نفس العنوان ونفس الفقرات ونفس المصادر.. هو دا السطو الصحفي الجديد! سهل جداً أن تسرق، لكن اللصوص معروفون بتمتعهم بقدر جيد من الذكاء الذي يحول دون مسكهم متلبسين، أما التحقيق الصحفي الذي طالعتنا به جريدة الأهرام - أكبر صحيفة قومية - في السابع من فبراير الجاري فيكشف لنا أن السرقة الصحفية باتت مفضوحة، وأن هناك من الصحفيين من يسرق جهد وتعب زملائه بلا خجل وبلا أي جهد في السرقة، مجرد قص ولصق. زميل يعمل بمجلة السياسة الدولية بالأهرام، في أوائل الأربعينات من عمره، انضم إلي نقابة الصحفيين في عام 2001، نشر تحقيقاً بالأهرام اليومي عن أن المصريين أول من دونوا أول نكتة في التاريخ، ومن حظه العسر أن هناك من يقرأ ويتابع، فإذا بزميل فاضل يكتشف أن الموضوع منقول بالنص من موضوع نشرته جريدة الشرق الأوسط اللندنية. الزميل «سارق الموضوع» لم يغير حتي العنوان، معتمداً علي قاعدة أن الناس تنسي، وكله عند العرب «صابون»، الفقرات منقولة بالحرف، حتي حرف العطف في بدايتها، وقد يكون مقبولاً أن تأخذ فكرة من موضوع صحفي، وتعمل علي إعادة صياغته وإنتاجه بشكل جذاب وجديد، لا كما نشره سابقون، أما صاحبنا الصحفي - ذو الأربعين عاماً - فتمرست يداه فقط علي الضغط بأوامر القص واللصق علي لوحة مفاتيح الحاسب الآلي، من مواقع الصحف المختلفة علي الإنترنت. حتي المصادر التي استند لها الزميل في تحقيقه، لم يكف نفسه عناء الاتصال بمصادر أخري غير التي اتصل بها الزميل محمد حسن شعبان في تحقيقه الرائع والأصلي في الشرق الأوسط، ولا أدري ماذا سيكون رد الزميل - سارق الموضوع - إذا ما اتصل به أحد هؤلاء المصادر - وهم قامات فكرية معروفة مثل الشاعر سيد حجاب والكاتب الصحفي صلاح عيسي والدكتور فاروق أبو زيد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة. لم يبذل الزميل «الغراب» مجهوداً في تغيير أسماء المواطنين العاديين الذين تم ذكرهم في الشرق الأوسط، فجاء بهم كما هم، وبكلامهم كما هو، لكنه والحق يقال لم ينقل الموضوع من الألف إلي الياء، فجاء بسطرين من عنده في مقدمة الموضوع، كما تجاهل ما كتبه الزميل محمد حسن شعبان عن رأي الكاتب الصحفي عادل حمودة عن النكتة السياسية. المفاجأة أن «الغراب» عندما وقع، كثرت سكاكينه، فبضغطة واحدة للبحث عن موضوعاته التي نشرها، فتجد الكارثة، أن 22 موضوعاً له منقولين بالنص من جريدة الشرق الأوسط، وموضوعات أخري من مواقع إسلام أون لاين والعربية نت وجريدة الفجر. الواقعة تستحق وقفة، وقفة من مؤسسة الأهرام العريقة التي كان من أول قرارات رئيس مجلس إدارتها الجديد هو رصد مكافأة للسبق والانفراد الصحفي، إلا أن الزميل «الغراب» فهم رسالته بالخطأ، أو أنه علم أنه سيكون هناك جائزة لأفضل سطو صحفي جديد كما هناك جائزة لأفضل سبق صحفي.