حضور وفد من جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة، احتفالات الكنيسة الأرثوذكسية بعيد الميلاد المجيد، الجمعة الماضي، كان لافتا، خصوصا أن هذا الموقف جاء مخالفا، لموقف حزب النور السلفي الرافض للمشاركة في الاحتفالات، أو تهنئة الإخوة المسيحيين بعيد الميلاد، بإعتباره مناسبة عقائدية. لكن الاستحسان الذى لاقاه موقف الإخوان، من احتفالات عيد الميلاد، سرعان ما تبخر، عندما عُلم أن سيناريو مشاركة الإخوان جاء متسقا مع دراسة لقسم النشر فى الجماعة، يوصى بتهنئة غير المسلمين بأعيادهم، دون الاشتراك فى طقوسهم الدينية. مشاركة وفد جماعة الإخوان وحزبها، فى احتفالات عيد الميلاد الذى أقيم فى الكاتدرائية الكبرى فى العباسية، كان محط أنظار كل الوفود والشخصيات التى حضرت القداس. الجميع راقب أعضاء «الوفد» وتحركاتهم ، وكان ملحوظا أن مشاركة الإخوان تمت وفق سيناريو، اتضحت ملامحه بعد انتهاء الزيارة، وبدا واضحا أن الإخوان كانوا حريصين على تقديم التهنئة إلى البابا، قبل بداية القداس، ثم الانصراف سريعا، بمجرد بدئه. وهو ما ربطه البعض بفحوى الدراسة التى أعدها الشيخ عبد الخالق شريف، مسؤول قسم النشر فى جماعة الإخوان المسلمين، عن حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، عن فتوى أصدرها الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، تؤكد أن الإسلام لا يمنع المسلمين من تهنئة المسيحيين بأعيادهم، لكن دون اشتراك المسلمين فى الطقوس الدينية للمسيحيين. الكاتب محمد عبد القدوس كشف عن أن «حضور الوفد مبكرا، قرابة الساعة الثامنة والنصف مساء» يرجع إلى أنه كان مقررا لقاء البابا شنودة، فى المقر البابوى، وحين ذهب الوفد إلى المقر، أخبرنا الأنبا آرميا، أن البابا يعانى إرهاقا شديدا، وفضل أن تتم تهنئته وقت القداس، وعلى الفور انتقل وفد الإخوان إلى القاعة الكبرى، وانتظر وصول البابا الساعة العاشرة تقريبا، بعدها دخل فريق المرتِّلين، وبدؤوا فى ترتيل التسابيح الكنسية، فهمَّ وفد الإخوان بالانصراف، لكن الأنبا أرميا، استوقفهم مؤكدا لهم أن القداس لم يبدأ بعد، فعاد وفد الجماعة، كل فى مكانه، حتى انتهت التراتيل، وعند دخول البابا، استأذن الوفد، الأنبا آرميا فى تهنئته، فأذن لأعضائه، فصعدوا إليه، وهنؤوه، ثم مكثوا قليلا فى مقاعدهم وانصرفوا سريعا، ليستكمل البابا شنودة الثالث القداس». موقف حزب النور من تهنئة المسيحين بعيد الميلاد، لم يتغير، لكن طرأ عليه ارتباك شديد، خلال ال48 ساعة الماضية، بسبب التصريحات التى أدلى بها عاطف عبد الغفور، شقيق الدكتور عماد عبد الغفور، رئيس الحزب، من داخل الكاتدرائية، خلال احتفالات عيد الميلاد. فى البداية زعم عدد من أعضاء الحزب أن عاطف يدّعى أخوة رئيس الحزب، وأنه لا يمت له بصلة قرابة، من قريب أو بعيد، ثم تراجع الحزب بعد ذلك، وأعلن أنه بالفعل شقيق رئيس الحزب، لكنه ليس عضوا به، وأن رأيه لا يمثل موقف الحزب، الرافض للمشاركة فى الطقوس الدينية لغير المسلمين مع الحفاظ على المشاركة في المناسبات الاجتماعية فقط.