لأنها تعترف بالثورة، تدعم الثوار وتدافع عنهم، وتنبثق عن حقوق الإنسان التي لا تعي السلطة معناها، كان من الطبيعي أن تأخذ نصيبها من القهر والاستباحة ممن لا يعترفون بها، فلن تكون أهم من الدماء المراقة، أو أقدس من الحرمات المستباحة، المراكز الحقوقية والقانونية التي لم تسلم من عبث السلطات، تم مداهمتها وتفتيشها في أحدى صور الهمجية المعتادة من الأمن، في حين تنعم أوكار البلطجية بالأمان. عضو مجلس نقابة المحامين خالد أبو كريشة قال إن ما حدث من مداهمات وتفتيشات وتشويه متعمد للمراكز الحقوقية هو توطئة لسلسلة جديدة من انتهاكات السلطات لحقوق الإنسان، وهو خطوة استباقية لتقويض أي شكل من أشكال الإحتجاج المنتظر حدوثها في الخامس والعشرين من يناير المقبل، مدللاً على ذلك بأن التضييق بدأ بالمراكز التي شاركت في الثورة وساندت الثوار، ما يعني أنه أحد أنواع الانتقام السياسي حسب قوله. "أبو كريشة" أشار إلى أن عمليات التفتيش القضائي تصبح خاضعة للمعايير القانونية إذا انطوت على قرار من سلطات التحقيق قائم على معلومات بوجود مخالفات توجب التفتيش، وفي هذه الحالة تتساوى المراكز الحقوقية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي والمراكز الحرة في الخضوع للتفتيش، وإذا لم يستند التفتيش إلى قرار، فللمحكمة أن تقضي ببطلانه حال طعن المراكز التي تم تفتيشها. عضو مجلس نقابة المحامين أشار إلى أنه من الطبيعي للنظام الذي يستبيح دماء أبنائه ويستهين بحقوق الإنسان لتثبيت أركانه أن يستبيح المنظمات والمراكز الحقوقية، لافتاً إلى أن التمويل الأجنبي الذي يعد الآن تهمة هو ما كان يعيش عليه النظام السابق في صورة مساعدات ومِنَح. من جانبه الناشط الحقوقي حمدي الأسيوطي قال إن ما حدث مع بعض المنظمات والمراكز الحقوقية والقانونية يعد تجاوزاً سافراً وانتهاكاً من الأمن، حتى إذا كان التفتيش سليم من الناحية القانونية ولا التباس فيه، رغم الإختلاف على التحفظ على بعض العاملين به، إلا أن توقيته يثير الريبة وينم عن وجود علاقة بمخاوف الأمن مما يمكن أن تقدمه المنظمات الحقوقية من دعم للثوار، لاسيما مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لثورة 25 يناير. "الأسيوطي" أكد أن القضية ليست وطنية بالمرة، ولكنها انتقاماً وتعسفاً بيّن ضد المؤسسات التي وقفت إلى جانب الثورة، لافتاً إلى أن الاتهامات السابقة لعضو المجلس العسكري اللواء حسن الرويني للمنظمات الحقوقية بالحصول على تمويل خارجي لتخريب الدولة ليس لها أي أساس من الصحة، لأن كافة تلك المراكز تهدف للدفاع عن حقوق الإنسان بشكل لا يخالف القانون، وأن هذه الفعلة هي محاولة فاشلة لإثبات تلك التهم.