..في 18 من فبراير 2009 خرجت من سجني وسط زخم كبير من التوقعات والآمال والاحتمالات . في 19من فبراير 2010 يعود الدكتور محمود البرادعي لوطنه. وسط زخم كبير من التوقعات والاحتمالات. ..عام من كسر حاجز الخوف المتبادل!! الذي ضربنا أول فأس فيه عام 2005ومازلنا وسنظل إن شاء الله. الخائفون يفتحون شهية الطغاة، ليطعنوا أكثر وليستبدوا أكثر وأكثر!! والشجعان يقاتلون الظالمين فإذا استشهدوا أو أصيبوا أو خارت بعض قواهم تحت وطأة ضربات أمن وإعلام وعصابات المستبد حل مكانهم أحرار آخرون فإذا تعبوا أو اشتد احتياجهم لاستراحة محارب حل محلهم غيرهم. وهكذا إلي أن ترتفع رايات الحرية وتدك حصون الاستبداد وتخور قوي الطغيان فيستسلم لإرادة الشعب واختياره ويغرب عن سماء الوطن. الخائفون من بطش النظام يستسلمون !! والأحرار يقاومون!! الخائفون يحنون رءوسهم للسيوف تقطع رقابهم وينحنون للسياط تمزق ظهورهم.. والأحرار يحاربون كي ينتزعوا السيوف والسياط من أيدي الجلادين، وهذه هي المعركة الكبري والأصعب!!. بالطبع ستكون إصاباتهم أكبر وجروحهم أعمق مما لو كانوا اكتفوا فقط بمحاولة تفادي الضربات أو الالتفاف حولها أو الهروب منها «علي طريقة محمد علي كلاي» لكن معاركة النظام ومحاولة انتزاع سياطه ونزع أظافره و كسر أسنانه هي المعركة الأشرف والأشرس والأكثر جدوي في إدراك الأهداف وتحقيق النتائج في نهاية الأشواط. الفارق بين معاركة النظام والاختلاف معه، أو معارضته كالفارق بين لاعب الملاكمة ومدرب الملاكمة!! المدرب ينفعل خارج الحبال فيسدد الضربات النموذجية «لكن في الهواء!! يصيح ويصرخ، لكن كل هذا خارج الحلبة ،كل ضرباته قد توحي للاعب وتفيده لكنها لا تتحول أبداً إلي نقاط تصنيف أو تخصم من نتائج الأشواط!!. اللاعب قد يُضرب.. قد يصاب في وجهه.. قد تسيل الدماء من شفتيه أو من بين أسنانه.. قد يسقط علي الحلبة ويبدأ الحكم في العدد العكسي له أو عليه قد يتصور الجمهور أنه لن يقوم ثانياً أبداً، لكنه يقوم ويعاود دوره لأنه هو الذي يسدد الضربات للخصم والذي يجهده أحياناً بامتصاص ضرباته وتركيزه وإفشال خططه!! مدرب الملاكمة يلعب هو الآخر دوراً مهماً من خارج الحلبة، في حسم المعركة داخل الحبال، لكنه لا يلبس القفاز وقد لا يعفر يديه بملامسة جسد الخصم وقدميه بتراب الحلبة، وقد لا يسدد ضربة واحدة في وجه الخصم أو جسده لكنه أيضاً لا يحتمل ضربة واحدة في وجهه أو جسده!!!. محمد علي كلاي كان بطل العالم في الملاكمة للمحترفين وكان الأكثر شعبية في عالمنا العربي والإسلامي الذي لم ينتم إليه فعلياً أبداً، وكان تايسون ملاكماً يضرب ويُضرب من أول لحظة في أول جولة حتي آخر لحظة في آخر جولة، بينما كلاي كان راقصاً فنيا يقضي معظم أوقات المباراة في الهروب ثم الهروب ثم الهروب وبينها يسدد بعض اللكمات أملاً في أن تصادف إحداها لحظة خلل في توازن الخصم فيفوز كلاي بالضربة الفنية القاضية ..يتحرك كالفراشة ويلدغ كالنحلة. يبقي كلاي بطلاً أسطورياً ويبقي تايسون بطلاً أسطورياً ولكل منهما مدرسته وأثره وأنصاره ومشجعوه!!. مصر -الآن- في حاجة إلي معارضة شجاعة لكنها أكثر في حاجة إلي بدائل أكثر شجاعة في خوض معركة التغيير بتقديم البديل وليس فقط نقد الواقع!! النظام لا يضيق بالمعارضة ويحتمل أحياناً المعارضة الشجاعة لكنه يقتل البدائل! لأنها المهتمة بانتزاع سياطه وتجريده من أدواته بدلاً من نقدها وقدحها فقط. أهلاً ومرحباً اليوم بالدكتور البرادعي الذي نراه رقماً صعباً في المعادلة المحلية المصرية، ونتمناه لاعباً وليس فقط مدرباً ..بديلاً وليس معارضاً!! تايسون وليس محمد علي كلاي.. أهلاً بالدكتور محمد البرادعي شريكاً وليس منافساً.. دبلوماسياً يدخل السياسة وليس سياسياً بدبلوماسية مؤمناً.. بأن المعركة القادمة ليست سهلة لكنها أبداً ليست مستحيلة. مستعداً أن ينتظر رنة تليفون في الخامسة صباحاً من أحد أنصاره يبلغه فيها باحتجازه أو اعتقاله بذات القدر من الاستعداد لتلقي رنة تليفون الساعة الثامنة صباحاً من قصر العروبة. هكذا يمكن أن تكون علاقة البرادعي الجديدة بمصر.. زواج عن حب وليس جواز صالونات!!.