انزعاج الصحفيين والإعلاميين من التغييرات الحادثة في مصر هو انزعاج الضعيف والفاشل غير القادر على مواكبة الاحداث والارتقاء للحظة التاريخية الهامة التي كتب الله علينا ان نعيشها في مصر وفي العالم العربي. انه الخلود الى الارض والاستكانة لاساليب المهنة الضعفية. بدلا من ان نمد ايدينا كصحفيين لرفعة الوطن وانتشال ابناء وطننا من التراب الى السماء واعلى من السماء، اخذنا نقود حملات التخوين والحض على الكراهية وتقسيم الشعب وضرب بعضه ببعض. وساقنا كبرائنا ورؤساء تحريرنا الى ان نسب ونعلن في كل بيت في مصر. نتخبط من الخوف من المستقبل. ونخشى ان نفقد ما نحن فيه من مزايا وافضلية على باقي ابناء شعبنا. هذا هو الانتحار بعينه. هذا الاعلام يفكك نفسه بنفسه في استمراره في الانفصال عن الناس ومحاولة قهرهم على افكار لا يريدونها. ما فائدة الجوائز الدولية والرفعة العالمية والجمهور لا يريد منا غير الحق. يريد منا ان نخدمه لا ان نتعالى عليه ونطأه باحذيتنا. اصبحنا نحن اهل الإعلام والصحافة اهل فتنة نروج ونصفق لها. وقعنا في بئر من الحقد والكراهية لا نستطيع ان نخرج منه. افترستنا الرشوة وتملق رجال الاعمال وحب المال والظهور والفخر. ونسينا اولادنا ووطننا. واخذنا ننحدر في الاسفاف والعري والسباب والجرائم و"التهديد بالخروج ملط" وتوعد الشعب بالفضحية والعار والهزيمة وغزو العالم لنا. نتعرى من ملابسنا ونحن على مسمع ومرأي من مصابي يناير الشرفاء واهل الشهداء وعلى مرأى ومسمع من اطفالنا وبناتنا بحجة التحرر. بدلا من ان نركع امام شعبنا ليصفحوا عنا عما اقترفنا في العهود البائدة من تلميع الفساد والفسادين وتركنا لدورنا الرقابي واهمالنا لجمع المعلومات الصحيحة وتسجيل التاريخ، اخذنا نهدد ونتوعد ونرغد ونزبد. اين نحن معشر الصحفيين والإعلاميين من شباب التحريرالنبلاء في يناير ممن وقفوا وقفة رجل واحد وغيروا التاريخ ووضعوا اكفانهم على اكفهم؟ اين هي وقفتنا نحن حنى الآن؟ من منا قاد الشعوب الآن؟ بماذا سيذكرنا التاريخ؟ بل اين نحن ممن ضحوا سنوات باعمارهم في اقبية الاضطهاد والقهر في السجون في معارضة انظمة الظلم لانهم اطلقوا لحاهم او قصروا جلبابهم؟ اين نحن ممن ركعوا وسجدوا لله وجبهاهم تذرف الدماء من التعذيب ونحن نتقلب في اغطية تملق الحكام الدافئة في مهنة لم تعد مهنة. اين نحن ممن حرموا من اولادهم وزوجاتهم في غياهب المعتقلات ونحن نأكل ونشرب على موائد الاثرياء ونتغذى على فتاتهم المجاني؟ اين الحقيقة التي يجب ان نسعى لها؟ لماذا كل هذا الكم من الشائعات؟ هل نحن اهل شائعات واباطيل ام اهل تحقق وتثبت؟ من نخدم في الصحافة؟ الشعب ام اصحاب المال؟ ان ما يتم الان في الصحافة العربية والمصرية من المغالة الفكرية في مهاجمة كل تيار للاخر هو قمة خيانة اللحظة وخيانة المهنة. الم يأن لنا ان نضع ايدينا في يد الشعب ونكون حقا منهم؟ ألم يأن ان نبني هذا البلد الذي طال ظلامه وغاب فجره بدلا من ان نهدمه؟ فهذا اكرم من مجد وتصدر مزيف يخلقه الكذب والغيرة وحب الظهور والاضواء والكاميرات. دعونا نكون قطرة ندى في صباح هذه الامة الذي بدأ يبزغ، لا شيطان عريان يسعى في ليلها ليلغي يومها. الم يكن هذا حلمنا؟ الم نكن نريد الحرية للجميع؟ لماذا نريدها لانفسنا فقط؟ ولما نخلد للاسفاف والتراب الآن؟ الكل يسبقنا الكل يسعى ليضع بصمة في خدمة ثرى هذه الامة العظيمة. فيا ايها الصحفيون لا تقلبوا الاية وارجعوا لامانكم الحقيقية في قيادة الامة للخير والرفعة والزود عنها. وانفضوا عن انفسكم تراب الكراهية والحقد ففي كل واحد منا قلم جميل وكاتب عظيم. لا تخرجوا "ملطا، ملطا"، بل اخرجوا "عقلا عقلا".واخرجوا باقلامكم وجاهدوا الظلم واكتبوا الحق واشهدوا لشعبكم حتى تلاقوا ربكم.