كانت جريمة الداخلية فى حق خالد سعيد سببا رئيسيا فى قيام الثورة، وكذلك كان اختيار يوم 25 يناير معبرا عن الرسالة المراد توصيلها لرجال الشرطة فى عيدهم، غير أن ما ارتكبوه خلال عام كامل –بعد الثورة-من انتهاكات ربما تخطى حدود المعقول فأدهشتنا جرأتهم على قنص العيون والإدعاءات زورا بمحاولات الثوار اقتحام وزارة الداخلية وتهديد أمن البلاد، قبل أن يصل بهم الأمر لتسهيلهم قتل 75 مصريا، راحوا غدرا تحت إشراف "باشوات" الداخلية.. وفى كل حدث نجد أن "الكذب" هو سيد الموقف فالجريمة قائمة والقتلة معروفين والشواهد مثبتة ورغم ذلك لا يعاقب أحد ويكون الرد هو مجموعة من الأكاذيب والإدعاءات التى تحول الجانى إلى "ضحية"! القناصة
مفيش قناصة! كانت هذه هى كذبة الداخلية الأولى ففى تمام السابعة من مساء يوم 28 يناير 2011 ، دخل الثوار ميدان التحرير بعد سقوط مئات من الشهداء وآلاف من المصابين برصاص الشرطة، ظنوا بعدها أنهم فى طريقهم للاحتفال بدخولهم للميدان، إلا أنهم فوجئوا بمواجهة جديدة ولكن هذه المرة من طرف "خفى" وقع بسببه العديد من الشهداء غدرا قبل أن يكتشف الثوار أن القتلة هم مجموعة من "قناصى" الداخلية اعتلوا أسطح الجامعة الأمريكية ليطلقوا رصاصهم صوب صدور المتظاهرين.
تداول بعدها النشطاء على الانترنت العديد من الفيديوهات التى تؤكد وجود القناصة غير أن ذلك لم يمنع قيادات الداخلية-الذين فروا يومها تاركين مصر لمواجهة المجهول- من إنكار ذلك وخرج علينا اللواء محمود وجدى وزير الداخلية فى وزارة أحمد شفيق مؤكدا إنه "مفيش قناصة"، وبعد مرور نحو عشرة أشهر كاملة كان الظهور الثانى ل"قناصة" الداخلية خلال أحداث محمد محمود تمكنوا وقتها من تصفية أعين الثوار وخرق أجسادهم بالرصاص، ورغم أن هذه الأحداث مثبتة بالصوت والصورة، خرج اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية حينها معلنا عدم وجود إدارة خاصة بالقنص فى الوزارة لكنه أكد أيضا أن الأمر يقتصر على وجود ضباط بجميع قطاعات الوزارة ومديريات الأمن المختلفة، حصلوا على فرقة القناصة، وتتم بالتنسيق مع القوات المسلحة، مشيرا إلى أنه خلال 41 عاماً لم يحصل على فرقة القنص سوى 1366 ضابطاً.
ظل البعض مصرا على تصديق كلام المسئولين مكذبا عينه، إلى أن خرج العلامة فريد الديب مدافعا عن المخلوع بقوله: "إن القانون المصرى يسمح باستخدام القناصة والسلاح لفض المظاهرات وأعمال الشغب، والتجمهر بالقوة".
اقتحام وزارة الداخلية
توقف الاشتباكات و تراجع المتظاهرين إلى شارع محمد محمود بعيدا عن مبنى وزارة الداخلية.. كانت هذه هى شهادة مراسل إحدى محطات الإذاعة المصرية على الأحداث الأخيرة التى وقعت بعد مذبحة بورسعيد، والسؤال هو إذا كان شارع محمد محمود بعيدا عن وزارة الداخلية فلماذا تم قتل 45 مصريا وإصابة أكثر من ألفى من بينهم 300 إصابة بالعين خلال أحداث شارع محمد محمود زعما من "باشاوات" الشرطة أن المتظاهرين يهددون هيبة الدولة محاولين اقتحام الوزارة، رغم وجود المتظاهرين فى بداية الشارع، حتى أن الجدار العازل الذى وضع بعد 6 أيام كاملة من الأحداث يبعد عن الوزارة بشارعين كاملين.
تمكنت نغمة هيبة الدولة من السيطرة على تهييج الرأى العام ضد المتظاهرين ، إلا أن البعض لا يتذكر أنه فى الرابع والعشرين من شهر أكتوبر الماضى اعتصم المئات من أمناء الشرطة أمام مبنى وزارة الداخلية مباشرة هزوا وقتها أسوار الوزارة وأكدوا أن مطالبهم مشروعة وأنهم مستمرون في الاعتصام المفتوح حتي تتحقق جميع مطالبهم، وتسببت المظاهرة فى إغلاق جميع مداخل ومخارج الشوارع المؤدية إلي وزارة الداخلية، وافترشوا الأرض بالبطاطين وقاموا بتعليق بعض لافتات ضد وزير الداخلية –منصور العيسوى حينها-ومساعديه.. ولم يكن ذلك تأثيرا على هيبة الدولة!
