وظائف خالية.. مطلوب محاسبين ومهندسين وعمال إنتاج وأفراد أمن    وزيرا الأوقاف والعمل يضعان حجر الأساس لمسجد جديد ويعلنان مشروعات تطوير برأس غارب    التقديم للصف الأول الثانوي 2025.. رابط التسجيل والأوراق المطلوبة    بتكلفة 850 مليون جنيه.. افتتاح وصلة قطار بلقاس - المنصورة بالدقهلية    توجيه عاجل من الرئيس السيسي بشأن ضحايا حادث المنوفية    سعر الفضة اليوم السبت 28 يونيو 2025| ارتفاع جديد.. وهذا سعر الإيطالي    على مدار عام.. تنفيذ مشروعات استثمارية لتطوير ورفع كفاءة خطوط الإنتاج فى عدد من شركات الإنتاج الحربى.. والمشاركة فى تنفيذ المشروعات القومية والتنموية بالدولة وبمشاركة القطاع الخاص    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    تنسيقية شباب الأحزاب تنعى ضحايا حادث الطريق الدائري الإقليمي بالمنوفية    تحديد موعد الكشف الطبي ل ثيو هيرنانديز في الهلال السعودي    وكيل السلام الأممى يرفض انتهاك إسرائيل بالتواجد فى المنطقة العازلة مع سوريا    الافتتاح التجريبى لاستاد النادى المصرى الجديد فى عيد بورسعيد القومى.. تفاصيل    موعد مباراة بالميراس ضد بوتافوجو في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    أيامه أصبحت معدودة.. تفاصيل العروض الخارجية لضم وسام أبو علي من الأهلي    قبل بيعها في السوق السوداء.. ضبط 6 أطنان أسمدة زراعية مدعمة داخل مخزن بالشرقية    رئيس المنطقة الأزهرية يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية ويطمئن على دعم الطلاب    غلق وتشميع 35 محلا وكافيه غير مرخص فى أسوان    طقس شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا اليوم السبت 28 يونيو 2025 بكفر الشيخ    «الهلال الأحمر»: دراسة حالات أسر ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية لتقديم الدعم اللازم    خلال أسبوع.. تحرير أكثر من 330 محضر مخالفات تموينية بمحافظة بني سويف    توثيق تراث فرقة رضا.. خطوة لحماية الهوية الفنية المصرية    فى ذكرى ميلاده.. أبرز مؤلفات عباس العقاد    الليلة شيرين عبد الوهاب وماجدة الرومي وطوطو نجوم حفلات ختام موازين    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    محاضرات وجولات توعية خلال حملة التبرع بالدم في المنيا    محافظ الشرقية يفاجئ مستشفى بلبيس المركزى ويحيل عددا من العاملين للتحقيق    عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    وزير التعليم العالي يتفقد المشروعات الطبية والتعليمية في جامعة دمياط    نجم مانشستر سيتي يكشف خطة بيب جوارديولا للفوز على يوفنتوس    مدرب بالميراس: لن نُغيّر أسلوبنا أمام بوتافوجو وسنسعى لإيقافهم    "زيلينسكي" يعيد تشكيل هيئة أركان الجيش ويعين قائدا جديدا للقوات المشتركة    وزير التعليم العالي ومحافظ دمياط ورئيس جامعة دمياط يفتتحون ويتفقدون عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة دمياط    منظمة أكشن إيد: مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى فخ مميت لأهالي غزة    نقل حي ومُباشر لمبارايات الأدوار الإقصائية لكأس العالم للأندية من أمريكا حصريًا على شاشة MBC مصر2    تحذيرات من عواصف وأمطار رعدية في الصين    تحرير 144 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    مصدر فلسطيني مسئول لسكاي نيوز عربية: حماس تضع 4 شروط لقبول صفقة التبادل    رونالدو: لسنا سعداء ولكنني أؤمن بمشروع النصر    "بصورة مع الأهلي".. زيزو يوجه رسالة لعبد الشافي بعد اعتزاله الكرة بقميص الزمالك    نقيب المحامين ينعي ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    12 أكتوبر.. روبي تحيي حفلا في فرنسا    تحت رعاية وزير الثقافة.. انطلاق التحضيرات لمهرجان أكاديمية الفنون للعرائس    محافظ أسيوط يتفقد المنطقة التكنولوجية وواحة سيليكون بأسيوط الجديدة    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    عاجل| الحكومة تقرر صرف 1500 جنيه لهؤلاء المواطنين بعد شهريين: شوف لتكون منهم    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا    ضحى همام.. رحلت قبل أن تفرح بنجاحها في الإعدادية    تعليم المنوفية: إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية اليوم عقب اعتمادها من المحافظ    الإسماعيلية تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم (صور)    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب: الآن نتكلم..!

