أتمني من أعماق القلب لو أن قداسة البابا شنودة وفضيلة شيخ الأزهر الشريف الشيخ طنطاوي قررا إعلان هدنة يتوقفان خلالها عن الأحضان والسلامات والمراحب والقبلات علي أن نستبدل هذه المظاهر التي لا تودي ولا تجيب بمناظرة علنية يتم خلالها مناقشة أسباب الاحتقان الذي لا ينتهي بين أبناء الوطن الواحد، والحق أقول إن هناك ظلماً بيّناً وقع علي نسيج الأمة القبطي تمثل في هذه العقبات التي تعترض ترميم كنيسة أوإنشاء أخري، بالإضافة إلي تمثيل الأقباط في المجالس النيابية والمواقع الحساسة في الدولة، وبالتأكيد أهل مصر جميعا متساوون في المواطنة وانتماء أي مصري إلي هذه الأرض لا جدال فيه، فالمصري المسلم يبذل الغالي والرخيص من أجل حبات الرمال في صحراء مصر، والشيء نفسه أيضا سيفعله وفعله من قبل المصري القبطي، لقد سالت دماء المصريين أقباطاً ومسلمين علي أرض سيناء طوال فترة الصراع العربي - الإسرائيلي، ولم يفرق الموت ما بين مصري قبطي ومصري مسلم، لقد عشنا معا فوق هذه الأرض الطيبة وسنموت جميعا ويحتوينا ترابها المقدس، ولكن هناك بعض المشكلات علي الجانبين ينبغي أن نناقشها حتي نجد لها الحلول، أما حكاية البوس والأحضان و«اتفضل خمسة» فهذه أمور أشبه بالضحك علي الذقون، مثلا هناك مشكلة شديدة الخطورة تمثلت في وجود تنظيم يعمل علي تنصير الفتيات المسلمات، وقد نجح أعضاء هذا التنظيم في بلوغ أهدافهم حتي تمكنت أجهزة الأمن من القبض عليهم، وهذه المسألة قد تجرنا للخلف كثيرا وبالتأكيد ستفتح براكين للغضب لن يستطع أحد أن يقف أمامها وعلي العقلاء من الجانبين التدخل السريع والحاسم لوقف مثل هذه الأعمال التي تهدف إلي إحراق الأخضر واليابس علي أرض مصر، لأن رد الفعل سيكون غير مأمون العواقب، وعلينا أن نتذكر دائما أن المصائب العظمي تأتي من مستصغر الشرر، وقد جرتنا حادثة اعتداء من شاب أهوج علي فتاة صغيرة إلي مذبحة عيد الميلاد التي كان بطلها «الكموني»، وقامت الدنيا وبالتأكيد لن تقعد وحدث هيجان لدي أقباط المهجر وارتفعت أصوات تطالب بتدخل دولي من أجل الحفاظ علي أرواح الأقباط في مصر.. وكأن الهجوم علي ممتلكات الأقباط وأرواحهم أصبح عملية منظمة يشترك فيها الناس وأجهزة الحكومة أيضا.. بالتأكيد هناك حاجة غلط ونحن في حاجة لمعرفتها ومناقشتها وحلها علي الطريقة المصرية وبلا تدخل من أحد ولا حتي هؤلاء الذين يسمون أنفسهم «أقباط المهجر» ويستعينون بالأجنبي لحل خلافات داخلية.. إن مصر التي شهدت تعايشا للأقباط والمسلمين علي مدي خمسة عشر قرناً من الزمان وأهدت الإنسانية أرفع العلوم والحضارات ليست عاجزة عن حل مشاكلها ولكن لابد أولا أن تكون النوايا خالصة، وأن يستمع الطرفان إلي صوت العقل، وأن ينتحي المتطرفون جانبا ويتركوا أصحاب العقول المنيرة بيحثون عن جذور المشكلة، ويقترحون لها الحلول المناسبة، وبالتأكيد سماحة أصل مصر أقباطاً ومسلمين وحكمتهم وعصير التجارب التي تعود إلي أكثر من سبعة آلاف عام قادرة علي استيعاب كل هذه المشاكل والحوادث التي سرعان ما تذوب عندما يوحدنا هدف قومي وطني.. لقد كانت مباريات منتخب مصر نموذجا أمثل حول اجتماع أهل مصر حول هدف وطني ولعل حكومتنا الرشيدة تأخذ من مسيرة المنتخب الوطني القدوة والمثل وتطرح أفكاراً وأهدافاً تجمع المصريين ولا تفرقهم.. توحدهم حول حلم.. تسعي معهم خلف أمل تماما مثلما فعل العظماء من قادة هذا الوطن من أول محمد علي باشا حتي جمال عبد الناصر، ويكفي أن آخر أحلامنا العظيمة التي تحققت بفضل أهل مصر شعبا وجيشا كان انتصار أكتوبر العظيم.. فهل جفت الأحلام ووئدت الآمال؟ .. السؤال موجه إلي حكومة الحزب الوطني الديمقراطي السعيد.. ونحن في انتظار الرد.. و.. قد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي!