محمد نور الدين ما أصعب أن ترى حلمك وهو يضيع بيد بعض من أبناء وطنك وإن كان الإنتماء لهذا الوطن شرف لا يستحقه أمثال هؤلاء الذين يبذلون الغالى والنفيس من أجل إجهاض الثورة وكأن مصلحة الوطن وأبنائه لا قيمة لها فلا هم لهؤلاء إلا مصلحتهم العليا هذا هو ما ينطق به لسان حال المواطن المصرى فيما يراه ويسمعه اليوم من هؤلاء . فبعدما كان يرى آماله وهى فى سبيلها للتحقق وأهم هذه الآمال كان ولا يزال على رأس قائمة مطالب الثورة هى سحق ذلك النظام الذى لم يسقط بعد وإلقائه فى مزابل التاريخ لكن تحولت تلك الآمال إلى آلام وأوجاع وفى الوقت الذى كان المواطن يظن أن هناك فجر جديد سيشرق فى سماء الوطن محمّلاً بنسائم الحرية فإكتشف أنه ما زال يحيا فى عفن نظام ذلك المخلوع وأن الوضع كما هو عليه بل أصبح أسوأ مما كان وعلى المتضرر أن يغترف بيديه ويشرب من ماء البحر كما يحب و يشتهى . وما يثير الدهشة والعجب فى آن واحد أنك ترى من كان فى يوماً من مؤيدى هذه الثورة ومن المدافعين بل وكان على إستعداد أن يبذل روحه فى سبيل نجاحها فإذا به ينقلب وينقم عليها اليوم وهذا ليس له إلا أحد الأسباب الأتية : أولاً : تسّرب روح اليأس للمواطن المصرى من إحداث أى تغيير ملموس فى الأوضاع الراهنة التى يعيش فيها حتى البرلمان الذى كان يأمل أن يكون برلماناً يعبرعنه ويكن بحق برلمان ثورة وليس برلمان ما بعد الثورة وهذا ليس حكماً متعجلاً على أداء البرلمان ولكن كما تقول الحكمة الصوفية من أشرقت بدايته أشرقت نهايته وإلى الآن لم يرى المواطن أى بداية مبشرة أو مشرقة لهذا البرلمان فما زال الأداء كما هو تحت قبة البرلمان فلم تتغير إلا الوجوه والأسماء فقط . ثانياً: الحملة الإعلامية الضخمة والمضللة التى يقودها المرتزقة والمنتفعين وحملة المباخر لتشويه الثورة والثوار حتى ينقلب المواطن على الثورة ويكرهها وهو ما بدأ يحدث مع كثير من المواطنين فما يسمعه المواطن كل يوم من إدعائات باطلة بأن الثورة كانت هى السبب فى توقف عجلة الإنتاج وأنها المسئولة عن إنتشار الفوضى وعن خسائر قطاع السياحة وغيرها وغيرها من الإدعائات والتهم الزائفة والكاذبة التى تلقى مراراً وتكراراً وبشكل يومى مكثف على مسمع ومرآى المواطن المصرى مما جعله يبغض الثورة وينقلب عليها . ثالثاً : تشتت وتفتت القوى الثورية ومحاولة كل فصيل فى أن يحصد أكبر قدر من المكاسب الممكنة و أستئثار كل فصيل برأيه وعدم توحد وجهات النظر والهدف فى مطالب الثورة الأساسية مما كان سبباً فى فت عُضد الثورة وفقدانها لكثير من قوتها وبالطبع هذا كان له أثراً عكسياً و مردوداً سلبياً على المواطن المصرى . رابعاً : تعمد إدخال الشعب فى متاهات لا تنتهى حتى يصاب المواطن بحالة مزدوجة من الإحباط والتخبط فى وقت واحد مما يجعله ينقم على الثورة والثوار وذلك بداية من غزوة الصناديق والإعلان الدستورى مروراً بإنتخابات غير عادلة ومجلس إستشارى إلى أن وصلنا إلى كلمة رئيس توافقى وكأن المواطن أصبح لا رأى ولا قيمة له فالمهم هو توافق القوى السياسية ورضائها تلك القوى التى تتربع الآن على عرش السلطة والتى لولا الثورة ما وجدت وعرفت فى يوم من الأيام إلى هذا العرش سبيلاً . خامساً : تعمد إحداث الفوضى والبلبة تحت شعار أنا أو الفوضى وتقاعس الداخلية عن الإمساك ببلطجية النظام السابق الذى كان يطلقه حيثما ووقتما شاء مما أفقد المواطن إحساسه بأى نوع من أنواع الآمان على نفسه وأبنائه وعرضه وماله وهذا بالطبع يعد من أهم الأسباب التى تجعل المواطن ناقماً على الثورة وعلى أبنائها . سؤال بسيط : لماذا لم نرى بلطجى واحد أو نسمع عن حادثة واحدة وقعت حينما كانت تجرى الإنتخابات ؟؟ّّّّّّّّّّ!! سادساً : إطلاق فزاعة التدهور الإقتصادى ونزيف الإحتياطى النقدى وتوقف عجلة الإنتاج فبالنسبة للتدهور الإقتصادى فقد أشارت المؤشرات إلى زيادة حجم صادرتنا بعد الثورة عن قبلها مع زيادة التدفقات النقدية من المصريين من الخارج إلى جانب زيادة دخل قناة السويس وهذا هو ما أعلنته الحكومة وبالنسبة لنزيف الإحتياطى فلم تقم الحكومة المصرية بأى خطوة جادة لإستعادة أموالنا المنهوبة والمكدسة فى الخارج أو الداخل فمصر لها من المليارات الكثيرة لدى البنك المركزى والتى كانت تحت تصرف المخلوع ولم تضع الحكومة يدها على تلك الأموال حتى الآن أما عجلة الإنتاج والتى هى متوقفة من سنوات طوال فليقل لنا أحد ما الشيئ الذى كنا ننتجه وتوقفنا عن إنتاجه من جراء الثورة فهل نسى هؤلاء أن عجلة إنتاجنا صناعة صينية من قبل الثورة وحتى الآن . لهذه الأسباب كانت نقمة بعض المواطنين أمراً طبيعياً فهذا هو المخطط لتركيع ثورتنا المباركة والتى لن تركع وستظل شامخة بإذن الله فقد قال سبحانه وتعالى (وأملى لهم أن كيدى متين) . عزيزى المواطن إن الثورة التى قامت من أجلك ومن أجل كرامتك ومن أجل أبنائك تتألم وصدقنى إنها لا تتألم من تلك المكائد التى تحاك ضدها فهذا أمر طبيعى وهى تعلمه جيداً ومستعدة له لكن ما يؤلمها حقيقة هو أنت .. أنت لا غيرك فهى كالأم التى ضحت من أجل أبنائها ولم تجد منهم إلا الجحود وإنكار الجميل . لقد وصلت بنا الثورة إلى مفترق الطرق إما أن نتوحد معها ونشد من عضدها حتى تنتصر فتحقق لنا الحرية التى حلمنا عقود طويلة وإما أن ترحل فننهزم ونعد إلى ما كنا عليه من ذلٍ وهوانٍ أسوأ مما كنا عليه فإنظر ماذا أنت فاعل بعد الذى علمته الآن ؟ مصر أمانة بين يديك . (يخطئ من يظن أن الثورة فى الميدان فقط) الثورة مستمرة