لقطة لم ولن أنساها في فيلم " القلب الشجاع " لميل جيبسون حين أخذ عهداً من أحد النبلاء الاسكتلنديين والذي كان يؤهله أبوه ليرث العرش على إحدى المقاطعات .. دخل وليام والاس المعركة وقلبه زي الحديد ، مطمئنا ان من عاهده سيعزّزه ويقوّيه ، وحين وقع عن حصانه بضربة شديدة من أحد خصومه الذي كان يغطي وجهه بقناع ..تمكّن والاس من الإمساك به ونزع عنه قناعه ليقطع رقبته .. فإذا به هذا الذي وضع يده في يده وأتمنه على العهد والكفاح. لو كان فريد شوقي في فيلم عربي في هذا الموقف لقطع رقبة هذا الخسيس الخائن للوعد .. لكن ماذا فعل ميل جيبسون وقد هاله الموقف وأفجعه .. بكى بألم شديد وشُلت يداه عن الحركة .. فقط .. لأنه شعر ببشاعة الخيانة حين تأتي من صديق. أذكر في هذا الفيلم حوارا شديد الروعة بين والاس وزميله وهو يهم بالزيارة الأخيرة لمن عاهدوه على المقاومة ، وصاحبه يحذره من الخديعة .. فقال له والاس : وحدنا سنقاوم نعم ، لكننا نحتاج قوة وعضدا .. نحتاج للكثرة .. انأ انسان عادي .. أريد ان أتزوج وأنجب أطفالا أسعدهم ويسعدونني .. لست من هواة الحروب وحمل السلاح والسيوف والنبال .. غير أنك حين تجد نفسك لا مفر أمامك من المواجهة دفاعا عن بلدك .. شرفك وعرضك ، فلا يكون للرجال - وكان يعني الكلمة - خيار أخر غير المواجهة واسترخاص الحياة من أجل حياة أفضل .. من أجل غد جديد .. مشرق ووضّاء. يكاد يكون هذا الإحساس النبيل هو نفسه إحساس ثوار التحرير .. هم في حاجة إلى العزوة والكثرة .. ما كانوا يتمنون أبدا هذا الانقسام المقصود بفعل فاعل بين عباسية وتحرير .. انقسام قد يصل بفعل فاعل أيضا إلى حد التصادم غير المحمود .. ما دام الشيطان ينفخ في الجير ليحرق الجميع .. دون حتى أدنى التفاتة لمن صنعهم ليكونوا في صفه. ومادام الأمرعلى هذا النحو " تحرير وعباسية " فليكن .. وصاحب الحق صوته أعلى بكثير من من يرون الحق ويعمون أعينهم عنه.
دموع والاس في " القلب الشجاع " مزّقت قلب من كان ينوي قتله ، وشعر بالدناءة الشديدة لأنه تخلى عن رجل أعطاه الأمان فخذله وكسر قلبه ، فما كان منه وقد استعاد رشده إلا أن حمى والاس من جحافل أعدائه وألقى به فوق جواده لينجو من فتكهم . والإخوان المسلمون.. " لاحظوا لم أبعد قيد أنملة عن موضوع الفيلم " .. يلعبون لعبة واثق ثقة عمياء أنهم سيخسرونها .. أى شيء يعكر مزاج المجلس العسكري ، يبعدون عنه .. وكأنهم يحمّلونه جميلا، لأنهم يدركون مدى قوتهم في الشارع.. وتخلّيهم عن نداء الواجب و " النحررة " أراه خيانة لمن أعطاكم الأمان وأخذ منكم العهد بعد أن فرش لكم الطريق بالورد ، فلم تتركوا له إلا شوكه .. الإخوان يلعبون سياسة ، والسياسة فيها كل شيء .. مكر وخداع وخيانة وجبن وتخاذل وتغافل عن معنى الشرف.. السياسة شيء واحد .. هدف نصل إليه ولو على جثة مليون شهيد، شريطة أن لا يكون الشهيد منا نحن.. لكن ليس مهما أن تكون التي تم هتك عرضها من الإخوان او مجرد حتى بنت مصرية شريفة .. كل ده مقدور عليه عند الجماعة .. سهل ويمكن تجاوزه تحت مسمى تطويل البال والهدف الاسمي.. لكن السؤال أى هدف أسمى تسعون إليه ؟ .. السلطة آو الحكم المطلق؟ طظ ومليون طظ .. من أعطاكم كل هذه الأغلبية الكاسحة ؟ .. أليس الشعب .. هل أعطاها لكم حباً في سواد عيونكم، أم لتقفوا معه وتحمونه وتدافعون عنه.. أعرف يقينا أنكم لستم من مناصري العباسية ولا تمتون لهم بصلة وتضحكون عليهم في جلساتكم الخاصة ، وتدركون يقينا أيضا ان من هم في التحرير وفيهم شباب إخوان منكم غير مقتنعين بلعبة السياسة " بتاعتكم " .. تعرفون يقينا أنهم على حق .. تعرفون ان المجلس العسكري فشل فشلا غير مسبوق في إدارة شئون البلاد خلال الفترة الانتقالية ، لكنه لا يزال على رأس الحكم وفي يده مفاتيح اللعبة والقوة أيضا ، غير انه في الوقت المناسب وهو قريب جدا - أقرب مما تتخيلون - سيطيح بكم اذا ما استقامت الأمور وذهبتم إليه لنيل الغنيمة ، فلن تجدوا الا الفتات " واذا كان عاجبكم " . مصر لاهى الإخوان ولا هى المجلس العسكري .. مصر هى انا وانت واختي التي تعرّت واختي واختك التانية المنتقبة التي انداست بالجزمة .. مصر أهم من الكرسي والكاب والنجوم .. واللي يخون عيالها يبقى خانها.. ومفيش أبشع من الخيانة. سوف تنجح بإذن الله مليونية جمعة رد الشرف.. " ده حتى اسمها يا أخي يحرك الجبل " .. بيكم ومن غيركم حتنجح ، ولن تكون المليونية الأخيرة .. 25 يناير قرّب جدا وسوف يكون الاحتفال بمشئية رب العالمين حدثا رائعا حين يتأكد نجاح الثورة بما لا يدع مجالا للشك .. لكن ساعتها لو ركبتوها مرة تانية ، فلن يسمح لكم أحد بذلك ، وسوف تدفعون الثمن غاليا ، حتى لو أخذتم كل كراسي البرلمان .. احنا اللي جبناكم وفي لحظة وطرفة عين حنطّيركم. كلمة أخيرة لمن في عقله ذرة عقل ، قالها الجنرال الانجليزي لحاكم البلاد بعد ان مات والاس ، وقبل تنصيب من ظنوا أنه خدعه وقدمه لهم .. فقد التفت إليه وهو على حصانه وقال له : لعلك غسلت مؤخرتك صباحا .. فسوف يقبّلها الآن من أنعمت عليه بعطيتك!!