تتعقد وتتشابك خريطة مصر السياسية يوما بعد الآخر، فبين قوى إخوانية تبحث عن الهيمنة والسيطرة والغلبة علي الدستور والرئاسة والبرلمان، وبين قوى سلفية و«حازمية» تختزل الشريعة الإسلامية وتطبيقها في شخص الشيخ حازم أبو إسماعيل وترفض مجرد الحوار على جنسية والدته الأمريكية، وترى فيما حدث مؤامرة كونية هدفها الإطاحة بالشيخ وبشرع الله ورفضا لتطبيقه، وبين مجموعة قليلة من شباب الثورة كانت صاحبة الرؤية الأصدق في التعبير عن مطالب هذه الثورة ومطالب الوطن بالكامل، دفعت في سبيل ذلك الدماء التي سالت في شارعي محمد محمود ومجلس الوزراء، وشارع منصور وقدمت في سبيل ذلك عشرات المعتقلين في المحاكم العسكرية وربما في المحاكم المدنية أيضا، وبين هؤلاء وأولئك يقف المواطن المصري البسيط يبحث عن لقمة العيش ويسأل الجميع وماذا عن الفقراء ؟!! هكذا يلخص ميدان التحرير الخريطة السياسية لمصر بالكامل حيث احتشد شباب جماعة الإخوان وجمهورها من مختلف المحافظات ليؤكد التزامهم بقرار الجماعة ويؤكد على مبدأ السمع للشاطر والطاعة لصاحبه مرسي بعد خروجه، وللبحث عن مكاسب سياسية على رأسها تعديل المادة 28 التي تذكروا الآن أنها تفتح الباب لتزوير الانتخابات الرئاسية ناسين أو متناسين أن زميلهم صبحي صالح كان مشاركا في صياغة هذه المادة من البداية. بينما ذهب شباب التيار السلفي للهتاف بتطبيق الشريعة الإسلامية، وأنه يصر على خوض الشيخ حازم الانتخابات بالمخالفة للقانون والدستور الذي شاركوا للحشد في الموافقة عليه وأكدوا للمصريين وقتها أن من يقول نعم للتعديلات الدستورية سيكون مصيره الجنة، وكذلك يؤكدون أيضا عليى رفضهم للصلاحيات الإلهية المطلقة للجنة الرئاسة وهي أيضا التي شاركوا في الموافقة عليها دون أن يلتفتوا إلى ان هذا قد يأتي عليهم في النهاية. القوى الثورية وقفت كعادتها مدافعة عن الثورة بمبادئها وأهدافها ومؤكدة على رفضها استمرار المجلس العسكري في السلطة ليوم واحد بعد موعد تسليم السلطة الذي يرون أنهم دفعوا فيه ثمنا كبيرا من دماء إخوانهم، وكما أنهم يؤكدون أيضا على ضرورة تعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري التي قد تسمح بتزوير الانتخابات الرئاسية، إلا أنهم أيضا أكدوا على ضرورة تعديل المادة 60 التي تعطي للإخوان والسلفيين حق السيطرة على الجمعية التأسيسية للدستور، والتي كانت احدى الخطايا التي قام بها المجلس العسكري.