طبعا ليس هناك من يبرر الهجوم على أى منشأة عامة كانت وزارة الداخلية أو غيرها، لكن الغريب أنه قبل أقل أسبوعين، وفى الذكرى الأولى للثورة امتلىء ميدان التحرير بأكثر من مليونى متظاهر، لو كانوا ينوون اقتحام الوزارة فعلا لفعلوها، غير أن كل ادعاءات الشرطة بمحاولات المتظاهرين الهجوم على مبنى الوزارة هى محض افتراء لأنه خلال أحداث محمد محمود مثلا تم عمل أكثر من سبع هدنات بين الشرطة والمتظاهرين قام بالوساطة فيها شيوخ أزهر ونشطاء وسياسيين وفى كل مرة تنتقض الهدنة من قبل الشرطة، وهو الأمر الذى تكرر فى الأحداث الأخيرة، من قيام بعض السياسيين بالوقوف بين المتظاهرين وقوات الأمن لوقف العنف وبالفعل يستجيب الثوار غير أن الشرطة تعاود الضرب دون أى مبرر، وتعود مرة أخرى أكذوبة "مفيش" ولكن هذه المرة "مفيش خرطوش" رغم إعلان وزارة الصحة عن وصول عدد الوفيات جراء تلك الأحداث إلى 8 أشخاص، وقد سجل النائب مصطفي النجار شهادته على ذلك بقوله: أشهد الله ان الحقيقة هى اختراق الخرطوش لأجساد المصريين وعلى من ينكرون ذلك الذهاب الى القصر العينى ومراجعة أشعات المصابين ليتأكدوا من الحقيقة.
مذبحة بورسعيد
تحت سمع وبصر رجالات الشرطة تم قتل 75 مصريا فى مدرجات ستاد بورسعيد من دون أن يحرك ذلك فى قوات الأمن ساكنا، بعد أن فتحت أبواب المدرجات لنجد أن جمهور المصرى كاملا موجودا فى أرض الملعب بينما تتم سفك دماء الألتراس فى المدرجات على أيدى بعض البلطجية السفاحين، فى عملية مدبرة لتصفية الألتراس المهاجم الأول لفساد الداخلية، وكان رد الفعل الوحيد من جانب قوات الأمن هو تصوير الأحداث بهواتفهم المحمولة!.
البعض يرى أن اتهام الشرطة بالتواطؤ فى الأحداث هو جزء من "نظرية المؤامرة" التى لا يؤمنوا بها، وحاولوا تبرئة ساحة الشرطة من حتى "التخاذل" فى المذبحة مبررين ذلك بإنه لو كانت الشرطة قد تدخلت لفض كل هذا العدد الذى رأيناه فى أرضية الاستاد لوصل عدد الضحايا إلى المئات، ووقتها كان سيخرج علينا من يتحدث عن حقوق الإنسان وحق التعبير عن الرأى، غير أن أصحاب هذا الرأى ربما لا يتمسكوا به بعد أن يسمعوا شهادة محمد يونس مدير هيئة ستاد بورسعيد عن الترتيب للمجزرة، الذى أدلى بها فى مداخلة هاتفية على إحدى القنوات الرياضية، والذى أكد أنه قام بتسليم جميع مفاتيح أبواب ستاد بورسعيد صباح يوم المباراة على غير المعتاد لكنه امتثل لتعليمات مدير الأمن الذي أكد له أن ذلك الإجراء لمزيد من الدواعي الأمنية، وأوضح أن إطفاء أنوار الملعب عقب كل مباراة للمصري في الاستاد لا يتم كما حدث عقب نهاية لقاء الأهلي، مشيرا إلى أن العادة هو إطفاء الأنوار بشكل تدريجي وبعد فترة ليست بالقليلة عقب انتهاء المباراة، لكن الأمن طلب منه خلال هذه المباراة بقطع التيار بشكل كامل فور اطلاق الحكم صافرته معلنا انتهاء المباراة!
وبالنسبة لبوابات الخروج التى تم إغلاقها فى وجه مشجعى الأهلى ليكون "الكمين" منصوبا بحنكة، أكد مدير الاستاد أن الأبواب تم لحامها وأن اللحام الذي أكتشف وجوده على الباب الخلفي لمدرج جمهور الأهلي لم يكن موجودا قبل يومين من المباراة كما تردد ولم يكن موجودا حتى صباح يوم المباراة لأنه عندما سلم المفاتيح للأمن كان غير موجود، مشيرا إلى أن هذا اللحام أعاق خروج جمهور الأهلي مما تسبب في سقوط عدد كبير منهم ما بين قتلى ومصابين، قبل أن يختم كلامه متأسفا عن الأحداث وأنه عندما نفذ تعليمات الأمن لم يكن يعلم أن أرواح الأبرياء ستكون ضحية لهذا العمل الاجرامي.