تماما مثلما يصعب تحديد تعريف واضح لمفاهيم على شاكلة «المرجعية الإسلامية» أو «الهوية الحضارية» التي تتصدر «برنامج النهضة» الذي طرحه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، برنامجا انتخابيا لمرشحهم في سباق الرئاسة "محمد مرسي"، سيصعب أيضا الوقوف على طريقة أو خطة واضحة للوفاء بمعظم الوعود الواردة في الجانب الاقتصادي من البرنامج، خصوصا أن الأمور الاقتصادية احتلت جزءا موجزا للغاية في البرنامج حمل عنوان «التحول للاقتصاد التنموي». البرنامج الاقتصادي لمرشح الإخوان يتضمن على سبيل المثال نصًّا يتحدث عن «التحول السريع والشامل، من اقتصاد ريعي، إلى اقتصاد قيمة مضافة، في إطار مجتمع المعرفة والإنتاج»، ما بدا "مرسي" سيحققه مثلا، عبر «مئة مشروع قومي (يفوق كل منها المليار دولار)، يضمن مضاعفة الناتج المحلى الإجمالي في خمس سنوات، بمتوسط معدل نمو سنوي بين 6.5% و7%»، لكن من دون أي إشارة إلى كيفية إيجاد التمويل الخاص بتلك المشروعات من الأصل، بل لم يشر البرنامج الإخواني من قريب أو بعيد، إلى مصادر توفير المئة مليار دولار التي تحدث عنها.
في الاتجاه ذاته يتحدث البرنامج عن «إصلاح النظام المصرفي، بما يضمن قيامه بدوره الأساسي، في دعم الاقتصاد الوطني، على مختلف مستوياته، مع توفير أدوات مالية ملائمة لأنماط التنمية، وبما يحقق مشاركة فاعلة للقطاع المصرفي في خطط التنمية والتركيز على الأولويات العامة»، ولكن أيضا من دون الإشارة إلى مدى إمكانية اعتماد ذلك الإصلاح المنشود على النظام الإسلامي في البنوك من عدمه، ولا إذا ما كان الإصلاح يحتِّم المضى قُدمًا فى البرنامج الذى كانت حكومات الحزب الوطني المنحل، قد شرعت فيه، عبر خصخصة البنوك العامة، تحت شعار «إصلاح النظام المصرفي هو الآخر»، مما كان محل ثناء صندوق النقد الدولي، في ما عُرف بتقرير «مشاورات المادة الرابعة» الصادر فى عام 2010، عقب بيع بنك «الإسكندرية» بنك «ساو باولو» الإيطالي.
بخلاف ذلك، يتضمن الجانب الاقتصادي، في برنامج النهضة لمرشح الإخوان الوعد التقليدي بدعم المشروعات الصغيرة، حيث ثم تناول كل التفاصيل في ذلك الشأن، وأيضا دون أدنى ذكر لمصير الصندوق الاجتماعي للتنمية بصورته الحالية، رغم أن البرنامج تطرق فعليا لما يقع ضمن مهام الصندوق في الوقت الراهن، كما تناول أيضا مهام الهيئة العامة للاستثمار، فنص مثلا على «تقديم الدعم الفني اللازم لانتقاء وتطوير المشاريع وإداراتها.. وتوفير برنامج تدريب وتأهيل للكوادر الإدارية والتقنية المطلوبة.. وتوفير الدراسات والأدوات المالية اللازمة والملائمة لحجم هذه المشروعات.. وتوفير الفرص التسويقية والمعارض الدائمة».
اللافت أن برنامج "مرسي"، خلا من أي برنامج اجتماعي، ويبدو أنه اكتفى بجزء جاء بعنوان «التنمية البشرية الشاملة»، اندرج تحته عنوان آخر عريض من قبيل «هيكلة منظومة عدالة اجتماعية شاملة، تعطي فرصا متساوية لمختلف الطبقات الاجتماعية، في السكن والتعلم والعمل والعلاج ومباشرة الحقوق السياسية، من دون التطرق إلى شكل وحجم الدعم مثلا في الموازنة العامة».
على جانب آخر، أصدرت الجماعة وحزبها بيانا منذ قليل على صفحتها من خلال موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" بتعليق الحملة الانتخابية ل"مرسي"والتى تضمنت " نظراً لما تمر به البلاد من أحداث مؤسفة وقعت اليوم أمام مبنى وزارة الدفا ع بالعباسية والتي أدت الى مقتل وإصابة العشرات من أبناء شعبنا الكريم وتضامناً منا مع هذا المصاب الجلل فقد قرر الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة تعليق الحملة الانتخابية للدكتور محمد مرسي وتأجيل كافة المؤتمرات المقررة بسوهاج ومنها المؤتمر الصباحي للدكتور محمد مرسي والمؤتمر الجماهيري مساء اليوم الخميس وكذلك المؤتمرات الأخرى التي كان من المقرر أن تتم اليوم.