بداية.. نحن نعيش أيام الكلام ! الكل يتكلم ويتناقش وتعلو أصوات وتخفت أخرى، وأصبحت مصر بعد ثورتها كأنها شجرةٌ عملاقة تعج بأعشاش العصافير التي بدأت شقشقتها معا لحظة شروق الشمس، فلا تستطيع تمييز صوت عصفور عن آخر، ولا أن تقدّر أعداد العصافير المشقشقة ! وازدحمت قنوات الإعلام بكل ألوان وأطياف المتحدثين؛ والجميع يتحدثون في موضوع واحد؛ الثورة وما استتبعها من موضوعات أخرى كمحاكمة مبارك، والإخوان في البرلمان، والسلفيين وكتابة الدستور وانتخابات الرئاسة، وتراخي الأمن ووعود المجلس العسكري، وأزمات البوتاجاز والبنزين والسولار، والبلطجية والتحرير ومحمد محمود ومجلس الوزراء والآن العباسية، والشهداء والمصابين، والإضرابات والاعتصامات... ثم انتخابات الرئاسة وتهريب الأمريكان المتهمين قبل محاكمتهم، ووو... كأن المصريين دخلوا طوال ثمانية وخمسين عاما في غيبوبة كالموت، أفاقوا منها بعد الثورة فوجدوا أنفسهم محرومين من الكلام مشتاقين إليه، أو كانوا (في جَرة فطِلعوا برة) ! آه.. نسيت أن أذكر أن هناك نوع من المتحدثين، هم من كانوا يتحدثون أيام مبارك، وكانت تُفرد لهم الصفحات في الصحف القومية والبرامج على القنوات الفضائية، ولا زالوا بعد الثورة يتحدثون، منهم من لا زال يلهج لسانه ذات اللغة وذات الكلمات وذات الهمزات واللمزات، في ذات الجرائد والمجلات والقنوات، ومنهم من تلوّن بلون الثورة وتحدث باسمها.

وسهرة واحدة أمام التلفزيون، تنقر أزرار الريموت كونترول، وتتنقل بين البرامج الحوارية ونشرات الأخبار؛ كفيلةٌ أن تظهر لك كيف كنا في غيبوبة من الصمت الثقيل دامت عقودا من الزمن، وضاعت فيها أحلى أيام شبابنا، لكننا الآن سنتكلم.. إن لم تخرج بهذا الإحساس هذه الأيام؛ راجع نفسك واسترجع أيام حياتك عبر ثلاثين الأعوام الماضية، فإن كنت مثلي مولودا أول الستينيات؛ فقد قاربت على الخمسين، وعاصرت عبد الناصر والسادات ومبارك، وبدأت حياتك العملية في عهد الأخير، منتصف الثمانينيات؛ إن كنت كذلك؛ فقطعا تملكتك عبر السنين مشاعر القرف من مرآى الفساد والمفسدين يرتعون ويبرطعون في كل ركن من مصر، وماذا فعلت ؟ سكتّ.. وكنت مثلي خائفا على نفسك وعلى أسرتك وعلى أبنائك وعلى مستقبل حياتك، فسكتنا..

