطماع ): وهي شخصية ...تنم عن مثل هذا الشخص لا يكتفي .. بال ( 99 ) نعجة ... التي معه ...بل يريد أن يضم إليها ال ( نعجة ) ... رقم ( 100) ... التي توجد مع ( أخيه ) في الوطن .... وهذا أشبه بشخص ... يجلس على مائدة ... مزدخرة بكل ما لذ وطاب .... وهو لا يكتفى ... بأن ... يأكل من ( الخروف ) الذي أمامه .. بل ينظر شذراً ... ل ( جناح ) الدجاجة .. الموجود أمام ... شركائه على نفس المائدة ... وهذه هى سياسة التكويش ... التي يريدها البعض ... لأن الوطن ...لن ينصلح حاله( كما يعتقدون ) ... ولن ينهض ... إلا إذا تم تسليم .. كافة مفاتيحه ... لهذا الفصيل السياسي ..ليفعل مايشاء ... لتنفيذ الكتالوج الذي حددته الجماعة للوطن ....فتكون له كافة الصلاحيات .. حتى لو قام بتأجير .. ( قناة السويس ) مثلاً ... لدولة شقيقة ... ( يُخشى ) أن تكون مجرد ( وسيط ) .. لكيان دولى ..( من الأعداء) .... يستتر ورائها ... فهذه الشخصية ... التي ... تعتقد .. ان الوطن لن ينصلح إلا بتكويشها ...على كل الوطن .... هى شخصية ..كشفت عنها إنتخابات الرئاسة ...شخصية تريد ... أن تتحكم في كل شئ في البلاد ... بداية من قناة السويس إلى ( الصرف الصحي ) ..
4- الشخصية ( المُُبرمَجة ): وهذه الشخصية .. هي ... تم مسح كافة ( الداتا ) – أي المعلومات – التي في رأسها .. وإستبدالها... بمعلومات جديدة ... عن شخص معين ... او عن موضوع معين ... وتقوم هذه الشخصية المبرمجة .. بترديد ...هذه الأفكار والمعلومات في كل مكان ... سواء في ذلك الصحافة أو الفضائيات .. أو غيرها من وسائل الإعلام .. وأمثال هذه الشخصية ..كثيرة ...وأغلبها ...في الإعلام الموجه ....
5- شخصية الفتوة : أقصد به ... ( شخصية فتوة الحتة ) ... الفتوة .. الذي يحمي أهل الحارة أو الحي ؛ مقابل أتاوة يفرضها على أهالى المنطقة التى يحميها ؛ فالفتوة كان يحمي حقوق أهل الحارة أو الحتة .. بدراعه ... والزقلة ... والشومة ... وهي شخصية .. كنا نعتقد أنها أندثرت .. في الواقع المصري ... ولم يبق منها ... سوى ما سجله الكاتب المبدع... ( نجيب محفوظ) ... في رواياته ..وقصصه القصيرة .... وحفظها تاريخ السينما المصرية ...في سجلات أفلامه .... غير أن الإنتخابات الرئاسية ... كشفت لنا عن ... وجود هذه الشخصية .. طبعاً بشكل ... حديث ... فلاغرابة أن يكون الفتوة يعمل ... طبيباً أو محامياًًً ...أو عضوا في مجلس نيابي ... أو أستاذاً بالجامعة .. أو أي مهنة أو وظيفة أخرى ... و في نفس الوقت تجده ... يتسم بكل صفات الفتوة... فهى صفات غير مرتبطة بأية مهنة أو وظيفة أو منصب معين ... وإنما مرتبطة بتكوين الشخص نفسه وبيئته ... التي ترعرع وعاش فيها ... والفتوة الجديد .. هو شخص غاوي مشاكل ...وكمان غاوي ( شو إعلامي ) ... بدرجة فظيعة .... فاليوم الذي لا تأتي سيرته ... في الإعلام يبقى يوم أسود ومنيل عليه ... لأنه يعتقد أنه أصبح غير مهم .... في هذه الحياة ... لذلك يقوم هذه الفتوة بإعداد أجندة من المنغصات .. والمشاكل ... والتصادمات ... مع الآخرين .. حتى يظهر اسمه منوراً أو مظلماً ((مش مهم )) ....على صفحات الجرائد... والفيسبوك ... والإنترنت ... وفي برامج التوك شو ... ومن الممكن أن يُستخدَم مثل .. هذا الشخص ... كأداة في يد الآخرين .... يضربون ... به أعدائهم .. أو منافسيهم على كرسي الرئاسة ... وهم بعيدون ....وبراءة الأطفال في عينيهم ....
