لا أعتقد أن أحد من المُتابعين أو المُهتمين بالشأن السياسي المصري قد ساوره أي إحساس بالدهشة أو الأستنكار لتصريح مُرشد الأخوان المسلمين في رسالته الأسبوعية الأخيرة عن فقه الأولويات.. و أن الأختلاف الدائر حول أختيارات اللجنة التأسيسية لوضع الدستور هو إختلاف في غير محله ..و الأولى الألتفات إلى ما هو أدعى و أهم فيما يخص مستقبل مصر و المصريين . إلى هنا أنتهى مضمون حديث مرشد الأخوان .. والحقيقة أن إرتداء الأخوان للأقنعة و تبدليهم لها يتم في إنسيابية سلسلة و تلقائية مدهشة ..للدرجة التي تجعل جموع عديدة تصدقهم و تمشي ورائهم أي ما كان الأتجاه .. حتى و أن بدا في تناقض حاد مع أتجاه سابق للأخوان روجوا له و دافعوا عنه .. فالسيد مرشد الجماعة نسى أو تناسى أن فقه الأولويات كان يحتم عدم الغدر بالثورة و ترك الثوار وحدهم في الميدان يواجهون تأمر العسكر و مكر رجال نظام مبارك الحاكم إلى الآن وجهل و سذاجة السذج و المغيبين ..
فقه الأولويات كان يقول أن الدستور أولاً كان أختياراً حتمياً لكل القوى التي تريد مصلحة مصر قبل مصالح أنتمائتها الخاصة.. فقه الأولويات كان يقول عدم التحالف مع العسكر وهم يمارسون التنكيل بالمصريين بالشارع قتلا و سحلا و ينتهكون أعراضهم على روؤس الأشهاد.. فقه الأولويات كان يقول عدم ترسيخ الطائفية بأستخدام الدين لتمرير التوجهات السياسية وعدم نشر الأكاذيب و المغالطات و هو ما جسده الأخوان في أستفتاء 19 مارس 2011 ثم في الأنتخابات البرلمانية بمراحلها.. فقه الأولويات كان يقول أنه لابد من التوحد و التكامل لا الأنقياد لشهوة السلطة و بريق الحكم .. فقه الأولويات كان يقول مشاركة فعالة لا مشاركة فقط لفظية تمحوها مغالبة واقعية نشهدها من الأخوان.. فقه الأولويات كان يقول أن هذا دستور مصر و ليس دستور الأخوان أو التيارات المتحالفة معهم ليتحكموا هم فقط في وضعه.. حضرة المرشد جماعتك أول من تخطى الأولويات و وضع فقه المصلحة الخاصة بكم قبل مصلحة وطن بأسره ..
أتذكر دعايتكم في حث الناس على قبول التعديلات الدستورية و تشهيركم بكافة قوى الثورة الغير خاضعة للعسكر على مدار ما يزيد عن عام .. و سحرة فرعون هل هذه هي ما لديكم من أولويات .. تختلفون مع العسكر الأن فتريدون الخلاف معهم أن يتحول لفقه أوليات للجميع و الواقع أنه لا أنتم و لا العسكر تصلحون للتحالف فكلاكما لا عهد لكما و لأ أمان .. أن كل تجاوزات العسكر في حق الثورة و تأمرهم عليها أنتم شركاء فيه و بنفس القدر أن لم يكن يزيد.. فالمتوقع من جنرالات مبارك هو ما أتو به ولازالوا .. و لكن الجميع كان يأمل فيكم و بكم خيراً حتى و ان كانت النتائج الانتخابية اسفرت عن نفس ما اسفرت عنه الان فقط كانت البيئه السياسية ستكون اكثر صلاحاً مع دستور يحدد أطر سلطات الدولة و يمنع ظهور ديكتاتور جديد يحمي نظام فاسد مستنسخ ..و مُحاسبة صادقة حقيقية مُنجزة لكل من اجرم و افسد في حق مصر وطناً و شعب .. و لكنكم نظرتكم فقط تحت اقدامكم و تحولت مصر فى اعينكم من وطن لمجرد مرآة لا ترون فيها إلا انفسكم فساهمتم بأنانيتكم و نصيبكم الوافر من الانتهازية في الحد من نتائج ثورة لو كانت اكتملت تغير وجه مصر بالمرة و لعاش شعبها واقعا مُغايراً عن هذا الواقع الحافل بالفوضى و التأمر و الفساد و لكن انتم من خسرتم و الثورة ستستمر مهما كانت المعوقعات ولن تهدر قلوب عشق مصر دون غرض و احبت شعبها دون انتقاء اي فرصة لاخراج الاحلام لها من حيز الخيال الي واقع يحياه شعبها و ينعم به .. دعك ايها المرشد من المزيد من التغني بالشعارات فقد ولى وقتها و سقطت عن الجميع كل الاقنعة