أمام أعيننا تدهورت أحوال كل شئ؛ الأداء والإدارة والمرتبات، وقيمة الجنيه، ومكانتنا ومكانة بلدنا في العالم، والعلاقات بين الناس، والحب والتراحم والأخلاق، وعلت قيمة الكذب والنفاق، والرقاعة والانحلال.. وسكتنا.

والإنسان تهاوت قيمته حتى أصبح بلا ثمن، غرقت العبارات بآلاف العائدين من الضنى وشقاء العمل في الخليج؛ وهرب صاحبها بأمواله وموالاته وموالسة أصدقائه من الحكام.. وسكتنا.

انقلبت القطارات واحترقت وقُتل المئات في حرائقها وتحت عجلاتها، وتصدرت مصر قائمة دول العالم في عدد ضحايا حوادث الطرق، وسادت الفوضى في الشوارع.. وسكتنا.

تدهورت أحوال التعليم على كل مستوياته، حتى احترقنا بنار الدروس الخصوصية والتعليم الخاص، وتعدت نسبة الأمية الحدود الخطرة، والمدارس والجامعات الخاصة أصبحت مجرد مشروعات استثمارية، تدر على أصحابها الأرباح الخيالية، ولا تخرج إلا الجهلاء.. وماذا فعلنا ؟ سكتنا..

وانهارت الثقافة، من حيث كونها عادات الناس المكتسبة، وطريقة تعاملهم مع بعضهم ومع مجتمعهم، وصلت بنا إلى حضيض النكات الجنسية والمسرحيات والتمثيليات والأفلام المنحطة، وأصبح الفاشل الهارب من التجنيد نجما، وتمنى الأطفال أن يصبحوا لاعبي كرة أو مغنين أو ممثلين.. وسكتنا.

أصبح الناس يشتمون أمهات وآباء بعض، ويسبون أديان بعض، ويتمنى المالك موت المستأجر، والفقير يرجو فقر الغني، وساد الحقد والحسد والظلم، ولا يحترم أحد أحداً.. وسكتنا.

أضحت الرشوة المفضوحة أسلوب حياة، والمحسوبية وتعيين أهل الثقة، والولاء لأهل الحكم والسلطة، والواسطة أصبحت ثقافات متمكنة، وأهين المواطن المصري حيث كان وحيثما توجه.. وسكتنا.

بيعت أصول بلادنا وممتلكاتنا وأراضينا ومصانعنا لأبناء (عُرسٍ)، ونهبت الأموال وحوّلت إلى سويسرا والشرق الأقصى مليارات ومليارات.. وسكتنا.
قُتل أبناؤنا، وسُجن زهرة شبابنا بعشرات الآلاف، واغتُصبت الفتيات والأمهات في أقسام الشرطة، وأصبحت مكافحة الإرهاب عندنا هي مكافحة كل ذي لحية، وإسكات صوت كل ذي دين.. وسكتنا.

نهب الوزراء والكبراء وسدنة العرش وكهنة السلطة الأراضي والضِياع، وعمّروا القصور ومنتجعات الجولف، وأذلونا وعايرونا بكثرتنا وبما يطعموننا به، و(أجيب لكم منين).. وسكتنا.

نما الخوف في قلوبنا كنبت شيطاني اخترقت جذوره أعمارنا، وزرعناه زرعا في أبنائنا.. فسكتوا وسكتنا.

أبعد هذا كله نتعجب من كثرة الكلام بعد الثورة ؟ كل ما أرجوه ألا يطول أمد مرحلة الكلام، لأن أعداء ثورتنا لا يتكلمون؛ بل يعملون على إفساد فرحتنا بثورتنا، فإن استمرت حالة الكلام لدينا دون عمل؛ فقد حققوا مرادهم، أما إن بدأنا في العمل؛ واحنا بنتكلم برضه ! فسنصبح - إن شاء الله - قادرين على هزيمتهم وإسكاتهم إلى الأبد.. واسلمي يا مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.