قالت مصادر قضائية إن عدة قوات مشكلة من أعضاء في النيابة العامة، ووزارة الداخلية، اقتحمت بالتزامن عددًا من المراكز الحقوقية، لتفتيشها، صباح الخميس، هي المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، والمعهد الديمقراطي، والمعهد الجمهوري، وتحفظت على الموظفين والعاملين، وذلك على خلفية التحقيقات حول مصادر تمويل هذه المراكز، فيما اعتبر حقوقيون بارزون هذه الخطوة «تكميم للأفواه» وحرب معلنة على حقوق الإنسان من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وأفاد شهود عيان إن المراكز اقتحمت بالتزامن، وأن كل قوة ضمت 3 من القضاة و15 فردًا من الشرطة. وقالت مصادر قضائية إن تلك الخطوة جاءت بعد أن تلقى قضاة التحقيقات تحريات ومستندات بنكية تؤكد أن تلك المنظمات الحقوقية تلقت أموالاً من دول أجنبية بينها قطر والكويت وايران و امريكا، حيث أفاد المصدر أن التحريات أشارت إلى أن أرصدة تلك المنظمات المالية فى البنوك ارتفعت. وهو ما جعل القضاه يتوجهون بشكل مفاجاء إليها بحثا عن أي مستندات أو أموال قد تساعد قضاة التحقيق فى القضية. من جانبهم، أدان حقوقيون مداهمة المراكز الحقوقية واعتبروه عودة إلى ممارسات النظام السابق الذي أسقطته ثورة 25 يناير، وتحدثوا عن معاملة سيئة من قبل أعضاء النيابة العامة ورجال الشرطة، خاصة وأنهم لم يوجهوا أي تهم واكتفوا بتفتيش المقار ومنع الموجودين فيها من المغادرة. وقال شهود عيان إن قوات الأمن طلبت من المتواجدين داخل تلك المقار أن يلتزموا أماكنهم، ريثما ينتهون والقضاة من تفتيش المقار، وأنهم عقب الانتهاء من عملهم سيغادرون المكان, وهو ما اعتبرته المراكز الحقوقية انتهاكا لهم وعودة الى نظام امن الدولة السابق، وهدد أصحاب هذه المراكز برفع دعاوى أمام المحاكم الدولية. وكانت فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط التعاون الدولي، أحالت إلى المستشار عادل عبد الحميد، وزير العدل، تقريرًا بقيمة القرض الذي تم تحويله من هيئة المعونة الأمريكية، بقيمة 40 مليون دولار، لتمويل منظمات المجتمع المدني فى مصر، بالإضافة لمنظمتي «نيد» و«رير» الأمريكيتين، فى الوقت الذي تبين فيه أنهما غير مصرح لهما بالعمل فى مصر، وذلك تحت بند «دعم الديمقراطية فى مصر». وأوضحت المصادر الى أن وزير العدل تلقى أرقام تحويلات قيمتها 70 مليون دولار، لجمعيات مجتمع مدني، من مؤسسة قطرية، لمصلحة جمعية أنصار السنة المحمدية، بتاريخ 12 فبراير الماضي. بالإضافة إلى مبلغ 114 مليونا و493 ألفا و 643 جنيها من جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت لصالح جمعية أنصار السنة المحمدية، ومبلغ 296 مليون جنيه لجمعية محمد علاء مبارك، والهيئة القبطية الإنجيلية، منه 86 مليونا و150 ألف جنيه من دولة الإمارات بتاريخ 2 سبتمبر 2011، وبعدها بيومين تم تحويل 29 مليونا و200 ألف جنيه من مؤسسة إماراتية بأبوظبى، و28 مليونا و450 ألف جنيه بتاريخ 2 أبريل الماضي، من دولة قطر. وذلك بالإضافة إلى مبلغ 155 مليونا و734 و633 جنيها من جمعية «كاريتاس» بتاريخ 21 فبراير الماضي، لجمعية محمد علاء مبارك. كما رصد التقرير الذي تلقاه وزير العدل، تحويل 31 مليون دولار إلى منظمة «نيد» بتاريخ 11 مارس الماضي. وقال ناصر أمين، مدير المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماه، ل«المصرى اليوم»، إن 3 من أعضاء النيابة المنتدبين من قاضى التحقيق برفقة قوة من العلميات الخاصة وضباط مباحث، قاموا باقتحام المركز وقاموا بعلميات تفتيش للملفات وأجهزة الكمبيوتر». وأضاف أن «أعضاء النيابة لم يوجهوا أي تهم حتى الآن، مكتفين بالقول إنهم يتبعون اللجنة التى تم ندبها من قبل قاضى التحقيق فى قضية التمويلات الأجنبية». واشار أمين إلى أنه لم يتم استدعاؤه من قبل قاضى التحقيق أو أى جهات للرد على حول ما أثير مؤخراً من تلقى المكز تمويلات أجنبية. وعلمت «المصرى اليوم» أن القوة المرافقة مع اللجنة قامت بالتفتيش فى ملفات وأجهزة الحاسب الآلى، وهو ما أثار استياء العاملين فى المركز حول مدى قانونية ما قامت به القوة المرافقة مع أعضاء النيابة. وأشارت المصادر إلى أنه تم منع خروج أى من أحد العالمين بالمركز والبالغ عددهم ما يقرب من 14 باحث وعامل. وقال جمال عيد، مدير الشبكة عربية لملعولمات حقوق الإنسان، إن قوة من وزارة الداخلية وأعضاء بالنيابة العامة يحققون فى قضية تمويلات منظمات المجتمع المدني، قاموا بإقتحام 4 مراكز حقوقية، وما زالت تمارس علميات التفتيش. وأكد عيد أن القوة تعاملت مع موظفى المراكز الثلاث بأسلوب «غير لطيف»، كما تم احتجازهم داخل المركز دون سند قانونى. وأضاف «لقد تم القبض على ناس كتير ولم يصلنا عددهم إلى الآن، وتم إقتحام مؤسسات أخرى لا نعرفها حتى الآن»، مشيراً إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يشن حالياً حملة ضارية ضد منظمات حقوق الإنسان لإنتقادها المسامر لانتهاكاته لحقوق الإنسان، واصفاً الأمر ب«سياسة تكميم الأفواه». واعتبر المحامي أحمد سيف الأسلام حمد، مدير مركز هشام مبارك للقانون، أن المجلس العسكرى يشن حملة ضارية على منظمات المجتمع المدنى منذ شهور طويلة بهدف القضاء على «الألسنه الحرة فى المجتمع المصرى». وأضاف «علينا التحرى فى مسألة استناد التفتيش إلى الإذن النيابى، إذا كان التفتيش واقتحام لم يتم بإذن كتابى من النيابة العامة فإن وزارة الداخلية ارتكتب خطأ قانونيا فادحا يستوجب المحاسبة». ولفت إلى أن نية المجلس العسكرى فى تكميم أفواه المنظمات الحقوقية مراكز حقوق الإنسان بسبب فضحها للإنتهاكات التى تم بحق متظاهرى التحرير والتى كثرت فى الآونة الأخيرة.