يبدو أن الجماعة الإسلامية ستدفع ثمن تأييدها للمرشح الرئاسي الدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح" في البرلمان، خصوصا بعدما اتهم عدد من أعضاء المجلس عن الجماعة الإسلامية وذراعها السياسية، حزب البناء والتنمية، جماعة الإخوان المسلمين ونوابها في مجلس الشعب بتعطيل صدور قانون العفو السياسي، الذي يصب في صالح 37 سجينا سياسيا ينتمون إلى الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، وما زالوا يقضون عقوبات مختلفة فى سجن العقرب. القانون الذي تقدم به النائبان عن حزب البناء والتنمية "عامر عبد الرحيم"، و"أشرف عجور"، منذ ما يقرب من 4 أشهر، ونال كمًا كبيرًا من التسليط الإعلامي خشية أن يكون الهدف من هذا القانون العفو عن مبارك وأعوانه، ووقتها وقفت الجماعة الإسلامية والإخوان والتيار السلفي مدافعين عن هذا القانون وتم اتخاذ خطوات جيدة في طريق صدوره، إلا أنه بين لحظة وأخرى، وتحديدا عقب إعلان الجماعة الإسلامية وحزبها دعمهما للدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح" في سباق الرئاسة تجميد كل شىء.
حالة التوتر بين الجماعة والإخوان سارت في طريق تصاعدي، ابتداء من حضور القيادي الإخواني "محمود حسين"، مندوبا عن المرشح الإخواني الدكتور "محمود مرسي"، لعرض برنامجه أمام الجماعة، بينما واجه اتهامات أعضاء الجمعية العمومية للجماعة الإسلامية عديدا من الاتهامات من قبيل أن الإخوان يرغبون في الاستحواذ على كل شىء وأنهم يتعمدون تجاهل أعضاء الهيئة البرلمانية للجماعة الإسلامية في مجلس الشعب ولا يعطونهم الحق كاملا في الحديث، رغم أنهم يمثلون رابع كتلة في البرلمان من حيث العدد.
وكان السبب الثاني في تجذر الخلاف بين الجماعتين هو اللقاء المغلق بين قيادات الجماعة الإسلامية وحزبها بالمهندس "خيرت الشاطر" في مقر الحزب، والذي خرج بدوره الأخير من الحزب غاضبا بعدما طالبوه بإقناع الإخوان بتنازلهم ل"أبو الفتوح" من أجل توحيد الصوت الإسلامي في مرشح واحد وهو ما أغضب "الشاطر"، ثم ازداد الأمر توترا عقب إعلان الجماعة رسميا دعمها ل"أبو الفتوح" مما أدى - حسب ما أكدته بعض المصادر- إلى أن الإخوان حالوا دون تمرير عدد من القوانين التي تقدم بها أعضاء الجماعة الإسلامية، وعلى رأسها قانون العفو السياسي عقابا لهم.
"أشرف عجور" - عضو مجلس الشعب عن حزب البناء والتنمية ومقدم مشروع العفو السياسي - قال إن سياق الأحداث أوضح أن «الإخوان» لا تريد إصدار هذا القانون، «إذ ما معنى أن نظل نجتمع لمدة سبع جلسات من أجل إصدار قانون من مادتين فقط؟ وماذا نفعل في القوانين ذات المواد الكثيرة؟»، مشيرا إلى أنه منذ إعلان الجماعة الإسلامية والحزب تأييدهم لأبو الفتوح وهناك «تلكيك» من قبل الإخوان في إخراج هذا القانون، خصوصا بعدما تم التصويت بأغلبية 17 مقابل 5 لم يصوتوا في الموافقة على المادة الأولى من القانون، منهم النائبة الإخوانية "هدى غنية"، «ثم فوجئنا بقيام نائب الإخوان صبحي صالح ومعه عدد من نواب الإخوان يقبلون إعادة التصويت على هذه المادة».
"عجور" أضاف : «الإخوان تعمدوا الخروج قبل انتهاء الجلسة حتى لا يكتمل النصاب القانوني في التصويت، وذهبنا إليهم من أجل العودة إلى الجلسة فرفضوا»، مؤكدا أن الدكتور "محمد الصغير" - رئيس الكتلة البرلمانية لحزب البناء والتنمية - سمع بنفسه أحد الأعضاء يقول لآخر: «يلا نمشي علشان النصاب القانوني»، وهذا أكبر دليل على أنهم لا يريدون تمرير قانون العفو السياسي، خصوصا أنه لا يوجد لديهم أي مسجون سياسي، ولو كان لديهم مسجون واحد فقط لأسرعوا في إصدار القانون.
ونشبت أزمة حادة داخل اللجنة التشريعية أول من أمس بسبب خلاف بين نائبىي حزب البناء والتنمية "أشرف عجور" و"عامر عبد الرحيم" من جانب، وعدد من نواب الحرية والعدالة من جانب آخر، بسبب مناقشة مشروع القانون، بعد اتهام "عجور" و"عبد الرحيم" حزب الحرية والعدالة ومرشحه الرئاسي الدكتور "محمد مرسي" بتعمد تعطيل إصدار القانون الذي بمقتضاه سيتم العفو عن 37 معتقلا سياسيا.
بدأ الخلاف بسبب إعادة المداولة على المادة الأولى من مشروع القانون المقدَّم من النائب "عامر عبد الرحيم"، التي كانت اللجنة قد وافقت على نصها أول من أمس. والمادة تنص على «يُعفَي عفوا شاملا عن الجنايات والجُنح والشروع فيهما التي ارتُكبت بالمخالفة للمواد 86 مكرر و86 مكرر (أ) و87 و98 (أ) مكرر من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها ارتباطا، لا يقبل التجزئة، وذلك في الفترة من 1976 حتى 11-2-2011».
نواب «البناء والتنمية» اتهموا نواب «الحرية والعدالة» بتعمد الانصراف من الاجتماع حتى لا يكتمل النصاب القانوني، وعدم التصويت على القانون الذي يقضى بالإفراج عن 37 من حَفظة القرآن الكريم سُجنوا ظلما وزورًا، وفق تعبيرهم. وقال "عجور" بصوت عالٍ : «حسبى الله ونعم الوكيل في محمد مرسي وحزب الحرية والعدالة»، كما كرر "عبد الرحيم" نفس الكلام، إلا أن عددا من نواب «الحرية والعدالة» رفضوا اتهامات النائبين، وقالوا «ما دخل الدكتور محمد مرسي في الموضوع؟» مؤكدين ضرورة الالتزام بمبادئ الحوار، فرد عبد الرحيم : «من يتصدى لهذا المشروع سأختصمه أمام الله، وسأستقيل من المجلس إذا لم تتحقق مطالب الثورة، فبأي ذنب حُبس هؤلاء الموجودون في السجون».