قد تبدو فكرة ساذجة لكنها فاصلة، فالمرشح يظهر من شكل مؤيديه، ومن أفعالهم، ورؤيتهم، وعلمهم، وعملهم، ومن طريقة دفاعهم عنه، وحبهم له، وإيمانهم بأفكاره، علاوة على الطريقة التى يتعاملون بها مع المختلفين معهم من أنصار بقية المرشحين.
هذه تعد بمثابة خطوة أولى ومركزية ومفصلية فى اختيار الرئيس القادم، فلا بد قبل اختيار الرئيس أن تعرف مَن أنصاره الذين يقفون إلى جواره ويدافعون عنه، هل هم كذابو الزفة، ووعاظ السلاطين، وكتبة الرؤساء الذين ينافقون كل رئيس ويلعنون كل مخلوع؟! أم أنهم من المخلصين الذين لا يقولون إلا ما يرضى ضمائرهم ولا يسعون لتصدر الصفوف، واحتلال الصدارة، ويقولون كلمة الحق لوجه الله، وليس لوجه الحاكم، ولا يخدعون الناس باسم الدين.
فارق كبير بين أن تكون مع هؤلاء أو بين هؤلاء، فكذابو الزفة سيماهم فى وجوههم.
يهتفون من الحنجرة، ويرددون محفوظات، ويتحرشون بالشرفاء، وإما تجدهم أغنياء يصلون إلى حد الثراء، وإما تجدهم سماسرة يلعبون دور الفقراء فلا توسُّط بينهم، تعرفهم أينما كانوا سواء أكانوا يهتفون أمام المحاكم أو فى الشوارع، وأنهم بمجرد أن يتعذر من يدفع المال أو يغيب صاحب السلطان لن نجد أحدا منهم واقفا فى مكانه.
فهؤلاء هتيفة أزهى عصور الاستبداد الذين يهتفون لمن يدفع الثمن، ويحوّلون الدفة لمن يدفع أكثر، فقبل الثورة كانوا أبناء الحزب الوطنى وبعدها صاروا أبناء مبارك، واليوم هم أبناء «شفيق»، ويظنون أن مرشحهم يملك «عصا موسى»، وأنه سيعيد أزهى عصور الاستقرار فى اليوم الأول لحكمه بفضل حكمته.
إنهم صناع الطغاة، الذين يعتبرون أن مرشحهم هو مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ البشرية، ويظنون أنه المخلِّص الأعظم.
لذلك لن أختار مرشحا للرئاسة يؤمن أنصاره أنه لا يُسأل عما يفعل، لكنى سأختار من يحبه أنصاره ويحترمونه، لكنهم فى الوقت ذاته عندما يخطئ يعاتبوه، ويصوبوا له، ولا يغيبون عن الوعى أمامه، ولا يصيبهم العَمَى عندما يرون تناقضاته.
فلا يجوز فى أول انتخابات رئاسية حقيقية فى تاريخ مصر أن نذهب لانتخاب طاغية جديد يظن أنصاره أن السماء قد أرسلته إلينا ليخلصنا مما نحن فيه، وأنه حكيم، عظيم، مُلهَم، مُنزّه، مُنزل، مستجاب الدعوة، وغيره فاسدون، ومفسدون وحاقدون وناقمون ومغرضون، وسحرة فرعون!