وهذا الفتوة تجده في البرلمان – على سبيل المثال - يقوم بتفصيل ...( القرارات ) ... التي تراها جماعة أو فصيل معين ... ويحولها من ( قرارات ) إلى....(( مشاريع قوانين)) ... وهُب تبقى ... اسمها ( قانون ) ... ثم يضرب بهذا القرار( المتنكر) في شكل ( قانون ) .. أعداء مَنْ.. أستخدموه لذلك ... ويقوم بتصعيد ... الخلاف ... والجدال حول هذا القانون ... ويشغل أجهزة الدولة ... في مناقشة كيفية تطبيق .. هذه القرارات التعسفية .. ( التى أرتدت ثوب القانون تعسفاً وإنحرافاً .. وبدون وجه حق ) ...
ويبدو (أن الفتوة ) (( البرلماني )).... أو .. أي فتوة صاحب مهنة ... يقوم بذلك ...ليس لوجه الله ...والوطن .. إنما يستهدف الربح المادي ... أو المعنوي ... فالفتوة ...لا يعمل بدون مقابل ...فيمكن أن يُقال له ...- من جانب مَنْ إستخدموه كأداة لتحقيق مآربهم – أعتبر ... وقوفك معنا ...ومجهوداتك ... المبذولة ... هى ( قضية ) ... تدافع عنها لصالح هذه الفئة أوتلك الجماعة .. أو هذا الفصيل ... أو أعتبرها ... عملية جراحية ....أو ( كتاباًً) قمت بتأليفه ...ومن حقك أن تأخذ مقابل له .. أو أتعاب .... مقابل... مجهوداتك ...ولك أن تختار .. بين أمرين : أن تأخذ أتعابك ... ( نقداً وفوراً ) .. أو تحصل عليها ... ( مستقبلاً ) في شكل منصب هنا أو هناك ... ( منصب لك أو لشخص يهمك ) ....ويتحمس الفتوة ... لمطاردة ... ضحاياه ...من مرشحي الرئاسة .. أو من غيرهم ... لصالح .. مرشح آخر ... دفع به هذا الفصيل أو دفعت به هذه الجماعة ... في طريق الرئاسة ...فيقوم الفتوة ...بعمل اللازم .. فيطارد المرشح الرئاسي في كل مكان ...صحرا كان ...أو بستان ...أو نقابة ...أو برنامج توك شو ...وهكذا يصبح هذا الفتوة ... كالعفريت ....يظهر ... للمرشح الرئاسي فيكل مكان ....
وقد يكون الفتوة ...صاحب مهنة معينة ( وخصوصا مِمَنْ هم فاشلون في مهنتهم الأصلية ...ولانسمع عن أعمال لهم متميزة في مهنتهم ...).....فيفتح باب نقابته ...أو جماعته ...أو ناديه ....لمهاجمة ... بعض مرشحي الرئاسة ...لصالح ...مرشح الجماعة ...التي ينتمي إليها... تحت ستار ( الحقوق والحريات )....رغم أن مثل هذه المؤتمرات الهجومية ...لم تتم لأي مرشح آخر ...وكأن بعض الجماعات ..أو الفصائل السياسية ...تريد أن تستولى على كرسي الرئاسة بأي طريق ... لتنفذ كتالوج ...الجماعة بأي شكل وبأية طريق ...ولو كان عن طريق إستخدام فتوات...المهن المختلفة ... ليقفوا بالمرصاد.. لهذا المرشح ....أوذاك . ...حتى يفسحوا الطريق أمام مرشحهم ..
