قالت شبكة الصحافة الدولية «إنتر برس سيرفيس»: إن الصحافة الخاصة في مصر نجحت في خلق صحافة أكثر مصداقية وإزالة بعض الخطوط الحمراء التي كانت تقيد وجهات النظر المخالفة للنظام بعد عقود من سيطرة وسائل الإعلام المملوكة للدولة. وذكرت الشبكة في بيان لها أمس أن الحكومة المصرية تواجه في الوقت الحالي مأزقا خطيراً يتمثل في خيارين، وهما إما تخفيف القيود المفروضة علي حرية التعبير، أو مواجهة العواقب المترتبة علي محاولة تكميم الأفواه من اللجوء إلي القنوات الخلفية التي تتمثل في المدونات ومواقع الإنترنت. وأشارت شبكة الصحافة الدولية في تقريرها إلي المقال الأسبوعي للزميل إبراهيم عيسي رئيس تحرير صحيفة «الدستور» والذي جاء تحت عنوان «التزوير من أجل مصلحة مصر!»، والذي قال فيه إن الرئيس مبارك يقوم بتزوير الانتخابات والاستفتاءات «بمنتهي الاستقامة والإخلاص» من أجل ضمان استمراره في الحكم لمدة أطول. وأكدت أن هذه الافتتاحية التي ظهرت في العدد الأسبوعي لجريدة «الدستور» ما كانت لتنشر لولا نجاح «الصحافة الحرة» في إزالة بعض الخطوط الحمراء التي قد تذهب بالصحفي إلي الحبس، وهو الخطر الذي ما زال قائما حتي الآن. وأبرز التقرير أن الصحف الخاصة ضغطت علي الحكومة بشأن القضايا الحاسمة وكشف المخالفات والفساد، واقتربت بشدة من بعض الموضوعات التي كانت محرمة مثل التعذيب الذي تمارسه الشرطة والإصلاح الديمقراطي والخلافة الرئاسية التي تقوم الآن بمناقشتها بصراحة ووضوح. ونقل التقرير عن محمود علم الدين - رئيس قسم الصحافة في جامعة القاهرة - أنه يري أن الصحافة الخاصة شهدت تطورا طبيعيا علي مدي ثلاثة عقود من التحول السياسي والاقتصادي، بدأت بإلغاء الرقابة في عام 1974، ثم التحول إلي نظام متعدد الأحزاب في عام 1977، مما فتح الباب أمام المنظمات غير الحكومية والصحف والمجلات الخاصة. وأشارت «إنتر برس سيرفيس» إلي أن هناك تحولا كبيرا بدأ منذ عام 2000، أرجعه البعض إلي ضغوط الولاياتالمتحدة من أجل مزيد من حرية الصحافة، فمنذ عام 2004 صدرت أكثر من اثنتي عشرة صحيفة مستقلة بتراخيص محلية منها «الدستور» و«المصري اليوم» و«الشروق». وأوضحت الشبكة أنه علي الرغم من أن الصحف الخاصة قد زادت من تنوع المشهد الإعلامي في مصر، فإن هيمنة الدولة علي الطباعة لا يمكن تحديه، فجريدة الأهرام، علي سبيل المثال، توزع ما يصل إلي مليون نسخة يوميا، بينما توزع الصحافة المستقلة مجتمعة أقل من 200 ألف نسخة يوميا. وسلطت الشبكة الضوء علي المفارقة بين نجاح الصحفيين في إزاحة بعض الخطوط الحمراء، و«نكث» الرئيس بالوعد الذي قطعه في عام 2004 بإلغاء عقوبة الحبس للصحفيين في قضايا النشر، مما عرض عدداً من رؤساء تحرير الصحف والصحفيين لمواجهة بعض التهم مثل «إهانة رئيس الدولة» أو «تعريض المصالح الوطنية للخطر».