6- شخصية الفهلوي : وهي شخصية مصرية أصيلة ... ظهرت بوضوح في إنتخابات الرئاسة ... وهي شخصية تعرف من أين تؤكل الكتف ... فيركز على المضمون ... فيذهب إلى المرشح .. المضمون ... فوزه - في نظره - ويرتفع به إلى عنان السماء ... ويقترب به .. إلى مصاف الأنبياء والخلفاء الراشدين .. والفلاسفة ... والحكماء ... فكل مايصدر عنه هو الحكمة ذاتها .. وهو – أي المرشح – هبة من السماء ... أرسلها الله سبحانه وتعالى لإنقاذ هذا الوطن ... وإعلاء كلمة الله في الأرض ... وهكذا تجد هذه الشخصية الفهلوية ... تحاول أن تحجز مكانها مبكراً في حاشية السلطان القادم ... قبل أن تُشغَل كل الوظائف المحيطة بالسلطان ... وتمتاز هذه الشخصية بمعسول الكلام ...الذي يزين للمرشح ... طريقه لكرسي الرئاسة ... ولامانع لدى مثل هذه الشخصية أن تمهد لهذا الطريق ...بتشغيل ( ماكينة ) الفتاوي ... فتجد ... للكل تصرف ...فتوى تسنده .. وتدعمه ...وتبرره ...
ويمكن أن يندس الفهلوي ...وسط الثوار ...كما يمكن أن يخدع البعض بأنه من الثوريين الأحرار ... رغم أنه كالممثل الذي يقوم في نفس الفيلم بدورين ... فتجده في الصباح مع الثوار ... وفي الليل ... مع ..الأجهزة المختصة بإبادة الثوار ... أو القضاء عليها ..
7 – الشخصية الإنتهازية : وهذه الشخصية .. تنتهز فرصة الإنتخابات الرئاسية .. لتقترب من المرشح للإستفادة من فوزه .. المحتمل .. فلعله يعطيه منصباً هنا .. أو وزيراً هناك .. او حتى سفيراً أو محافظاً ..
8- شخصية عبده مشتاق : وهذه الشخصية رسمها المبدع الأستاذ ((أحمد رجب )) رسماً متميزاً .. وقد تم تجسيدها في الواقع .. في بعض المرشحين .. الذين دخلوا لسباق الرئاسة ... لمجرد لفت النظر .. إلى وجودهم في المجتمع . لعل الرئيس القادم ... يأخذهم في إعتباره حال توليه منصبه .
9-شخصية سليط اللسان : وهي شخصية، معروفة في ..الأحياء الشعبية ...ولها هيبتها ...لأن كل من يقترب منها ....ستوجه إليه ...سهام لسانها السليط ...وكنا نعتقد إلى وقت قريب .. أنها هذه الشخصية ...في الأحياء الشعبية فقط ...لكن خاب ظننا ...ووجدناها ...بوضوح في موسم الإنتخابات الرئاسية ..
تلك هي بعد ما أمكن من رصده من شخصيات كشفت إنتخابات الرئاسة النقاب عنها ... مع مراعاة أن بعض الأشخاص لاينطبق عليهم شخصية واحدة من الشخصيات المذكورة ..بل يمكن أن يجمع بين أكثر من شخصية في وقت واحد .. فقد تجده من شخصية أهل الكهف وفي نفس الوقت شخصية الطماع .. وهكذا ... وأترك لك عزيزي القارئ .. إستنباط ..مدى إنطباق هذه الشخصيات على الوجوه التي طفت على سطح الحياة المصرية بمناسبة إنتخابات الرئاسة .
· أستاذ القانون الجنائي ورئيس قسم القانون العام - كلية الشريعة والقانون بطنطا - والمحامي أمام محكمة النقض والإدارية العليا والدستورية العليا [email protected] [email protected]